languageFrançais

براءة منتهكة.. والقادم قاتم

مستقبل الغد يرسمه أطفال اليوم.. ولكن أي مستقبل نتوقّع لبلد لا يولي الطفولة الأهمية المستوجبة، بل ويذنب في حقها؟

السؤال يطرح نفسه بقوّة مجدّدا في تونس بعد ما شهدناه ومانشهده من تجاوزات صارخة تطال طفولة لا تملك مصيرها بين يديها في ظلّ عدم تخصيص الدولة لهذه الفئة الهشة ما تستحقه من إهتمام بدءا بدور الحضانة ووصولا إلى المؤسسات التربوية ومراكز الأطفال من ذوي الإحتياجات الخاصة.

ماذا ننتظر من طفل مورست عليه شتى أنواع التجاوزات من حرمان وعنف إلى انتهاكات صارخة لأبسط الحقوق، بل وإلى تحرّش واعتداءات جنسية؟

تطالعنا كلّ يوم أخبار مؤسفة عن تعرّض أطفال وتلاميذ إلى إعتداءات تفوق بشاعة مرتكبيها فيخال لنا أنّنا بلغنا الحد الأقصى ولكن تأتينا الأيام التالية بعكس ذلك، ففي غضون أسبوع واحد شهدنا فواجع بعد أقل من شهر من فضيحة ''مدرسة'' الرقاب مع ما سبقها من الأهوال... وما خفي قد يكون أعظم.

فاجعة الرابطة: 15 رضيعا فارقوا الحياة 

خلال يومي 7 و8 مارس توفي 11 رضيعا في مركز التوليد التابع لمستشفى الرابطة قبل أن يرتفع العدد إلى 15. التحقيقات حول ملابسات الوفاة ما تزال جارية ونتائج التحاليل التي تمّ اجراءها لم تصدر بعد ولكنّ المعطيات الأولية تشير إلى تعفّن سريري قد يكون ناجما عن عدم إحترام قواعد النظافة والتعقيم.

وما يزيد من وطأة المأساة هوّ طريقة تسليم الجثامين لذويهم بوضعهم في علب كرتونية تستعمل كحاويات لمواد غذائية أو غيرها لا تليق بهيبة الموت. 


حصبة قاتلة في القصرين

وتتتالى الأخبار السيئة حيث فُجعت القصرين بوفاة 6 أطفال رضّع أصيبوا بالحصبة من بين أكثر من 620 إصابة شهدتها الولاية منذ بداية العام الحالي. عدد مهول لا ينسينا عشرات الإصابات الأخرى في مختلف ولايات الجمهورية وخاصة بصفاقس حيث أصابت الحصبة  66 طفلا، ولحسن الحظّ دون تسجيل ضحايا.
 

إعتداءات جنسية

ويستفيق الرأي العام في تونس على وقع أخبار مفادها تعرّض 20 تلميذا إلى الإعتداء والتحرش الجنسي من قبل معلّم وزّع جرمه داخل حرمة المدرسة  وفي سيارته وبمنزله حيث كان يقدّم دروس تدارك. 

أغذية فاسدة ومخدرات في محيط المؤسسات التربوية

الأخطار التي تتهدّد الطفولة تأتي أيضا من محيط المدارس أين تباع مواد غذائية فاسدة أو مجهولة المصدر تسبّبت في أحيان كثيرة في تسمم العشرات من التلاميذ. أضف على ذلك  ترويج المخدرات داخل المدارس وخارجها اذ لا يكاد يخلو يوم دون القبض على مروجين أة تفكيك عصابات مختصّة.

بأي حال عدّت يا عيد؟

هول ''مصيبة'' الرابطة جعل وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن تقرّر إلغاء جميع التظاهرات الاحتفالية الخاصة بالعيد الوطني للطفولة لهذا العام، الموافق لآخر يوم سبت من شهر مارس من كل سنة، ولكن هل يصلح هذا ما أفسده التسيّب وعدم حماية الأطفال كما يُفترض أن تكون الحماية. 

وعند كلّ فاجعة ترى المسؤولين والسياسيين يندّدون ويصدعون رؤوسنا بخطابات فضفاضة، ولكن ماذا عندما حان ويحين وقت الجد؟ هم يحذون حذو النعامة  فتراهم يدفنون رؤوسهم في الرمل، ولنا في الجلسة العامة الأخيرة  حول فاجعة الرابطة التي هجرها نواب الشعب، خير دليل. 

* شكري اللجمي