languageFrançais

كيف تدير أمريكا بعض حروبها من قواعدها في الخليج؟

إيران تثأر لسليماني في قطر ..لم اختارت قاعدة 'العديد'؟

انفجر الغضب الإيراني بقوَّةٍ هزَّت قطر  بعد أن قصفت طهران مساء الاثنين 23 جوان 2025 قاعدة ''العديد'' العسكرية الأمريكية بقطر مُعلنةً فصلا جديدا من حرب الظل التي لا تنتهي.

هجوم جاء بعد أيام من التهديدات المعلنة، ليعيد سيناريو حرب الخليج مرة أخرى ولو بشكل أقلّ في المنطقة، وكذلك فتح ملف الصراع الخفي الذي يشعل المنطقة منذ عقود.. كما أعاد إلى الواجهة جدلا قائما حول طبيعة الوجود العسكري الأمريكي في الخليج من جهة، وطبيعة العلاقات الأمريكية الإيرانية من جهة أخرى.

يوم الاثنين 23 جوان، أعلن الحرس الثوري الإيراني أنه نفذ هجوما صاروخيا انتقاميا على قاعدة العديد الأمريكية في قطر، وهي أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة.. هجوم لم يُحدث خسائر بشرية، لكنه حمل في طياته روحا انتقامية لما تحمله القاعدة من رمزية خاصة أنها تُصنف كأكبر منشأة عسكرية لسلاح الجو الأمريكي، واختارت طهران قصف القاعدة بستة صواريخ في مشهد بدا يحمل في طياته ثأرا للقيادي العسكري الإيراني قاسم سليماني الذي اغتالته القوات الأمريكية مطلع سنة 2020 باستعمال صاروخ من 6 شفرات.


استهداف ''العديد' لاستعادة الهيبة ورد الاعتبار

استهداف إيران لقاعدة ''العديد'' اعتبره أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت الدكتور عبد الله الشايجي في تصريح لقناة الجزيرة أنه رد غير موفق إلا أن  طهران كانت بحاجة للرد لاستعادة هيبتها ولرد الاعتبار أمام شعبها، رغم العلاقة الوطيدة بينها وبين الدوحة.

واختارت إيران قطر لعدة أسباب حسب الشايجي، أرادت من خلالها بعث رسالة إلى دونالد ترامب، وكانت ضربة استعراضية أكثر من أن تكون ضربة انتقامية.

والملفت أيضا حسب الشايجي، أن طهران قصفت القاعدة بـ6 صواريخ، وهو السيناريو ذاته لعملية اغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس الذي تمت تصفيته خلال ولاية دونالد ترامب الأولى.

اغتيال قاسم سليماني بصاروخ من 6 شفرات

واغتالت القوات الأمريكية القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني، في قصف صاروخي استهدف موكبه في مطار بغداد بتاريخ 3 جانفي 2025، واستعملت في العملية صاروخا من 6 شفرات حادة، حسب ما نقلته تقارير أمريكية.

وحسب تقرير سابق بصحيفة "وول ستريت جورنال"، فقد طورت الاستخبارات المركزية الصاروخ المستخدم في العملية والذي يستند إلى طرازات Hellfire Romeo R9X، حيث تم استبدال الرأس الحربي المتفجر بـ6 شفرات حادة مزودة بزنبرك. 

وتبرز الشفرات في جميع الاتجاهات قبل لحظات من بدء الضربة، وعند إصابة الهدف تؤدي إلى تمزيقه بسرعة وتصيبه بجراح عميقة قاتلة.

ما مدى أهمية قاعدة العديد ورمزيتها؟

تعتبر قاعدة العديد الجوية في قطر ذات أهمية استراتيجية بالغة للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، لأنها أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة وتُصنف كأكبر منشأة عسكرية لسلاح الجو الأمريكي خارج الأراضي الأمريكية، حيث تستضيف آلاف الجنود الأمريكيين (نحو 10 آلاف جندي أمريكي)، مما جعلها مركز ثقل للوجود العسكري الأمريكي في الخليج.

وتضم القاعدة المقر الأمامي للقيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM Forward HQ) ومقر القيادة المركزية للقوات الجوية الأمريكية (AFCENT)، بالإضافة إلى مركز العمليات الجوية المشتركة. وتشرف القيادات على العمليات الجوية الأمريكية في منطقة واسعة تمتد من مصر إلى كازاخستان، بما في ذلك العراق وسوريا وأفغانستان.

تتميز القاعدة ببنية تحتية متطورة تشمل أطول ممر هبوط جوي في منطقة الخليج (بطول حوالي 5 كيلومترات)، مما يسمح باستقبال أكبر الطائرات العسكرية، بما في ذلك القاذفات الثقيلة مثل B-52 وطائرات النقل C-17. كما تضم مراكز قيادة وتحكم متقدمة، ومخازن ضخمة للأسلحة والوقود، وورش صيانة للطائرات والمعدات.

نقطة انطلاق للعمليات الجوية

تُستخدم قاعدة العديد الجوية كنقطة انطلاق رئيسية للطائرات المقاتلة (مثل F-22 و F-15) وطائرات التزود بالوقود وطائرات الاستطلاع دون طيار، مما يعزز من قدرة القوات الأمريكية على تنفيذ عمليات متقدمة وسريعة لمكافحة الإرهاب، وجمع المعلومات الاستخباراتية، ودعم الضربات الجوية في جميع أنحاء المنطقة.

