عشر سنوات من الثورة: أزمة سياسية تراوح مكانها
* اعداد: الحبيب وذان
بعد عشر سنوات من الثورة، تم خلالها تشكيل تسع حكومات وتعاقب خلالها 5 رؤساء على قصر قرطاج، وعاش فيها الشعب التونسي ثلاث محطات انتخابية تشريعية ومحطتيتن انتخابيتين رئاسيتين، وأخرى بلدية، ما تزال الازمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية تراوح مكانها في ظلّ خارطة برلمانية مشتتة، عجزت مكوّناتها عن تشكيل أغلبية مستقرة وسط تجاذبات وصراعات بلا هوادة بين أحزاب تتبادل الاتهامات بالفساد وبالمسؤولية عن ما آلت إليه أوضاع البلاد..
تعود تونس الى المربع الاخير الذي انطلقت منه شرارة الثورة بصفعة من شرطية في سلك التراتيب البلدية، استقرت على خد بائع متجول في مدينة سيدي بوزيد ذات 17 ديسمبر من سنة 2010، اقدم اثرها على اضرام النار في جسده وامتدت ألسنة لهبها، من خلال تواصل الحراك الاجتماعي في مختلف الولايات، إلى أن أحرقت وأسقطت النظام القائم آنذاك يوم 14 جانفي 2011 بهروب الرئيس الراحل زين العابدين بن علي الى السعودية بعد 23 سنة من حكم البلاد.

رحيل بن علي عن سدة الحكم فسح المجال لعهد جديد من الحريات بمختلف تجلياتها لكن الفرح برحيله والخوف على مصير الدولة في اللحظات الاولى لتنحيه عن سدة الحكم سيطر على التونسيين واقض مضاجع الأنظمة الدكتاتورية في مختلف أنحاء العالم وخصوصا في المنطقة العربية.. لكن تونس احتكمت في تلك اللحظات إلى دستور غرة جوان 1959 في فصله السادس والخمسين الذي يمكن الوزير الأول حينها محمد الغنوشي من تولي رئاسة البلاد مؤقتا.. غير أنه سرعان ما تعالت الأصوات في الشوارع صباح يوم 15 جانفي مطالبة بإعلان حالة الشغور الدائم لمنصب رئيس الجهورية ليعلن المجلس الدستوري التونسي حينها أن منصب رئيس الجمهورية أصبح شاغرا بشكل نهائي. وتم تكليف رئيس مجلس النواب فؤاد المبزع بتولي مهام رئيس الجمهورية مؤقتا وفقا للفصل 57 من دستور البلاد.. كما أعلن المجلس الدستوري أن الانتخابات الرئاسة الجديدة ستجرى في غضون 60 يوما.

وفي 15 جانفي ،2011 أدى رئيس الجمهورية المؤقت محمد فؤاد المبزع اليمين الدستورية أمام مكتبي مجلس النواب ومجلس المستشارين الملتئمين بقصر باردو، وأعلن حل حكومة محمد الغنوشي وتكليف هذا الأخير مجددا بتشكيل حكومة وحدة وطنية.
وفي 17 جانفي 2011، أعلن الوزير الأول محمد الغنوشي تركيبة حكومة الوحدة الوطنية التي شارك فيها عدد من أحزاب المعارضة على غرار حركة التجديد والحزب الديمقراطي التقدمي والتكتل الديمقراطي من اجل العمل والحريات، إضافة إلى مستقلين ومقترحين من الاتحاد العام التونسي للشغل.
اعتصام القصبة 1 و2
حكومة، لم تعمر طويلا حيث خرجت جماهير المحتجين من مخلف ولايات الجمهورية لتحتل ساحة الحكومة بالقصبة في 23 جانفي 2011 في اعتصام أطلق عليه اعتصام "القصبة واحد" رفع شعار إسقاط حكومة محمد الغنوشي وانهاء حكم الحزب الدستوري الحر، لكن تدخل الأمن بقوة يوم 28 جانفي وفض الاعتصام الذي أعقبه اعتصام ثان يوم 22 فيفري 2011، ورفع شعار إسقاط حكومة الغنوشي وانتخاب مجلس تأسيسي، وأفضى إلى إعلان الغنوشي استقالة حكومته يوم 27 فيفري 2011.

