ضعف الشمول المالي بتونس تُعمقه فجوة بين مالكي هواتف ذكية وحسابات مالية
رغم النسق المتصاعد لعدد مالكي الهواتف الجوالة في العالم وفي تونس إلا أن ما يقابله في عدد الحسابات البنكية المملوكة يعد ضعيفا إلى اليوم حسب عدة تقارير منها التي صدرت مؤخرا عن مجموعة البنك الدولي.
وبينت التقارير أن 900 مليون شخص ممن لا يملكون حسابات مالية لديهم هواتف محمولة رغم أن 68% لديهم هواتف ذكية، وتطرح هذه الفوارق أيضا على مستوى تونس حيث كشفت وزارة تكنولوجيات الاتّصال، أنّ عدد مشتركي الهاتف الجوال في تونس ناهز الـ 14 مليون و875 ألف مشترك، خلال سنة 2024، إلا أن بيانات أصدرها البنك الدولي حول مؤشر الإدماج المالي في العالم في جوان 2022 كانت قد بينت أن 37 % من التونسيين فقط يملكون حسابات بمؤسسات مالية وتناهز هذه النسبة 29 % للنساء و32 % لدى الأشخاص محدودي الدخل.
تعزيز الرقمنة في القطاع البنكي لدمج هذه الفئة
وتُبرز هذه المعطيات الفجوة العمرية على مستوى ملكية الحسابات بين عدد مالكي الهواتف الجوالة ومعدل عدد مالكي الحسابات المالية حيث لا يملك 50 بالمائة من التونسيين حسابا بنكيا. كما أشار بلال الجاموسي المدير المساعد لقطاع التقييس بالاتحاد الدولي للاقتصاد في تصريح لموزاييك إلى أن حوالي 4 ملايين مواطن تونسي بالغ لا يملك حسابات بنكية، مؤكدا على أهمية تعزيز الرقمنة في القطاع البنكي لدمج هذه الفئة .
ورغم المجهودات لمحاولات إدماج عدة فئات في المنظومة المالية من ذلك ما تقوم به شركة نقديات تونس حيث أعلن مديرها العام بلال الدرناوي في تصريح سابق لموزاييك أن هناك 110 ملايين من المعاملات النقدية سنويا. واعتبر أن خدمة الدفع الإلكتروني MOBILE PAIEMENT التي تم إطلاقها منذ 2022 تهدف إلى تطوير هذه العملية التي يجب ان تكون لدى كل الحرفاء الذين يملكون بطاقات بنكية مع إطلاق آلية الدفع الالكتروني بواسطة الهاتف الجوال بهدف استقطاب بين 40 إلى 50 بالمائة ممن ليس لديهم حسابا بنكيا وإدماجهم في المنظومة المالية .
التكنولوجيات الحديثة.. والتطبيقات المالية المستحدثة للخلاص
وفي سياق متصل، بينت معطيات لهذه السنة تسجيل تطور في عدد العمليات المالية حيث قدرت عمليات الخلاص الالكترونية بـ60 مليون عملية لدى التجار أو بالتجارة الالكترونية في حين بلغت بعض الدول العربية نسب هامة في اعتماد الخلاص الالكتروني بلغت 98 %،.
هذا وتبرز هذه المؤشرات المتناقضة بين عدد مستخدمي الهاتف الجوال وعدد الحسابات المالية المملوكة ونسب المعاملات المالية الإلكترونية ضرورة مزيد العمل على تحقيق انسجام بين هذه الثلاثية في الممارسات اليومية والتوعية بوجود ترابط وثيق بين اعتماد التكنولوجيات الحديثة منها التطبيقات المالية المستحدثة للخلاص ومتابعة الحسابات البنكية عبر الهواتف الجوالة الذكية المملوكة لدى التونسيين من أجل تحقيق شمول مالي واندماج بنكي متطور واستقطاب من يفتقدون لحسابات بنكية من مواطنين او تجار يعملون في القطاع المنظم أو الموازي خاصة .
تباين بين مستخدمي التكنولوجيات الحديثة ومالكي الهواتف الجوالة
هذا وأكد محافظ البنك المركزي التونسي فتحي زهير النوري في تصريحات سابقة لموزاييك هذا التباين بين مستخدمي التكنولوجيات الحديثة ومالكي الهواتف الجوالة ونسب إدماجهم المالي عموما في تونس، مبرزا أن آخر الدراسات تؤكد ضعف سلوكيات الادخار والتخطيط المالي منذ سن مبكرة مع انخفاض نسبة امتلاك الحسابات المصرفية وتزايد الاعتماد على القنوات غير الرسمية لإدارة الأموال وغياب مفاهيم الفائدة وإدارة المخاطر لدى شرائح مختلفة من المواطنين.
ووصف هذه المؤشرات بالخطيرة لأنها تهدد الاستقرار المالي والاجتماعي، داعيا إلى تبسيط إجراءات الوصول إلى الخدمات المالية ودعم التمويل متناهي الصغر وتطوير الخدمات المالية التي تلائم الواقع المحلي وتطوير الثقافة المالية في المناهج التربوية وتكريسها كسلوك اجتماعي ممارس لا مجرد فكرة يتم تعليمها.
ومن المتناقضات في جانب أخر وجود 400 ألف حساب بنكي غير نشط كشفت عنه الدولة التونسية مؤخرا خلال تطبيقها قانون المالية لسنة 2025.
هناء السلطاني