languageFrançais

ريم سعد: خارطة 'فلسطين الكرامة'.. دعوة لعدم التطبيع وتحريض على الصمود

تقدم الفنانة البصرية ريم سعد خارطة "فلسطين المقاومة" أو "فلسطين الكرامة"، كما سمتها، وقد حمّلتها بالكثير من الرموز والمعاني والدلالات، في رحلة متواصلة مع شغفها بالخرائط،  فقد اشتغلت على خارطة أفريقيا (وفق عدّة محاور، على غرار البيئة والثروات الطبيعية..) واشتغلت  أيضا على خارطة تونس التي سمتها خارطة "الوطن التعدّد والتنوّع".. إلى غيره.

وتعتبر الفنانة من الفاعلات الأغزر إنتاجا لمشاريعهن الفنية، إذ اتخذت العديد من المحاور محطات، كانت ثمارها سجال فكري فني ملئ بالنقاشات، عماده الوعي، وغايته التجاوز والمصالحة.  ومن المعروف أنها تميل إلى الاتجاهات الضوئية اللونية المشرقة، غير أنّ خريطة فلسطين بالذات كانت مغايرة لما دأبت عليه الفنانة، فألوانها لم تكن مريحة ومطمئنة، كأن ألوان فلسطين أبت المصالحة قبل المحاسبة..

وردت خريطة فلسطين مكثّفة مطنبة كأنها تختزل جرح فلسطين.. ومن الصور التي برزت في العمل الفني، عندما ضاعفتها الفنانة أو عكستها (وهي تقنية رقمية ملازمة لأغلب أعمالها)  إذ ظهر في العمل الفنّي جيشًا وكتيبة، وأقواس وصوامع وصليب وريشة حمراء، (سمتها الفنانة ريشة الدم،) ورحم بصدد مخاض في رمزية لفلسطين الولاّدة.. وهي رموز لتضحية الشعب الفلسطيني وصموده أمام القهر والعدوان.

تبيّن  هذه  الخارطة جرح فلسطين بكل تعقيداته،  وتجسّد المعاناة التي مرت بها هذه الأرض على مر العقود، كما تبّين الرموز الأخرى على غرار  السهم والطيور الأبابيل، المقاومة والصمود  والتمسك بالهوية الفلسطينية والتثبّث بالحرية والعدالة.
باختصار، تعكس خريطة فلسطين المقاومة دعوة من ريم سعد للعالم بأسره والمفكرين الأحرار للوقوف بجانب قضية فلسطين كقضية إنسانية عادلة. وهي في آن دعوة لعدم التطبيع مع الظلم والدم، وإلى الصمود والإيمان بالحق والأمل، والاستفادة من القوة الروحية لمواجهة المحن.

وتعتبر "Les Aquarelles Introspectives" تقنية فريدة واستبطانية تجسد بصمة الفنانة ريم سعد، حيث تمزج هذه التقنية بين الألوان، الضوء، الأشكال، الرموز، والألغاز بطريقة تجعلها مختبرًا للأفكار والمعاني. وهي حساسة تحتاج إلى ساعات طويلة من العمل والتركيز والتأمل في التفاصيل. كما  تتطلب صبرًا وإخلاصًا من الفنانة لإنتاج أعمالها. وتمزج هذه التقنية بين المواد والألوان والضوء بطريقة تجعل المشاهد يفكر  ويتأمل . كما تمنحه حرية التفسير وتدعوه إلى النقاش.

ويتمثل الإبداع هنا في استخدام الماء كوسيلة وهدف، إذ يُظهر الاستخدام المميز للماء في تأثيرات بصرية من خلال الانعكاسات والانعكاسات الضوئية في اللوحات، كما أنّها تمزج بين الجوانب العقلية والعاطفية والحسيّة ببراعة، وتجسد المصالحة بين  الأفكار والمشاعر في لوحاتها، حيث تقوم ريم سعد بتكوين تركيبات لونية ضوئية تحاكي مختلف التجليات الكونية.. تثير تفكير المشاهدين وتثريهم بالأحاسيس والانفعالات، وتجمع بين الجمالية والعمق في مشاهدها.

ويجمع فن ريم سعد الاستبطاني البصري بين مفاهيم وأساليب فنية متنوعة ويستخدم الفن التجميعي لإبداع قطع فنية فريدة، ما يخلق توازنا متقنا بين الأبعاد المعرفية والعاطفية وبين العقل والشعور، وما يجعله فنًا متكاملًا ومعبرًا عن عالم داخلي غني ومتعدد الأبعاد.