الاستثمار في البحث العلمي والتعليم العالي: رؤية تونس لأفق 2035
شدّد رئيس ديوان وزير التعليم العالي والبحث العلمي، مراد بالأسود، خلال استضافته في برنامج "ميدي إيكو" اليوم الخميس 27 نوفمبر 2025، على أنّ تونس راهنت منذ الاستقلال على منظومة التعليم العالي والبحث العلمي.
وأضاف أنّ تونس شرعت منذ سنتيْ 2000 و2001 في هيكلة منظومة التعليم العالي والبحث العلمي، وقد تجاوزت اليوم مرحلة بناء القدرات، لتُصبح منظومة مُهيكلة على مستوى المؤسّسات والباحثين والتمويل والإنتاج العلمي وغيرها.
منظومة التعليم العالي والبحث العلمي في تونس: أربعة مكوّنات أساسية
وأوضح مراد بالأسود أنّ هذه المنظومة تتكوّن اليوم أساسا من أربعة مكوّنات رئيسية، وهي كالتالي:
← أوّلا، التعليم العالي: تضمُ 13 جامعة، وما يزيد عن 200 مؤسّسة تعليم عالي وبحث علمي، وأكثر من 267 ألف طالب في منظومة التعليم العمومي.
← ثانيا، البحث العلمي: مكوّن مهيكل في مخابر ووحدات، يضم نحو 544 مخبرا بحثيا تعمل في جميع الاختصاصات العلمية، وهو ما يُثري البحث العلمي في تونس. كما يوجد أكثر من 40 مركزا بحثيا، وهي عبارة عن مجموعات مخابر تعمل في الاختصاص نفسه، بالإضافة إلى 13 قطبا تكنولوجيا و42 مدرسة دكتوراه.
← ثالثا، هياكل الربط التي تلعب دورا استراتيجيا مهما في الربط بين البحث العلمي الأكاديمي والنسيج الاقتصادي والاجتماعي وخلق حركية بينهما، على غرار الوكالة التونسية للنهوض بالبحث العلمي، ومركز التوثيق الجامعي العلمي والتقني.
← رابعا، العنصر البشري: يُشكّل هذا المكوّن عنصرا أساسيا في قلب منظومة البحث العلمي والتكوين، ويضم نحو 22 ألف باحث يعملون بدوام كامل، منهم 12 ألف طالب دكتوراه، و5 آلاف من المدرّسين الحاملين لخطة أستاذ محاضر أو أستاذ تعليم عالي، المخوّلين لتأطير الأبحاث. ويُعدّ هذا العنصر القلب النابض لمنظومة التعليم العالي والبحث العلمي.
| ميزانية الوزارة لسنة 2026 تتجاوز 2300 مليون دينار |
|---|
وفي هذا السياق، أوضح مراد بالأسود أنّ الميزانية تُغطي أربعة برامج رئيسية، وهي: التعليم العالي + البحث العلمي + الخدمات الجامعية + القيادة والمساند.
وأوضح بالأسود أنّ أهم ما يُركّز عليه في الميزانية هو الاستثمار، أيّ "البناء من أجل الغد". وبالعودة إلى ميزانية الاستثمار لوزارة التعليم العالي، نجد أنّ نسبة البحث العلمي تتصدّر هذه الميزانية بنسبة 50%، وهي نقطة إيجابية تستحق التثمين. حيث يصل التمويل إلى نحو 222 مليون دينار، وقد شهد تطورا ملحوظا خلال الخمس سنوات الأخيرة، حيث ارتفع من 140 مليون دينار إلى أكثر من 222 مليون دينار.
وأكّد ضيف "ميدي إيكو" على أنّ تمويل البحث العلمي لا يقتصر على الدولة فقط، بل يشمل أيضا برامج دولية متعددة، إضافة إلى مُساهمة القطاع الخاص بنسبة ولو صغيرة.
البحث العلمي في تونس.. رؤية استراتيجية لأفق 2035
وتحدّث رئيس ديوان وزير التعليم العالي والبحث العلمي، مراد بالأسود عن دور البحث العلمي كأداة ومحرّك أساسي للتنمية والنمو الاقتصادي، مؤكدّا على أثره المباشر على المجتمع والاقتصاد. وأوضح أنّ تونس انطلقت في هذا المسار، مشيرا إلى أنّه عند تقسيم النشريات العلمية على عدد السكان، تتصدّر تونس المركز الأول على مستوى إفريقيا.
وتطرّق مراد بالأسود في هذا الخصوص إلى الاستراتيجية الجديدة للبحث العلمي والابتكار والسيادة: أفق 2035 من أجل رؤية متعددة الأبعاد للبحث والتجديد.
وكان ملتقى "البحث العلمي والابتكار والسيادة: أفق 2025 من أجل رؤية متعددة الأبعاد للبحث والتجديد"، انعقد أمس الأربعاء، بالشراكة مع برنامج دعم قطاع التربية (OS3- Pase) بتمويل مشترك من الاتحاد الأوروبي ووزارة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية الفيدرالية والذي، تنفذه الوكالة الألمانية للتعاون الدولي GIZ.
الهياكل الوسيطة.. جسر بين البحث الأكاديمي والاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية
وشدّد المُتحدّث على أهمية إنشاء الهياكل الوسيطة لتعمل كجسر بين البحث العلمي الأكاديمي والنسيج الاقتصادي والاجتماعي، نظرا لأنّها تمتلك القدرة على التواصل مع كلا الطرفين بلغة مفهومة لكلّ منهما. وأضاف أنّ هذه الهياكل تلعب دورا حيويا في تقريب البحث الأكاديمي من الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية، لامتلاكها الآليات والخبرات المهنية الضرورية لدعم منظومة البحث العلمي والابتكار.
ونوّه مراد بالأسود إلى أنّ هذه الهياكل قد تكون موجودة في تونس، لكنّها بقيت مهمّشة من حيث الإطار القانوني، وكذلك من حيث العنصر البشري الذي يحتاج إلى تكوين مناسب ليتمكّن من أداء دوره الحيوي في منظومة البحث العلمي والابتكار. وأشار إلى أنّ تونس لم تُنشئ بعد هذا الجسم ليكون حلقة وصل بين البحث العلمي الأكاديمي والنسيج الاقتصادي والاجتماعي، وهو ما يتم العمل عليه.