languageFrançais

زيت الزيتون التونسي بين انتظارات منتجيه وتحرُك الدولة لتسعيره وترويجه

تُعد تونس ثاني أكبر منتج لزيت الزيتون  في العالم حيث تمثل غابات الزيتون حوالي 40% من المساحة الجملية للأراضي الفلاحية التونسية.

وقدر إنتاج زيت الزيتون  هذا الموسم 2025-2026 بحوالي 500 ألف طن إلا أن موسم شهد كرا وفرا بين فلاحة الزيتون وهياكل الدولة حول إشكاليات قديمة جديدة تتكرر مع كل موسم وتهم بالأساس تحديد السعر المرجعي الذي اعتبره عدد من الفلاحين تأخر كثيرا مما دفع البعض إما إلى عدم الجني في الفترة المعتادة أو انتظار تحرك وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري بنشر السعر الذي يستجيب لتطلعاتهم في ما قام آخرون بعمليات الجني وتوجيهها للمعاصر أو خزنها بعدة طرق  .

تحديد السعر المرجعي المتحرّك بـ 10 دنانير للكلغ وطلبات بترفيعه لـ14 دينارا

وتحركت الوزارة منذ أيام فقط عبر تحديدها للسعر المرجعي المتحرك عند تداول زيت الزيتون على مستوى المعاصر (الباز) بـ 10 دنانير للكلغ الواحد مؤكدة انه سيتم التحيين الدوري لهذا السعر أسبوعيا وكلما اقتضى الأمر ذلك حرصاً على إنجاح هذا الموسم وحماية منظومة الإنتاج وضمان توازنها بما يراعي مصلحة كافة المتدخلين في المنظومة وخاصة صغار الفلاحين حسب نص بلاغها .

هذا واعتبرت نقابة الفلاحين لموزاييك أنّ القرار المشترك بين وزارتيْ الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري والتجارة وتنمية الصادرات بخصوص السعر المرجعي المتحرّك عند تداول زيت الزيتون على مستوى المعاصر (الباز) بـ 10 دينارا للكغ الواحد، لا يواكب كلفة الإنتاج مما سيتسبب في تداعيات سلبية على موسم الجني وصابة الزيتون للسنة المقبلة إذا لم تتواصل عملية الجني .

وتعتبر نقابة الفلاحين ان السعر المرجعي عند تداول زيت الزيتون لا يجب أن يقل عن  15 دينار أو 14 دينارا على أقصى تقدير خاصة أن الفلاحة يواجهون صعوبات في علاقة بالحفاظ على غابات الزيتون البعلية منذ أكثر من 10 سنوات وهي سنوات وصفها بالعجاف وهو ما يستوجب مراعاة مصلحتهم خلال هذا الموسم محذرة من تداعيات حملة "طيح الصرّافة" التي انطلقت منذ فترة كنوع من أنواع الضغط من أجل الترفيع في سعر كلفة الإنتاج.

ضرورة انخراط البنوك والدبلوماسية الاقتاصدية في إنجاح موسم جني الزيتون

ومن جانبها أفادت رئيسة الغرفة الوطنية لمنتجي الزياتين نجاح السعيدي حامد لموزاييك بأن ألية التخزين لا تعني بتاتا صغار الفلاحين اللذين يمثلون 75% من نسيج قطاع منتجي الزيتون بالتالي فان ألية التخزين لا تعتبر حلا لصغار الفلاحين .

وأكدت على دور الفلاح الذي يقتصر على الإنتاج وتغطية المصاريف وتحقيق الربح، فيما تقع على عاتق الدولة مهمة الدعم وتوفير الظروف الملائمة للقطاع مثمنة دعوة رئيس الجمهورية للبنوك للانخراط في إنجاح موسم جني الزيتون ودعم الفلاحين ودعوته إلى تعزيز الدبلوماسية الاقتصادية والترويج لزيت الزيتون التونسي في الأسواق العالمية، معتبرة أن ذلك يتطلب إرادة حقيقية وتحركا فعالا من السفارات التونسية بالخارج للتعريف بالمنتوج الوطني.

