سهى بركات: لا خوف على الوظائف فالذكاء الاصطناعي لا يحلّ مكان الإنسان
شهدت إدارة الموارد البشرية خلال السنوات الأخيرة تحوّلاً جذرياً بفعل التطور السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي، وهو تحوّل لم يعد خياراً تكنولوجياً فحسب، بل أصبح ضرورة استراتيجية لضمان استدامة المؤسسات وقدرتها على المنافسة.
وفي هذا السياق، تؤكد سهى بركات، المدربة والمستشارة الدولية في الموارد البشرية، في تصريح لموزاييك؛ أن الذكاء الاصطناعي بات اليوم أداة محورية في تطوير رأس المال البشري وتحسين الكفاءات داخل المؤسسات.
إدارة المواهب بمنهجيات جديدة
وأوضحت بركات أن إدارة المواهب، أي كيفية تمكين المؤسسات من التحكم الفعّال في مواردها البشرية، وتشمل هذه العملية تحديد الكفاءات المتوفرة، وتقييم مستوياتها، ومعرفة الفوارق بين المهارات المطلوبة والمهارات الحالية، ثم اقتراح برامج تدريب وتطوير تسهم في الارتقاء بالأداء المهني للموظفين.
وأشارت إلى أن الذكاء الاصطناعي يقدم حلولاً ذكية في هذا المجال، من خلال تحليل سريع ودقيق للبيانات، واستخلاص مؤشرات تساعد متخذي القرار على تحديد الأولويات التدريبية وتوجيه خطط التطوير المهني.
الذكاء الاصطناعي: أداة تدعم القرار… لا تستبدل الإنسان
ترى بركات أن الذكاء الاصطناعي يظلّ مجرد أداة مهما بلغت قدراته، فهو يساعد في تحليل البيانات، واستخراج التوصيات، والتنبيه إلى النقاط التي تستحق الانتباه، لكنه لا يستطيع أن يحلّ محل الخبرة البشرية في التفكير العميق، واتخاذ القرارات، وبناء التصورات الاستراتيجية.
وقالت سهى بركات " إن الخوف من أن يعوّض الذكاء الاصطناعي البشر في وظائفهم ناتج في الغالب عن الجهل بهذه التكنولوجيا. فالذكاء الاصطناعي لا يعوّض الإنسان، بل يعوّض المهام الروتينية فقط. أما المهارات التي تتطلب تفكيراً وتحليلاً واختياراً ووعياً، فهي تبقى في صميم دور الإنسان."
وأضافت محدثتنا، أن مزج الخبرة البشرية مع تقنيات الذكاء الاصطناعي هو ما يمنح أفضل النتائج، فالآلة تنجز المهام القاعدية بسرعة ودقّة، بينما يقوم الخبير البشري بتحليل المعطيات وتوجيه القرار النهائي وفقاً لمصلحة المؤسسة.
أمان البيانات… محور أساسي في التحول الرقمي
وشدّدت بركات على نقطة حساسة، ألا وهر الأمن السيبراني وحماية البيانات، فالتطبيقات الذكية المستخدمة في إدارة الكفاءات تعتمد على تحليل البيانات المهنية للموظفين، وهو ما يستوجب أن تكون الخيارات التقنية معتمدة وآمنة وتحترم خصوصية المعلومات.
وأوضحت الخبيرة في الموارد البشرية، أن المؤسسات مطالبة اليوم باختيار حلول تقنية تحترم المعايير العالمية في حماية البيانات، وأن يكون هناك إشراف بشري مباشر لضمان سلامة المعطيات وطريقة استخدامها.
الذكاء الاصطناعي كمهارة أساسية
وفق رؤية سهى بركات، أصبح التعامل مع أدوات الذكاء الاصطناعي مهارة أساسية من مهارات القرن الحادي والعشرين. وقالت في هذا الصدد، كما كنا نصف غياب القدرة على استعمال الحاسوب أو الإنترنت بالجهل التقني، أصبح عدم فهم الذكاء الاصطناعي شكلاً جديداً من الجهل الرقمي الذي يجب تجاوزه بالتعلّم والتدريب.
ودعت الشباب والمهنيين إلى اكتساب مهارات استعمال هذه الأدوات، كلٌّ في مجاله، باعتبارها أصبحت جزءاً من سير العمل اليومي في المؤسسات الحديثة.
التكنولوجيا تُسخّر للإنسان
وأكّدت بركات أن مستقبل الموارد البشرية رهين قدرة العاملين على دمج التكنولوجيا بوعي ومسؤولية، والاستفادة من ذكاء الآلة دون أن يُفقد الإنسان دوره أو قيمته. فالذكاء الاصطناعي بحسب قولها "وسيلة تعزز الإنتاجية، وتوفر الوقت، وتساعد على اتخاذ القرار، لكنها لا تستطيع أن تحل محل الخبرة الإنسانية."
صلاح الدين كريمي