languageFrançais

مختار الطريفي... مسيرة مناضل استمات في الدفاع عن حقوق الإنسان

يقول عمر المختار: "إنني أؤمن بحقي في الحرية، وحق بلادي في الحياة، وهذا الإيمان اقوي من كل سلاح". ولعّل هذه المقولة تتجسّد في مختار الطريفي الحقوقي والرئيس الشرفي للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ضيف برنامج "بورتريه باي موزاييك أف أم''.


هو من مواليد عام 1950 في معتمدية حاجب العيون من ولاية القيروان، لم تكن مزاولته للدراسة بالسهلة، نظرا للظروف الصعبة التي اعترضته، منها طول المسافة بين المدرسة ومنزله، حيث كان يقطع يوميا  مسافة 8 كلم على ظهر حمار ليصل إلى المدرسة. 


وفي هذا السياق، قال مختار الطريفي: "لقد كان من المستحيل أن أتغيب عن المدرسة مهما كانت الظروف.. وفي تلك الفترة تعلمت تحمل المسؤولية التامة".
 


كما حدّثنا عن عائلته المتكونة من 10 أبناء، وعندما وصل في حديثه عن أخواته البنات غلبته الدموع، قائلا "أخواتي البنات ماقراوش، ولا واحدة مشات للمكتب.. أخواتي البنات اللي هوما عاونوني بش أنا قريت وهوما ماقراوش.. هاذي الحاجة اللي قعدت عندي"، وتابع: " في العملية هاذي شفت شنوا معنتها التفرقة بين النساء والرجال".


في السبعينات، التحق مختار الطريفي بجامعة تونس لدراسة الحقوق أين عرف بمشاركته في العديد من الأنشطة والحركات الطلابية، وهو كان دائما ما يتم اعتقاله، إلى حدّ أنّه وقع اعتقاله في نوفمبر 1973 لفترة استمرت إلى غاية 14 جانفي 1974.


ثم تمّ إرساله لتأدية الخدمة العسكرية في معتمدية طبرقة من ولاية بجندوبة، واثر انتهاء المدّة قرر الطريفي استكمال دراسته والعودة إلى تحركاته الطلابية، وهو ما تسبب مرّة أخرى في طرده من الجامعة ومنعه من الالتحاق بجميع الجامعات التونسية.
 

لكنّه لم يستسلم ولجأ إلى المحكمة الدولية التي أصدرت حكما لصالحه وتمّ إلغاء قرار الطرد النهائي الصادر عن وزير التربية في تلك الفترة.
 

في مجال الصحافة، بدأ مختار الطريفي مشواره مع صحيفة الصباح. وخلال الفترة الزمنية نفسها، تمّ تكوين قائمة مستقلة لجمعية الصحفيين ولأوّل مرّة لم يكن رئيس هيئة الجمعية من الحزب الحاكم.

 

وعندما انتهت تجربته مع جريدة الصباح عام 1982، بدأ الطريفي بالعمل كمحرر في جريدة المغرب، ليكون فيما بعد من مؤسسي صحيفة "الموقف" مع نجيب الشابي، وشغل منصب رئيس تحريرها. 

 

وعرف خلال عمله بجريدة ''الموقف'' بكتاباته حول الحريات، لكن الجريدة كانت دائما في اصطدام مع السلطة، بسبب المواضيع المتناولة، على غرار أحداث الخبر التي تمت تغطيتها، وهذا ما كان يتسبب في إغلاق الجريدة بين فترة وأخرى أو حجز عدد ما، لتضطر بذلك الجريدة إلى التوقف عن العمل. عندها قرر مختار الطريفي الابتعاد عن الصحافة، ليبدأ صفحة جديدة في حياته النضالية من خلال المحاماة، في هذا السياق، قال ضيفنا إنّه كان يتنقل رفقة عدد من المحامين إلى كامل ولاية الجمهورية لحضور المحاكمات السياسية والمرافعة بشكل تطوعي.


تولى مختار الطريفي رئاسة مكتب الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان في تونس، كما تم انتخابه نائبا لرئيس المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، وبعد استقالة حكومة علي العريض، كان مرشح لرئاسة الجمهورية بعد أن اقترحته الجبهة الشعبية.
 

وعام 1980 انخرط الطريفي في الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، حيث حدّثنا ضيفنا عن انتهاك حقوق الإنسان في تلك الفترة، قائلا: "كل ما تتصور من انتهاك لحقوق الإنسان كان موجود، التعذيب كان بدرجة كبيرة خاصة للمناضلين السياسيين وحتى الموطن العادي كان يصير فيه في مراكز الأمن"، وتابع: "كانت تصير جرائم كبيرة، الحرمة الجسدية كانت مقموعة بشكل كبير والمنظمات الدولية كانت توثق كلّ الانتهاكات".
 

وأضاف أّنّه إلى حد سنة 1999 لم تكن "جريمة التعذيب" موجودة في القانون التونسي، رغم أنّ تونس كانت موقعة على اتفاقية مناهضة التعذيب".
 

كما ذكر التضييقات التي كانت تطال الصحافة المستقلة، مشيرا: "فماش جريدة حزبية مستقلة ما توقفتش، والتوقيف كان ساهل.. تشدّ 6 أشهر من أجل نشر أخبار زائفة من أجل تعكير صفو النظام العام".


وفي مؤتمر الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بتاريخ أكتوبر 2000، تم انتخاب مختار الطريفي رئيسا لها، بعد عشرين عاما من العمل صلب الرابطة، ووضع على عاتقه إدانة المحاكمات وانتهاكات حقوق الإنسان. وصرّح الطريفي أنّ الرابطة كانت تتعرض إلى عدّة تهديدات وكان يتم غلقها في عدّة مرات.
 

وفي تعليقه على ما يحدث في تونس في الفترة الراهنة، اعتبر مختار الطريفي أنّ الوضع الحالي في البلاد خطير. ويرى بأنّ النظام السياسي الذي تمّ وضعه بمقتضى دستور 2014 وصل إلى حالة من الإهتراء،  مضيفا أنّ تغيير هذا النظام يعدُّ مسألة خطيرة وهامة ويجب في كلّ الحالات احترام مقتضيات الدستور.

 

كما أكّد أنّ معركة حقوق الإنسان لا يجب أن تنتهي بصرف النظر عن نظام الحكم، قائلا: "لو كان نغفلوا شويا نرجعوا وين كنا".