ولعبت هذه القاعدة دورا محوريا في حروب العراق وأفغانستان، وتُعزز قدرة الولايات المتحدة على حماية مصالحها الحيوية وحلفائها في الخليج العربي.

كما تُعبر هذه القاعدة عن عمق الشراكة الدفاعية بين واشنطن والدوحة التي استثمرت مليارات الدولارات في تطويرها.

ويسمح الموقع الجغرافي الاستراتيجي للقاعدة الأمريكية بالوصول السريع إلى نقاط التوتر المحتملة في المنطقة.

50  ألف جندي أمريكي في أكثر من 19 قاعدة دائمة أو مؤقتة

أنشأ الأمريكيون قواعد عسكرية عديدة في منطقة الشرق الأوسط على مدى عقود ويديرون حاليا أكثر من 19 قاعدة دائمة أو مؤقتة في المنطقة حسب تقارير إعلامية، 8 من هذه القواعد دائمة وتقع في البحرين، ومصر، والعراق، والأردن، والكويت، وقطر، والسعودية، والإمارات.

ويبلغ عدد الجنود الأمريكيين في المنطقة حوالي 40,000 إلى 50,000 جندي، يتوزعون على هذه القواعد والسفن الحربية.

كيف تتوزع أهم القواعد الأمريكية في الخليج؟

قاعدة العديد الجوية في قطر: أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة، بُنيت عام 1996 على مساحة 24 هكتارًا، وتتسع لنحو 100 طائرة وطائرة مسيرة. يتمركز في هذه القاعدة أكثر من 10 آلاف جندي أمريكي، وهي مقر القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM).

قاعدة الدعم البحري في البحرين: قاعدة بحرية أمريكية في البحرين، تضم حاليا حوالي 9000 عسكري. تُعدّ القاعدة المركز الرئيسي للأسطول الأمريكي الخامس، وتعمل على توفير الأمن للسفن والوحدات البحرية الأمريكية في المنطقة.

قاعدة عريفجان في الكويت: تُعد هذه القاعدة المقر الرئيسي للجيش الأمريكي، وتقع على بُعد 55 كيلومترا جنوب شرق مدينة الكويت. أُنشأت القاعدة عام 1999، وهي المركز الرئيسي للدعم اللوجستي والقيادة للقوات العسكرية الأمريكية في المنطقة، وخاصةً في مجال أنشطة القيادة المركزية الأمريكية.

قاعدة الظفرة الجوية في الإمارات العربية المتحدة: تُعد هذه القاعدة مركزا استراتيجيا مهمته جمع المعلومات الاستخبارية ودعم الضربات الجوية. وتضم القاعدة طائرات مقاتلة مثل "إف-22"، وطائرات بدون طيار، وطائرات إنذار مبكر، وطائرات أواكس.

قاعدة الإسكان الجوية السعودية: مقر المجموعة الجوية 320 والمجموعة الاستطلاعية 64.

قواعد في عمان: تستفيد الولايات المتحدة من عدة قواعد في عمان مثل قاعدة مصيرة الجوية وقاعدة المسننة الجوية وقاعدة ثمريت الجوية، وتستخدم هذه القواعد لأغراض مختلفة منها تسيير طائرات التجسس والنقل الجوي وتخزين الذخيرة.

قاعدة أربيل الجوية في العراق: تستخدم هذه القاعدة القوات الأمريكية في عملياتها، خاصة في شمال العراق وسوريا.

الوجود الأمريكي.. كيف تأسس وترسّخ وتعزّز؟

يعود الوجود الأمريكي في بعض دول الخليج إلى عقود بعيدة حسب تقرير لـBBC، وصار أكثر وضوحاً مع اندلاع الحرب العراقية الإيرانية بين سنوات 1980 و1988 التي شهدت ما عُرف "بحرب الناقلات"، حين استهدف العراق وإيران ناقلات النفط والسفن التجارية في الخليج في سبيل استنزاف الطرف الآخر اقتصادياً.

وخلال الحرب العراقية الإيرانية، موّلت السعودية والكويت ودول مجاورة أخرى العراق في مجهودها الحربي ضد إيران، ودعمتها الولايات المتحدة كذلك تكتيكياً، وفق الموسوعة البريطانية. وفي 1987 تدخلت الولايات المتحدة لحماية ناقلات النفط التي كانت تتعرض لهجمات إيرانية في مياه الخليج.

وأصبح الوجود الأمريكي أكثر تأسيساً وضمن شراكات استراتيجية في أعقاب حرب الخليج الثانية المعروفة بـ "عاصفة الصحراء" سنة 1991، حين قادت الولايات المتحدة الأمريكية تحالفاً دولياً لإخراج القوات العراقية من الكويت، فوقّعت عدة دول خليجية اتفاقيات دفاعية مع واشنطن في الأشهر التي أعقبت الحرب. ثم تعزز هذا الوجود بعد غزو العراق سنة 2003.

وتُعد هذه القواعد جزء من استراتيجية الولايات المتحدة لحماية مصالحها النفطية والأمنية.

اقرا أيضا

share