وفي نفس اليوم أعلن الرئيس التونسي المؤقت فؤاد المبزع تكليف الباجي قايد السبسي بمهام الوزير الأول والذي شكل حكومة أقصت وجوه النظام القديم يوم 7 مارس 2011. لكن ذلك لم ينه "اعتصام القصبة 2" الذي تواصل متمسكا بمطلب انتخاب مجلس تأسيسي توكل له مهمة صياغة دستور جديد للبلاد، وهو المطلب الذي تم تحقيقه في 23 أكتوبر 2011 بانتخاب المجلس الوطني التأسيسي التونسي عقب الاتفاق بين جميع الفرقاء السياسيين والمنظمات الوطنية والمجتمع المدني والشخصيات الوطنية صلب "الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي" التي تم إحداثها في 15 مارس 2011 بمقتضى مرسوم أصدره الوزير الأول محمد الباجي قايد السبسي في 18 فيفري 2011.. وتمكنت الهيئة التي ترأسها أستاذ القانون الدستوري عياض بن عاشور من إنهاء أعمالها في 13 أكتوبر 2011 بعد المصادقة على عدة قوانين صدرت في شكل مراسيم ومن أبرزها القانون الانتخابي وقانون إحداث الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي نجحت في تنظيم أول انتخابات حرة وديمقراطية وشفافة تشهدها البلاد يوم 23 اكتوبر 2011، وفسحت المجال للمجلس الوطني التأسيسي لإدارة الشؤون التشريعية والسياسية في البلاد.
وفي 23 مارس 2011 صدر المرسوم عدد 14 لسنة 2011 المتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية، ثمّ تقرر إنهاء العمل بدستور غرة جوان 1959 بمقتضى الفصل 27 من القانون التأسيسي عدد 6 لسنة 2011 المؤرخ في 16 ديسمبر 2011 المتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية.
وفي 22 نوفمبر 2011 باشر المجلس الوطني التأسيسي أعماله عقب اتفاق أحزاب النهضة والتكتل من أجل العمل والحريات والمؤتمر من أجل الجمهورية على تكوين ائتلاف حاكم (الترويكا) في باردو وقرطاج والقصبة لتكوين أغلبية مستقرة في الحكم. وتمّ بمقتضى هذا الإتفاق انتخاب أمين عام حزب التكتل مصطفى بن جعفر رئيسا للمجلس الوطني التأسيسي، وتعيين أمين عام حزب المؤتمر من اجل الجمهورية محمد المنصف المرزوقي رئيسا مؤقتا للجمهورية، فيما تم تكليف أمين عام حركة النهضة حمادي الجبالي بتشكيل الحكومة المؤقتة.
خلافات... أزمة سياسية وإغتيالان
وبتقدم أعمال المجلس الوطني التأسيسي في مناقشة المبادئ العامة لمسودة الدستور ومختلف أبوابه صلب اللجان، طفت على سطح الأحداث تجاذبات سياسية تمحورت أساسا حول مشكل الهوية واعتماد الشريعة الإسلامية كمصر للتشريع في الدستور الجديد للبلاد، لكن الخلافات خرجت من أروقة المجلس التأسيسي إلى الفضاء الإعلامي والى الشوارع، ومن ابرز مظاهرها تنامي نشاط ما عرف حينها بـ ''الشرطة السلفية'' وحصول جملة من أعمال العنف التي ارتكبتها مجموعات متطرفة كأنصار الشريعة وروابط حماية الثورة وأجنحة عنيفة داخل بعض الأحزاب على امتداد سنوات 2011 و 2012 و2013 من بينها محاصرة مقر التلفزة التونسية من 9 مارس الى 23 أفريل 2012، وأحداث السفارة الأمريكية في 12 سبتمبر 2012، والاعتداء على مقر الاتحاد العام التونسي للشغل في 4 ديسمبر 2012، في ظل تردد وزارة الداخلية بقيادة العضو البارز في حركة النهضة حينها وزير الداخلية علي العريض في مواجهة المارقين عن القانون إضافة إلى أحداث الرش بسليانة، واسفر كل هذا التصعيد عن اغتيال الزعيم السياسي اليساري المعارض شكري بلعيد في 6 فيفري 2013.

