languageFrançais

أطباء.. بين إنقاذ الأرواح والخوف من الاعتداء !

قانون يحميهم ولكن...؟

في ولاية القصرين، على بعد 290 كلم عن العاصمة، عمدت مجموعة من المواطنين إلى تهشيم معدات المستشفى الجامعي بالولاية والاعتداء على الإطارات الطبية وشبه الطبية.. اعتداءات خلفت خسائر تناهز الـ500 ألف دينار بالإضافة إلى الضرر الجسدي والنفسي الذي لحق العاملين بالمستشفى.

اعتداء أدانته وزارة الصحة بشدة واعتبرت أنه يهدد كرامة العاملين وحرمة المؤسسة الصحية وحق المواطن في الرعاية الامنة.

و''اعتداء القصرين'' هو حلقة من مسلسل قديم بدأت أطواره منذ سنوات في تونس، ووثقته مواقع التواصل الاجتماعي في العديد من المناسبات، حيث تنتشر العديد من الصور والمقاطع المصورة التي توثق حوادث الاعتداء على الأطباء والعاملين في قلب المستشفيات العمومية، هناك حيث يُفترض أن يسود الأمان والاحترام.

من حوادث عـــــــابرة إلى ظـــــــــاهرة مقلقة..

الظاهرة ليست جديدة في المنظومة الصحية.. واعتقد المواطنون للحظة أن هذه الاعتداءات اللفظية والجسدية حوادث عابرة لكنها تحولت إلى ظاهرة مقلقة تنزف منها المنظومة الصحية يومًا بعد يوم، بسبب ''سلوكيات همجية'' تُهدد سلامة الكوادر الطبية، وكذلك استمرارية تقديم الخدمات الصحية الأساسية للمواطنين.

سب.. تهديد..وأحيانا  عنف جسدي..

في السنوات الأخيرة، سجلت تونس ارتفاعًا صارخًا في حالات الاعتداء على الأطباء والممرضين، سواء بالسبّ أو التهديد أو حتى بالعنف الجسدي.

وبعض هذه الحوادث وصلت حدّ تعرض أطباء إلى إصابات بليغة، كما تم تسجيله في عدة مستشفيات جامعية، لتصبح هذه المؤسسات الاستشفائية مسرحًا لأعمال العنف والاعتداءات، في وقت يُفترض أن يكون فيه الطبيب رمزًا للثقة والأمان. 

والأمثلة عديدة في هذا الإطار لعل أبرزها حادثة تعرض طبيب مقيم بقسم جراحة العظام بمركز الإصابات والحروق البليغة ببن عروس منذ سنوات إلى اعتداء شنيع خلف له ولكافة الفريق العامل بالمركز أضرارا مادية ومعنوية، وذلك بعد إعلانه حالة وفاة إثر حادث مرور قاتل وعدم تمكن الفريق من إنعاش الضحية.

كذلك حادثة الاعتداء على طبيبين ومحاولة دهس آخر بمستشفى الياسمينات في بن عروس، في جويلية 2021 خلال فترة كوفيد، والأمثلة عديدة.

الطبيب لا يتحمل مسؤولية أي خلل في المنظومة

أرجعت دراسات سابقة هذه ''السلوكيات الهمجية'' إلى التوتر والغضب في صفوف المرضى أو ذويهم بسبب تأخر الخدمة أو سوء الفهم، كما تحدثت عن غياب الثقافة الطبية لدى البعض ممن يعتقدون أن الطبيب مسؤول عن كل خلل في المنظومة، وكذلك نقص الوعي المجتمعي بأهمية دور الطبيب واحترام مهنته.

كما عادت الدراسات على أسباب أخرى نمّت هذه الظاهرة داخل المستشفيات منها تدهور الخدمات الصحية بسبب نقص التجهيزات والأدوية، مما يزيد من توتر المرضى وأهلهم، حتى أن بعض الأشخاص يعتدون على الطبيب باعتباره "وجه السلطة" الأقرب.

 

تداعيات خطيرة..؟

هذه الاعتداءات على الإطار الطبي من شأنها تعميق أزمة خسارة الأطباء التونسيين وهجرتهم للقطاع الخاص او للخارج، ليصبح القطاع الصحي العمومي أول المتضررين من مثل هذه الجرائم. كما قد تتسبب هذه السلوكيات في تراجع جودة الخدمات بسبب العمل في بيئة عدائية تفتقر إلى الأمان، وفي انهيار الثقة بين الطبيب والمريض.

*صورة بالذكاء الاصطناعي

 *غادة المالكي