وبالتوازي مع هذه الوضعية تحركت الوزارات المعنية وهياكل الدولة لوضع برامج ترويجية وتصديرية لزيت الزيتون التونسي من ذلك اجتماع اللجنة الاستشارية للنهوض بالصادرات بمركز النهوض بالصادرات حول الترفيع في دعم النقل لتصدير  زيت الزيتون  نحو الوجهة الأمريكية وإيلاء المنتجات الفلاحية وخاصة زيت الزيتون الأولوية القصوى على مستوى  دراسة ملفات الدعم أو التسريع في صرف المنح وفق بلاغ وزارة التجارة.

لجان مشتركة لاقتراح طرق الترويج ودمج زيت الزيتون ضمن المسالك السياحية  الفلاحية

هذا وانعقدت مؤخرا جلسة عمل مشتركة بين وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري ووزارة السياحة، للنظر في سبل تطوير السياحة الفلاحية وتثمين ترويج المنتوجات الفلاحية، ولا سيما زيت الزيتون التونسي، باعتباره منتوجًا استراتيجيًا ورافدًا هامًا للتنمية الاقتصادية وتم التأكيد على أهمية تعزيز التكامل بين القطاعين الفلاحي والسياحي بوصفهما ركيزتين أساسيتين للتنمية المستدامة وتمّ إحداث لجنة عمل مشتركة وقارة تتولى اقتراح أفكار ترويجية ومتابعة تنفيذها على مدار السنة مع وضع برنامج عمل مشترك لسنة 2026 .

كما تناولت الجلسة تطوير مسارات سياحية موضوعاتية (Routes thématiques) واقتراح تنظيم مهرجانات وتظاهرات موسمية حول زيت الزيتون بمختلف الجهات المنتجة، وربطها بالمسالك السياحية الفلاحية، بما يعزز إشعاع زيت الزيتون التونسي ويكرّس مكانته كمنتوج رمزي ورافد أساسي للاقتصاد الوطني.

وبين تحركات الوزارات المعنية للحملات الترويجية لزيت الزيتون المحلي وبين موقف الفلاحة ووضعياتهم وانتظاراتهم  يبقى من المهم الأخذ بعين الاعتبار  السقف الزمني للانتهاء من عمليات الجني والعصر والتعليب  الذي  لا يجب الإطالة فيه لما سيخلفه من  تداعيات سلبية على إنتاجية شجرة الزيتون خلال الموسم القادم  مع ضرورة تشجيع  الفلاحة على مواصلة عمليات  جمع الزيتون وعدم تأجيلها، لأن  التأخر يضر بالمنتجين أوّلا وأخيرا  هذا مع أهمية ضمان استقرار  الأسعار في الفترة القادمة  لضمان ربحية الفلاح ومنتج الزيتون وقدرة المستهلك التونسي على اقتناء الكميات التي يحتاجها بأسعار معقولة .

ويبقى تظافر جهود كل الأطراف لدعم  منتجي زيت الزيتون والفلاحيين وكافة المتدخلين في سلسة إنتاج الذهب الأخضر مهمة جدا لضمان تصدير هذا المنتج بالكميات المطلوبة  وبأسعار قيمة بالأسواق العالمية مع ضمان الجودة العالية نفسها والقدرة التنافسية المعتادة لزيت الزيتون التونسي في الأسواق التقليدية أو المستهدفة حديثا نظرا لتنافس دول أخرى على مراتب زيت الزيتون التونسي كمّا ونوعا رغم تميز وانفراد زيت الزيتون التونسي بجودة عالية وخاصة منه البيولوجي الذي يحتل مرتبة أولى عالميا ويجب تعزيزها والاستفادة أكثر بتشجيع منتجيها بتونس ماليا ومعنويا.

هناء السلطاني

share