العرض الأول لـ'ولدي' في أيام قرطاج السينمائية:حين يصبح الإرهاب هامشيا
تتواصل عروض أيام قرطاج السينمائية في يومها الرابع، ويتواصل الإقبال الكبير لجمهور المهرجان المتعطشين للسينما من مختلف الشرائح والأعمار، الذين انتزعوا تذاكر الدخول إلى مختلف الأفلام والقاعات بعد الوقوف في طوابير طويلة، لتباع كل التذاكر يوما قبل أغلب العروض.. وكذلك كان الأمر مع العرض الأول لفلم ''ولدي'' اليوم الأربعاء 7 نوفمبر 2018 بقاعدة الكوليزي بالعاصمة.
بعد فيلم''نحبك هادي'' الحائز على جائزتين في مهرجان برلين السينمائي، أصبحت المسؤولية المناطة بعهدة مخرج شاب كمحمد بن عطية كبيرة، وهو لم يتأخر كثيرا في كتابة سيناريو وإخراج فيلم "ولدي" الذي واصل فيه وفاءه للمنتجة درة بوشوشة مع المنتجة المنفذة لينا شعبان منزلي إلى جانب أبطاله محمد الظريف ومنى الماجري وزكريا بن عياد و إيمان الشريف (إكتشاف الفيلم)..
وجوه جديدة سينمائيا رأيناها تحمل على كاهلها الفيلم الذي يدوم طوال مائة دقيقة، ببطل رئيسي هو الأب الحائر التائه الحائر في رحلة بحثه عن إبنه وعن نفسه.. سامي (الوجه الجديد زكريا بن عياد) مراهق يستعد لاجتياز امتحان الباكالوريا، وحيد أبويه، ينتبه والداه إلى ألم وحيدهما المتواصل بسبب ما ظناه صداعا نصفيا، ألم بدا جسديا ليتبين أنه ألم فكري ووجودي لمراهق لم يجد قدوة ومثالا يسير على خطاه ولا عرف حلما يمكنه أن يتشبث به، ولمح حياته المسطرة له مسبقا من أبوين أحباه على طريقتهما وظنا أنهما منحاه كل ما يحتاجه، في حين لم يدركا أنهما يدوران في فلك المادة والمال والأجر والفواتير..
رياض (محمد الظريف) هو أب تونسي نمطي وقع في فخ الرتابة والدائرة المفرغة لحياة منحصرة بين العمل والبيت والاستهلاك، وحياة زوجية ''باردة'' محورها الإبن الوحيد لا غير.
على عكس بقية التجارب السينمائية التي تطرقت إلى موضوع الاستقطاب والإرهاب وغسل أدمغة الشباب التونسي بعد الثورة، تعمد المخرج في هذا الفيلم تهميش هذه الظاهرة رغم كونها القضية الأساسية ومحرك الأحداث في الفيلم. اختار المخرج في المقابل أن يبقى هذا "الغول" شبحا مخيما على كامل الفلم بلا صور ولا تفاصيل، وأن يسلط الضوء على العلاقات الأسرية والإنسانية وهناتها وضعفها ومكامن هشاشتها.. وهنا يقول محمد بن عطية إنه يرى أن إعطاء الإرهاب حيزا أكثر من ما منحه في عمله، يعطيه قيمة لا يجب أن ينالها. إيمان الشريف التي عرفها جمهورها في أغانيها وتجاربها الفنية، كانت مفاجأة الفيلم عبر إتقانها دورها الذي أضفى خفة وطرافة على "ثقل'' الفيلم، وأدت شخصية ''سماح" بتلقائية وبساطة تفاعل معها المشاهدون.
في حين عاب الجمهور على الفيلم الإيقاع البطيء وطول اللقطات والصور التي أضفت على الفلم رتابة، رغم حرفية الصورة السينمائية، وهو ما عبّر عنه بعضهم لموزاييك رغم إثنائهم على الموضوع والفكرة. كما إنتقد بعضهم ما رآه "برودا" في الشخصيات والأحداث، في حين أكد المخرج أنه إختيار متعمّد..
عمل صحفي: أمل الهذيلي
تصوير ومونتاج: صبرين درويش