اغتيال بلعيد، مثل منعرجا خطيرا في تاريخ الثورة التونسية أعقبه سقوط حكومة الترويكا الأولى بقيادة حمادي الجبالي في 19 فيفري 2011 بعد فشله في تشكيل حكومة تكنوقراط واحتواء الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وشهدت تونس في فترة حكمه أول إضراب عام في القطاع الإعلامي يوم 17 أكتوبر 2012 نتيجة التهديدات التي باتت محدقة بأهم مكاسب الثورة وهي حرية الإعلام وحرية التعبير.
وفي 13 مارس 2013 نالت حكومة وزير الداخلية علي العريض ثقة المجلس الوطني التأسيسي، لكن الحراك الاجتماعي لم يهدأ ولم يلحظ التونسيون أي تحسن لأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية في ظل تنامي الظاهرة الإرهابية وتكرر العمليات الإرهابية في جبال الشعانبي سمامة ومغيلة من ولايتي القصرين وسيدي بوزيد واكتشاف مخازن للأسلحة داخل عديد المدن التونسية بينها احياء قرب العاصمة.. واهتزت البلاد من جديد يوم 25 جويلية 2013 على وقع اغتيال سياسي ثان استهدف يوم 25 جويلية 2013 عضو المجلس الوطني التأسيسي والسياسي المعارض محمد البراهمي، ليقرر رئيس الحكومة المؤقتة علي العريض في 27 أوت 2013 تصنيف تيار أنصار الشريعة تنظيما إرهابيا.
25 جويلة 2013 تاريخ اغتيال الشهيد محمد البراهمي، كان المنعرج الأبرز في مسار الانتقال الديمقراطي في تونس، حيث تسارعت الأحداث وكادت أن تنهي المسار بعد ان نادت مختلف القوى الوطنية الديمقراطية السياسية الاجتماعية الى الاعتصام أمام مقر المجلس الوطني التأسيسي بباردو في 26 جويلية 2013 ومحاصرة مقرات السيادة كالمعتمديات والولايات في عدة مدن تونسية احتجاجا على تكرر الاغتيالات السياسية وللمطالبة بحل المجلس التأسيسي وإسقاط حكومة علي العريض وانهاء العهدة الرئاسية للرئيس المؤقت محمد المنصف المرزوقي.

تدعمت مطالب المحتجين بمساندتها من قبل الاتحاد العام التونسي للشغل وعدة أحزاب سياسية معارضة على غرار حزب حركة نداء تونس، الذي يتزعمه رئيس وزراء أول حكومة انتقالية بعد الثورة محمد الباجي قايد السبسي، وائتلاف أحزاب الجبهة الشعبية، وعدة أحزاب أخرى، انخرطت جميعها في ما عرف حينها "بجهة الانقاذ"، وزاد وهج اعتصام الرحيل بإعلان 54 نائبا تجميد عضويتهم في المجلس التأسيسي والتحاقهم بالمعتصمين في أول ليلة لهم يقضونها بساحة باردو.
ومع تواصل اعتصام الرحيل نادت حركة النهضة أنصارها للاعتصام في الضفة الأخرى من ساحة باردو لتأييد شرعيتها الانتخابية وعدم حل المجلس التأسيسي رافعين شعار "بالانتخاب لا بالانقلاب" لكن سرعان ما تحركت القوى الوطنية الاجتماعية والسياسية لبحث سبل الجلوس إلى طاولة الحوار وإيجاد حل للازمة الخانقة التي تعيشها البلاد وإيقاف الدعوات إلى العنف والفوضى التي باتت تهدد البلاد والسلم الاجتماعية.
في الأثناء قرر رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر يوم 6 أوت 2013 تعليق أعمال المجلس التأسيسي لأجل غير مسمى في انتظار التوصل الى حل للازمة السياسية الخانقة، رغم أن حزبه عضو في ائتلاف الترويكا الحاكم.
''لقاء الشيخين" في باريس
ويوم 15 أوت 2013، وفي محاولة لإيجاد حل للازمة التي تمر بها البلاد حصل لقاء سري في باريس بين رئيس حركة النهضة (الحزب الحاكم) راشد الغنوشي، ورئيس حركة نداء تونس (أكبر أحزاب المعارضة الداعمة لاعتصام الرحيل ومطالبه) الباجي قائد السبسي أو ما عرف بـ ''لقاء الشيخين''، لتقريب وجهات النظر بين الحزبين وإيجاد أرضية موحدة واتفاق يخرج تونس من أزمتها، وتم الاتفاق في هذا اللقاء عن حيثيات الحوار الوطني ووجوب التوافق حول عدة نقاط، إذ يجب على الجهتين أن تقبلا بعدة تنازلات.. لقاء وصفه راشد الغنوشي في 8 فيفيري 2015 بأنه "حقق الاستقرار في البلاد وأنقذ تونس من حرب أهلية".

