languageFrançais

فيلم 'ريستارت'.. الشهرة والعائلة في سباق 'الترند'

انطلق مؤخرًا عرض الفيلم المصري "ريستارت" في قاعات السينما التونسية بالتزامن مع عطلة عيد الأضحى، وسط اهتمام جماهيري ملحوظ. 

وقد شكّل هذا الاهتمام امتدادًا للعلاقة المميزة التي تربط النجم  تامر حسني بالجمهور التونسي، الذي يعتبره من أكثر الفنانين قربًا إليه كمغني أو كممثل ومخرج.

الفيلم من إخراج سارة وفيق ، وتأليف أيمن بهجت قمر، وهو من بطولة نخبة من نجوم الشاشة، ومنهم تامر حسني، هنا الزاهد، باسم سمرة، محمد ثروت، شيماء سيف، عصام السقا، تامر فرج،  وعدد من ضيوف الشرف.

زمن "اللايك" و"الشير"

تدور أحداث "ريستارت" في إطار كوميدي اجتماعي مع لمسة رومانسية، حيث يجسّد تامر حسني شخصية محمد، شاب بسيط يعمل فني هواتف نقالة، يحلم بالزواج من فتاة تُدعى عفاف (تؤدي دورها هنا الزاهد)، وهي مؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي، تتعامل مع العالم من خلال عدسة الـ"ستوري" و"التريند".

يحاول محمد تحقيق الشهرة السريعة عبر السوشيال ميديا ليكون "جديرًا" بها، وهنا يدخل إلى عالم متشابك تقوده شخصية "الجوكر"، التي يؤديها ببراعة النجم باسم سمرة، في دور لافت يبتعد فيه عن الأداء الكوميدي البسيط ليجسد العقل المدبّر لماكينة "الترند"، رجل يسعى إلى المشاهدات والشهرة مهما كان الثمن، ويتبنى فلسفة واضحة: "الغاية تبرر الوسيلة".

المفاجأة التي تقود اللعبة

دور باسم سمرة يعد من أقوى عناصر الفيلم، إذ يُجسّد شخصية رمزية تعكس الواقع الراهن في عالم المنصات، حيث يُحرك الأبطال كدمى في لعبة تتقاطع فيها القيم مع الأطماع. شخصيته ليست مجرد "شرير كلاسيكي"، بل يمثل منظومة كاملة تؤمن بأن كل شيء مباح إذا كان يؤدي إلى الشهرة والمال.

معالجة فنية معاصرة

لا يكتفي "ريستارت" بتقديم الضحك والتسلية، بل يطرح بذكاء قضية الهوس الجماعي بـ"الترند"، ويناقش كيف يمكن للسعي وراء الشهرة أن يُهدد العلاقات الأسرية، ويخلق فجوة بين الإنسان الحقيقي وصورته الرقمية. يسلّط الفيلم الضوء على ثلاثية معقدة: الشهرة، المال، والعائلة، في زمن أصبح فيه الإنسان يُقوّم بعدد متابعيه وليس بمبادئه أو أخلاقه.

أغانٍ على إيقاع المهرجانات

وكما هو الحال في معظم أعمال تامر حسني السينمائية، يحتوي الفيلم على مجموعة من الأغاني، لكن اللافت في "ريستارت" هو اقترابه من أغاني المهرجانات، التي أصبحت تسيطر على الذوق الموسيقي الشعبي في مصر.

هذه التجربة تمثل أسلوبًا جديدًا لتامر حسني، حيث يُعيد تعريف صوته في قالب مختلف، يمزج بين النمط الشعبي وطبقات الغناء الرومانسي المعتاد عليه، مما يمنح الفيلم طابعًا إيقاعيًا معاصرًا يناسب طبيعة القصة.

ثنائية  حسني والزاهد.. استمرارية للنجاح

يواصل تامر حسني تعاونه الناجح مع النجمة هنا الزاهد، بعد أن قدّما سويًا أعمالًا لاقت رواجًا كبيرًا، أبرزها فيلم "بحبك". الكيمياء الواضحة بينهما تمنح الفيلم طاقة حيوية، تجمع بين الرومانسية وخفة الظل، وتضيف أبعادًا إنسانية لعلاقتهما التي تتطور وسط عالم "التريند" المعقّد.

"ريستارت" ليس فقط فيلمًا للضحك أو الأغاني، بل عمل ذكي يطرح تساؤلات مهمة عن معنى النجاح، وعن الثمن الذي يدفعه الإنسان ليبقى تحت الأضواء.

بين الكوميديا، والرومانسية، والدراما الاجتماعية، ينجح الفيلم في تقديم خلطة فنية متوازنة، تستحق المشاهدة وتفتح المجال للنقاش بعد الخروج من القاعة.

صلاح الدين كريمي