'صوت هند رجب'.. حين يخنُقنا 'التّنسيق' ويغتالنا الاحتلال
غصّت القاعة وغادر الجمهور صامتا واجما تحت تأثير 90 دقيقة ثقيلة عنوانها 'صوت هند رجب' فيلم للمخرجة التونسية كوثر بن هنية الذي يشارك في المسابقة الرّسمية للأفلام الرّوائية الطويلة ضمن الدّورة 36 لأيام قرطاج السّينمائيّة.
الفيلم الذي صفّق له العالم في مهرجان البندقية ما يزيد عن 22 دقيقة وتوّج بالأسد الفضّي في الدّورة 82 للمهرجان، ويمثّل تونس في الأوسكار يُعيد إلى العالم ذكرى الشّهيدة 'هند رجب' طفلة الستّ سنوات التي اغتالها الاحتلال بعد ساعات من استشهاد أفراد من عائلتها داخل سيّارتهم وسط شوارع غزّة المدمّرة.
ونقلت كوثر بن هنيّة أحداثا من يوم 29 جانفي 2024 من قلب غزّة المحاصرة مستندة إلى تسجيلات للهلال الأحمر الفلسطيني مدّتها 70 دقيقة طغى عليها صوت 'هنود' البنت الصغيرة التي كانت تطلب النّجدة وتستجدي المتطوّعين للوصول إليها وإخراجها من السّيارة التي تحاصرها الدّبابة.
'التّنسيق' مقدّس وقاتل
وبين الدّبابة التي كانت تقترب والتنّسيق الذي لا مفرّ منه بين منظمة الهلال الأحمر والسّلطة الفلسطينية والاحتلال، كانت 'هند' محاصرة والمتطوّعون يسابقون الزّمن للتوّصل إلى ضمان 'الخطّ الأخضر' الذي يسمح لسيّارة إسعاف بالتّحرّك في اتّجاه موقع السّيارة التي خرّبها القصف والرّصاص: صراع بين الرّغبة والعجز والجبن والشّجاعة والوفاء للقضيّة والخنوع ينهي بأمل سرعان ما تحوّل إلى صدمة: قصفت سيارة الإسعاف. انقطع الخطّ. ارتقت 'هند'.
وخيّم الصّمت والدّموع على القاعة طيلة عرض الفيلم الذي دارت أحداثه في ديكور واحد وإطار واحد في استخدام لتقنية "الويكلو" السّينمائيّة التي نقلتنا إلى الأحداث في غزّة و'هند' تحت الحصار ووالدتها تناشد الهلال الأحمر لإنقاذها والمتطوّعون يصرخون ويصارعون الزّمن والاحتلال يتمادى في بطشه والسّلطة تنتظر الضوء الأخضر وطاقم الإسعاف ينشد الأمان والوصول إلى الطفلة المحاصرة التي سيبقى صوتها حيّا يطارد الإنسانية والعالم الذي لا يرى لا يتكلّم لا يسمع.