وفي 16 سبتمبر 2013 وبالتوازي مع الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد، دخل الإعلام التونسي في إضراب عام جديد نتيجة محاولات التضييق على حرية التعبير وحرية الإعلام وللمطالبة بعدة مكاسب رفضت حينها حكومات الترويكا إقرارها.
الحوار الوطني وبداية انفراج الأزمة
وفي 17 سبتمبر 2013، أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل ومنظمة الأعراف وهيئة المحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، عن الصيغة النهائية لخارطة الطريق السياسية، التي بدأ نقاشها بالتوازي مع اعصام الرحيل ثم أصبحت في ما بعد تعرف بمبادرة الرباعي الراعي للحوار ، التي ستكون أساسا للحوار الوطني الذي جمع كل الفرقاء السياسيين على طاولة الحوار.
ونصت "خريطة الطريق" السياسية لمبادرة الحوار الوطني على دعوة الفرقاء السياسيين إلى القبول بتشكيل حكومة كفاءات مستقلة تترأسها شخصية وطنية مستقلة على ألا يترشح أعضاؤها للانتخابات القادمة، لتحل محل حكومة الترويكا التي عليها أن تتعهد بتقديم استقالتها في أجل لا يتجاوز ثلاثة أسابيع من موعد انطلاق الحوار الوطني.

كما دعت المبادرة الأحزاب السياسية إلى الاتفاق على الشخصية التي ستتولى رئاسة الحكومة الانتقالية خلال أسبوع واحد، وذلك بالتوازي مع استئناف أشغال المجلس الوطني التأسيسي لاستكمال مهامه التأسيسية، وأهمها المصادقة على الدستور التونسي الجديد خلال أربعة أسابيع على الأكثر، وإقرار القانون الانتخابي.
وفي 25 أكتوبر 2013، تعهد رئيس الحكومة المؤقتة علي العريض كتابيا باستقالة حكومته وفق مقتضيات بنود خارطة طريق الحوار الوطني، الذي انطلق في عقد أول اجتماعاته خلال اليوم ذاته، واستمر إلى حدود يوم 14 ديسمبر 2013، واختتم بإعلان التوافق على تكليف وزير الصناعة في الحكومة المستقيلة مهدي جمعة مكلفا بتشكيل حكومة كفاءات مستقلة.
دستور جديد للجمهورية التونسية
من رحم هذا الحوار، خرجت عبارة "التوافق"، التي اجتمع حولها فرقاء الساحة السياسية التونسية، والتي اعتبرت سر نجاح التجربة التونسية، وصفها البعض بالاستثناء التونسي، وعجلت برأب الصدع السياسي وساهمت في تجاوز الازمة الخانقة التي عاشتها البلاد وبدأ انفراج الأزمة عقب المصادقة على الدستور الجديد للبلاد في 26 جانفي 2014 اعقبه نيل حكومة مهدي جمعة المتكونة من كفاءات مستقلة ثقة المجلس الوطني التأسيسي باغلبية مريحة ليلة 28 / 29 جانفي 2014، حوار وطني بوأ الرباعي الراعي للحوار للفوز بجائزة نوبل للسلام عام 2015 وأدى الى وفاق شامل بين الفرقاء، وجنب البلاد الدخول في حرب أهلية.

ونجحت حكومة مهدي جمعة في الإعداد لأول انتخابات تشريعية في 26 أكتوبر 2014 والانتخابات الرئاسية في دورها الاول يوم 23 نوفمبر 2014 ودورها الثاني في 21 ديسمبر 2014، وهي أول انتخابات تشريعية ورئاسية تتم بعد إقرار دستور 2014 اشرفت على انجازها هيئة دستورية اطلق عليها المشرع في الدستور اسم "الهيئة العليا المستقلة للانتخابات".
وفي 31 ديسمبر 2014، أدى رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي اليمين الدستورية خلال جلسة ممتازة بمجلس نواب الشعب وتسلم اثر ذلك رسميا مهامه رئيسا للجمهورية من سلفه المنتهية ولايته المنصف المرزوقي.
وفي 06 فيفري 2015، انتهت عهدة الحكومة الانتقالية بقيادة مهدي جمعة وتسلمت حكومة الحبيب الصيد مهامها بعد توافق حصل بين حركة نداء تونس الحزب الاغلبي في البرلمان الجديد وحركة النهضة ثاني اغلبية في مجلس نواب الشعب.
ونتيجة التجاذبات السياسية بين الأحزاب المتنافسة والخلافات السياسية داخل حزب نداء تونس وعدم قدرة الحكومة التي تشكلت قبل عام ونصف وتم تعديلها في جوان 2015، على التحرك بفاعلية في مرحلة حساسة تمر بها البلاد، رغم نجاح تونس في انتقالها السياسي إلا أن اقتصادها يواجه أزمة فيما تستهدفها هجمات إرهابية عنيفة على غرار عمليات باردو والقنطاوي والتفجير الإرهابي الذي استهدف حافلة الأمن الرئاسي في 24 نوفمبر 2015. عادت البلاد إلى أزمة سياسية جديدة تم حسمها بسحب الثقة من حكومة الحبيب الصيد في 30 جويلة 2016 عقب ما سمي حينها بـ "حوار قرطاح 1" الذي تم الاتفاق فيه على تشكيل حكومة وحدة وطنية تقودها حركة نداء تونس وتم تكليف يوسف الشاهد وزير الشؤون المحلية في حكومة الحبيب الصيد بتشكيلها ونالت ثقة البرلمان فجر يوم 27 أوت 2016.
انتخابات رئاسية مبكرة بعد وفاة الباجي قايد السبسي
وفي 25 جويلية 2019 ألعنت وزارة الدفاع الوطني وفاة رئيس الجمهورية محمد الباجي قايد السبسي، وعاشت تونس فترة حداد وطني تواصلت مدة 7 أيام، وخلال اللحظات الأولى لإعلان الشغور في منصب رئيس الجمهورية تم تطبيق الدستور الجديد للبلاد بتولى رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر رئاسة الجمهورية مؤقتا وأدى اليمين الدستورية أمام مكتب مجلس نواب الشعب يوم 25 جويلية 2019 لتتم الدعوة الى انتخابات رئاسية مبكرة اجري دورها الأول في 15 سبتمبر 2019 تلته الانتخابات التشريعية يوم 6 أكتوبر 2019 ثم الدور الثاني للانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها في 13 أكتوبر 2019 وأسفرت عن فور الرئيس الحالي للبلاد قيس سعيد الذي أدى اليمين الدستورية أمام البرلمان في 23 أكتوبر 2019.

