languageFrançais

الغنوشي.. من السجون والمنافي إلى رئاسة البرلمان

'الشيخ' راشد الغنوشي..كما يحلو لمريده والناشطين في حركته وأتباعه وأنصاره أو حتى البعض من خصومه السياسيين مناداته تقديرا منهم لدهائه السياسي، خيّر لعب دور محرك الدمى في مسرح العرائس بعد عودته إلى تونس من منفاه اللندني...ليقرّر هذه المرة الخروج من خلف الستار ليعتلي الخشبة بنفسه ويتسلّم مطرقة رئاسة البرلمان بعد انتخابه في الجلسة العامة الافتتاحية لمجلس نواب الشعب يوم الأربعاء 13 نوفمبر 2019 بـ 123 صوتا.


ولد راشد الغنوشي الرئيس الجديد للبرلمان في 22 جوان 1941 بمدينة الحامة من ولاية قابس وهو رئيس حركة النهضة ومساعد الأمين العام لشؤون القضايا والأقليات في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ونائب رئيسه  وعضو مكتب الإرشاد العام العالمي لجماعة الإخوان المسلمين.


وحوكم الغنوشي قبل 'ثورة' 2011 عدة مرات على خلفية اتهامه بالعديد من التجاوزات وتراوحت الأحكام بين 11 سنة ومدى الحياة ووصلت في سنة 1987 إلى حد الحكم بالإعدام  في عهد الرئيس الحبيب بورقيبة ولم يتم تنفيذ هذا الحكم بسبب انقلاب 7 نوفمبر 1987 من قبل الرئيس الجديد آنذاك زين العابدين بن علي الذي أمر بإطلاق سراح الغنوشي في 14 ماي 1988، ولشكره قدم الغنوشي ثقته في بن علي أثناء حواره مع صحيفة الصباح في 17 جوان الموالي لإطلاق سراحه.


بند في النظام الداخلي للنهضة وربطة عنق 


لم يكن صعود راشد الغنوشي إلى رئاسة البرلمان بالحدث المفاجئ للمهتمين بالشأن السياسي في تونس خصوصا وأن هذه الخطوة قد سبقتها العديد من التحضيرات استعدادا لدخوله قبة باردو.


فقد نصت لوائح المؤتمر العاشر لحركة النهضة المنعقد في 2016 على ضرورة ترشيح رئيس الحركة لأحد المفاتيح الثلاث في أبواب الحكم في تونس رئاسة البرلمان أو رئاسة الحكومة أو رئاسة الجمهورية وقد ترجم هذا البند المنصوص عليه في النظام الداخلي للنهضة في مجلس الشورى الذي سبق الجلسة العامة الافتتاحية للبرلمان ليتم بالإجماع ترشيح الغنوشي إلى رئاسة مجلس نواب الشعب.


كما مثلت النقلة النوعية في لباس الغنوشي  وظهوره سنة 2017 في حفل نظمته السفارة المغربية بربطة عنق مخالفا بذلك عاداته في ارتداء طقم بسيط دون ربطة عنق  وهو نفس الزي الذي ظهر به في حوار تلفزي على قناة نسمة، أولى الإشارات لرغبة الغنوشي في تقلد منصب هام صلب الدولة. 


هذه النقلة في اللباس اعتبرها القيادي في الحركة لطفي زيتون بمثابة مغادرة الغنوشي لمربّع الطائفة وخطوة منه نحو الدولة علما وأن راشد الغنوشي سيصبح خارج هياكل ومؤسسات الحركة خلال المؤتمر القادم وفق النظام الداخلي للنهضة الذي يمنعه من الترشح لدورة ثالثة لرئاسة الحركة أو لعضوية المكتب التنفيذي.


رغم أن النظام الأساسي لحركة النهضة يتيح لرئيسها الغنوشي الترشّح شغل المناصب العليا في الدولة وهي الرئاسات الثلاث بما في ذلك رئاسة الجمهورية،ورغم أن مجلس شورى النهضة عرض عليه بشكل رسمي قيادة المشاورات لتشكيل الحكومة القادمة،إلا أنه اختار في الأخير رئاسة البرلمان ..وربما باختياره للعمل البرلماني أراد البقاء في 'جبة ' الشيخ  فكلاهما يشرّع رغم اختلاف التسميات  والآليات والمراجع.

 

كريم وناس