languageFrançais

10 سنوات من الثورة: ديبلوماسية متأرجحة وأداء متذبذب

تعتبر الديبلوماسية الخارجية بمقتضى النظام السياسي الحالي ودستور الجمهورية الثانية لسنة 2014، من صلاحيات رئيس الجمهورية.  وتختلف توجهات تونس تجاه دول العالم باختلاف رئيس الدولة والإيديولوجيات التي يتبناها والخيارات التي يصوغها غالبا. 

وقد شهدت البلاد التونسية خلال العشرية الأخيرة بعد قيام ثورة 17 ديسمبر 2010/ 14 جانفي 2011 ثلاث رؤى لثلاثة رؤساء مختلفين مع منصف المرزوقي الذي حكم بين 2011 و2014 ثم مع الراحل الباحي قائد السبسي الذي تولى المنصب بين 2014 و2019 وحاليا مع قيس سعيد الذي يتولى رئاسة الجمهورية منذ أكتوبر 2019.
 

وفي هذا المقال التأليفي موزاييك تقدم لكم حصيلة للسياسة الخارجية التونسية خلال العشرة سنوات الأخيرة.

 

تونس وعلاقاتها بالدول العربية


عرفت العلاقات الدبلوماسية التونسية العربية بعد أحداث الربيع العربي تطورات على عدة مستويات حيث ازداد التأثير الخليجي في تونس خاصة من دولتي الإمارات و قطر التي  أصبحت أول مستثمر عربي في تونس بمحفظة استثمار مالي تزيد قيمتها عن 3 مليار دولار.

 

 


كما تعاظم الحضور السعودي في تونس فكانت أول محطات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان العربية في أعقاب مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي بالإضافة إلى إعلان الملك السعودي عن حزمة مساعدات مالية موجهة لتونس بقيمة 850 مليون دولار خلال زيارة رئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد في ديسمبر 2018 وحصول السعودية على تأييد تونس في موقفها تجاه اليمن.


 


قطع العلاقات مع سوريا


من جهة أخرى عرفت العلاقات الدبلوماسية التونسية مع سوريا أثناء تولي منصف المرزوقي رئاسة الجمهورية تحوّلاّ جذريا وتمّ قطع العلاقات الديبلوماسية معها تزامنا مع انعقاد مؤتمر " أصدقاء سوريا" في تونس بمشاركة 60 دولة عربية وغربية في فيفري 2012، وطرد السفير السوري من تونس قبل أن يتم افتتاح المكتب القنصلي التونسي في دمشق في 2015 خلال تولي الباجي  قائد السبسي الرئاسة للتواصل مع 1670 مواطن تونسي سوري بحسب مؤشرات وزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج.


 


تونس تؤكد على حوار ليبي ليبي لحل الأزمة


في 2017 أطلق الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي مبادرة لحل الازمة الليبية بالتنسيق مع مصر والجزائر. وبعد غيابها عن مؤتمر برلين حول ليبيا، احتضنت تونس ملتقى الحوار الليبي في نوفمبر الماضي وتمّ خلاله التوصل إلى الاتفاق على إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في ليبيا في ديسمبر 2021 مع تشديد تونس على انتهاج حوار ليبي ليبي لحل الأزمة ورفضها لأي تدخل أجنبي.

 


 وتعد تونس هي الدولة الجارة الوحيدة التي لم تفرض تأشيرة أمام الليبيين ولم تُغلق حدودها حتى أنه في 2011 قدّم  الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي هبة لفائدة وزارة الصحة بقيمة مليار دينار لاقتناء سيارات اسعاف موجهة لمساعدة اللاجئين على الحدود الليبية التونسية.


تونس وعلاقاتها بالاتحاد الأوروبي


تندرج العلاقات بين تونس والإتحاد الأوروبي في إطار السياسة الأوروبية للجوار التي تم إطلاقها سنة 2004 ويستأثر الاتحاد بالنصيب الأكبر من الهبات الممنوحة لتونس اذ قدم لوحده منذ الثورة إلى حدود 2015 أكثر من 1.7 مليار دينار كما التزم الجانب الأوروبي بمنحها انطلاقا من 2017 وإلى غاية انتهاء مدة تنفيذ مخطط التنمية الوطني سنة 2020، هبة سنوية بـ 300 مليون أورو.

 


تونس وعلاقتها بالولايات المتحدة الأمريكية 


ازدهرت العلاقات الامريكية التونسية خلال ولاية الرئيس الديمقراطي باراك أوباما الذي هنأ تونس على ثورتها والتحول الديمقراطي الذي انتهجته وضاعف أوباما خلال عهده حجم المساعدات المالية لتونس مقترحاً موازنة بـ134 مليون دولار في عام 2015. 


كما منح أوباما تونس صفة الشريك الرئيسي خارج حلف شمال الأطلسي إثر استقباله في البيت الأبيض الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي في ماي 2015 .


في المقابل، سعى الجمهوري دونالد ترامب منذ وصوله إلى البيت الأبيض في 2016 إلى خفض قيمة المساعدات الموجهة إلى تونس وطلب في عام 2020 تخصيص موازنة بـ86.4 مليون دولار فقط لكن الكونغرس رفع من حجم موازنة المساعدات إلى 241.4 مليون دولار. 


كما قدمت الولايات المتحدة سنة 2011 لتونس أكثر من مليار دولار لدعم الجيش التونسي وفق بيان " أفريكوم" صادر في 5 جوان 2020 وزادت المساعدات الامريكية الممنوحة عن 900 مليون دولار لدعم الديمقراطية والأمن والتنمية الاقتصادية في تونس.


تونس عضو غير دائم بمجلس الأمن وسعيد يتغيب عن قمة دولية كبرى


انتخبت تونس بتاريخ 7 جوان 2019 عضوا غير دائم للمرة الرابعة في تاريخها ولأول مرة بعد قيام الثورة لتمثيل الدول العربية والافريقية في المجلس هذا لم يمنع رئيس الجمهورية من التغيب عن  قمم دولية كبرى كانت يعتبرها عدد من الملاحظين فرصة لتحقيق انطلاقة دبلوماسية واستجلاب استثمارات كبيرة لتونس. 

 


شارك رئيس الحكومة يوسف الشاهد في فعاليات المنتدى الاقتصادي الروسي - الإفريقي المنعقد في سوتشي يومي 23 و 24 أكتوبر 2019 والذي يهدف الى تحقيق انفتاح روسيا على التجارة والاستثمار في القارة الافريقية والذي حضره 46 رئيس دولة وحكومة من القارة. فيما غاب رئيس الجمهورية قيس سعيد عن قمة "ألمانيا- أفريقيا للاستثمار " لمجموعة العشرين التي انعقدت في برلين في 19-20 نوفمبر 2019 بحضور 14 رئيس دولة أفريقية وحضرت تونس القمة ممثلة في كاتب دولة والتي أعلنت خلالها ألمانيا عن تخصيص سبعين مليار يورو للاستثمار في أفريقيا.


وشهدت الحركة الدبلوماسية تعطلا لفترة طويلة بوجود 16 سفارة بلا سفير وعلى رأسها فرنسا التي بقيت بلا سفير لأكثر من 9 أشهر قبل أن يتم في 12 ديسمبر الفارط تعيين محمد كريم الجموسي.

* هيبة الخميري