وللإشارة فإن سنوات 2011 و2012 و2013 شهدت البلاد خلالها انفجارا ضخما لتأسيس الأحزاب السياسية التي بلغ عددها 282 حزبا مع نهاية سنة 2020 اغلبها لا أنشطة تذكر لها.
استقالة حكومة الفخفاخ على خلفية شبهات تضارب مصالح
في الأثناء واصلت حكومة يوسف الشاهد مهامها في تصريف الأعمال عقب إسقاط مجلس نواب الشعب التشكيلة الحكومية التي اقترحها مرشح حركة النهضة الحزب الفائز بأكبر عدد من المقاعد وذلك يوم 10 جانفي 2020، الى أن نالت حكومة الياس الفخفاخ، التي وصفت بأنها حكومة الرئيس قيس سعيد، ثقة البرلمان في 27 فيفري 2020 وتسلمت مهامها في ذات اليوم.
حكومة الفخفاخ لم تعمر طويلا وقدمت استقالتها يوم 15 أوت 2020 اثر الكشف عن شبهات تورط رئيسها الياس الفخفاخ في تضارب المصالح وملفات فساد مما فجرة أزمة سياسية ودستورية بالتوازي مع أزمة صحة تعيشها البلاد اثر تفشي وباء كورونا.

مبادرة جديدة للحوار
عقب استقالة حكومة الفخفاخ كلف رئيس الجمهورية وزير الداخلية في الحكومة المستقيلة هشام المشيشي بتشكل الحكومة التي نالت ثقة البرلمان يوم 02 سبتمبر 2020 لكنها لم تكن في مأمن من الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي أسقطت جميع الحكومات التي سبقتها.. ليعود الاتحاد العام التونسي للشغل إلى تقديم مبادرة إنقاذ جديدة على غرار مبادرة الحوار الوطني الذي أطلقه مع منظمة الأعراف ورابطة حقوق الإنسان وهيئة المحامين سنة 2013 عقب احتدام الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

فمنظمة حشاد العريقة والنافذة في الدفاع عن الشغالين والطبقات الاجتماعية المسحوقة، باتت متجاوَزة من طرف "التنسيقيات المحلية التي تشكلت للاحتجاج والمطالبة بمكاسب تنموية واقتصادية"، مما حدا بها إلى إطلاق مبادرة للحوار الوطني لإنقاذ البلاد، واقترحت على رئيس الجمهورية قيس سعيّد رعايتها.
وبعد مرور 10 سنوات عن اندلاع الثورة، لا تلوح في الأفق بوادر حل للأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية المستمرة في تونس، في ظل ظهور خلافات وتجاذبات بين الرئاسات الثلاث: رئاسة الجمهورية، رئاسة الحكومة، رئاسة البرلمان. وغياب المحكمة الدستورية أهم مرجع تعديلي في النظام السياسي.. غير ان الحوار الوطني الجديد الذي دعا له اتحاد الشغل وتبناه رئيس الجمهورية قيس سعيد قد يخفف مجددا من وطأة الأزمة او يؤجلها الى حين ان لم يتم التوافق على الاصلاحات الاقتصادية والسياسية الضرورية.