languageFrançais

سليم الرياحي والنهضة: من العصيان المتطرف إلى الغزل المفرط

لم يمهل رئيس حزب الاتحاد الوطني الحر نفسه وحزبه وقتا طويلا، لخلق بعض التماهي في المواقف، وكان سباقا حتى قبل الحليف الأقرب لحركة النهضة (نداء تونس) ليعلن دعمه للحركة التي طالتها مؤخرا اشاعات بتصنيفها في "قائمة الارهاب"، ولتصبح النهضة –فجأة- ''شريكا وطنيا بمرجعية وطنية مدنية أثبت خلال كل محطات الهامة التي مرّت بها تونس سلميته وتمسكه بمبدأ التعايش والحوار والعمل المشترك" حسب بيان للوطني الحر اليوم السبت.


أشهرا ماضية قليلة فقط، كانت "الشريك الوطني ذو المرجعية المدنية" مصنّفة حسب سليم الرياحي رئيس حزب الاتحاد الوطني الحر ضمن "اليمين المتطرف"، وإتهمها خلال مؤتمر الإعلان عن جبهة الإنقاذ والتقدم في أفريل الفارط، "بممارسة الإرهاب الاجتماعي"، متابعا أن البرنامج الواضح للنهضة "هو الاستثمار في الفقر"...
ولم يكتف الرياحي بذلك وقتها، بل شدد على أن جبهة الإنقاذ والتقدم –التي لم تعش طويلا بعد ذلك- لن تعترف بقيادات النهضة التي مازالت تعيش "بالخطاب المزدوج وكذبة فصل الدين عن السياسة وعلى رأسها زعيم الحركة راشد الغنوشي".. الغنوشي هو ذاته الذي وصف الوطني الحر اليوم "ما يتم تداوله بخصوص ورود اسم حركة النهضة ورئيسها على لائحة المورّطين والراعيين الإرهاب دون تثب.. بالمزايدات السياسية والعبثية".


أياما معدودة بعد الإعلان الرسمي لجبهة الانقاذ والتقدم التي صنّفت نفسها ائتلافا سياسيا معارضا وبديلا سياسيا للأحزاب الحاكمة، مثل سليم الرياحي أمام القطب القضائي المالي، وصرّح بعد خروجه بأن استدعاءه يأتي على خلفية قضية مرفوعة من قبل لجنة التحاليل المالية منذ سنة 2012 بشبهة تبييض الأموال، قائلا "هذه مؤامرة سياسية منذ 2012  قامت بها الأطراف التي كانت في الحكم حينها.. حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية".
وبتاريخ 12 أفريل 2017، يوما واحدا بعد مثوله أمام القطب المالي، شدد الرياحي على أنّ جبهة الإنقاذ هدفها "إنقاذ تونس من عائلتي الشيّاب الزوز" في إشارة إلى رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي... فأما رئيس الجمهورية فقد ألح الرياحي على لقاءه وإلتقاه فعلا، وأما الغنوشي فإن رئيس الوطني الحر كلّف نفسه عناء توقيع بيان لدعمه ودعم حركته...
الإجابة الوحيدة على هذا الإنقلاب السريع في المواقف، هو 13 نوفمبر 2017، تاريخ " عودة حزب الاتحاد الوطني الحر إلى وثيقة قرطاج ودعم حكومة الوحدة الوطنية" .. هكذا، بجرّة قلم، ودون أية مقدّمات، عاد الرياحي ليجلس من مع وصمهم بالفشل واللاوطنية، ومن أشهر سيف المعارضة في وجوههم، و ليدعم حكومة يوسف الشاهد التي قال فيها أسبوعا واحدا فقط قبل الإجتماع "السحري" بقيادات النهضة والنداء، إنها "حكومة عاجزة عليها الإستقالة عوض إثقال كاهل المواطنين" واصفا قانون المالية لسنة 2018 الذي قدمته إلى مجلس نواب الشعب "بالتغفيص" على حد تعبيره.


جدير بالتذكير، أن الرياحي عرف أياما عصيبة منذ أشهر، إذ إنهالت القضايا ضده، وتم تحجير السفر عليه و تجميد أرصدته وإحالتها على الخزينة العامة، كما تم تنفيذ عقلة على مكتبه، وصدرت ضده أحكام بالسجن، وعدد من مناشير التفتيش.. والتي تقدم بطعون ضدها، في حين رفض القضاء رفع تحجير السفر عنه مؤخرا.
ويأتي بيان اليوم، في ظل تأجيل اجتماع كان مقررا الاثنين الماضي بين المتحالفين و"العائد التائب'' ، ولم تذكر النهضة في بلاغها سبب تأجيل لقائها بالنداء والوطني الحر، ولا الموعد الجديد له.. ليبدو الرياحي في كل هذا في ثوب المتغزل بطرف سياسي لم يمنحه بعد رضاه التام.
 

أمل الهذيلي