languageFrançais

في ذكراها الـ 86 .. ما هي أحداث 9 أفريل 1938؟

من المؤكد أن تاريخ أو مصلح 9 افريل 1938 ليس بالغريب عن الذهن والبال في تونس، فقد أعترضك هذا التاريخ من قبل إما اسما لشارع أو نهج أو ساحة أو اسما اطلق على مؤسسة تربوية أو أي منشأة عمومية، وهو ما يجعل كل شخص تونسي كان أو أجنبي يتساءل عن أصل وتاريخ هذه التسمية والذكرى وما هو الحدث البارز ذلك اليوم ليجعل تونس تحتفل اليوم بالذكرى 86 لأحداث 9 أفريل 1938.

سنحاول من خلال هذا التقرير متعدد المنصات سرد مختلف أحداث ومراحل أحداث 9 أفريل 1938 في تونس، وما هي أبرز الأسباب والتداعيات لهذا الحدث الوطني الذي مثل نقطة مهمة في تاريخ تونس وتاريخ الحركة الوطنية بها إبان الاستعمار الفرنسي.

عيدًا للشهداء

تحتفي تونس اليوم بذكرى أحداث 9 أفريل 1938، وهي واحدة من أبرز محطات مسيرة النضال الوطني ضد الاحتلال الفرنسي، حينما اندلعت احتجاجات شعبية مطالبة بالإصلاحات السياسية وعلى رأسها إنشاء برلمان تونسي، وقد واجهها المحتل بالقمع ما خلفّ 22 شهيدًا، لتكون هذه الأحداث أيقونة للتضحية حتى باتت عيدًا للشهداء كل سنة.

في بداية الثلاثينات شحن الجو في البلاد على خلفية الأزمة العالمية التي كانت لها آثار عميقة على النشاط الاقتصادي المحلي، ومما زاد الطين بلة انتظام المؤتمر الأفخارستي بقرطاج وأحداث التجنيس التي اندلعت بسبب رفض الأهالي دفن المجنسين بالجنسية الفرنسية بالمقابر الإسلامية. 

وفي تلك الأجواء برزت مجموعة ممن درسوا في الجامعات الفرنسية يقودهم الحبيب بورقيبة بكتاباتها الصحفية لتنضم للجنة التنفيذية للحزب الحر الدستوري لكنها ما لبثت أن انشقت عنه لتؤسس في مارس 1934 حزبا سمي بالحزب الحر الدستوري الجديد. استطاع الحزب الجديد اكتساب تعاطف عدد كبير من المناصرين وتوسعت رقعة مؤيديه لتشمل فئات جديدة ومناطق لم تكن للحزب القديم حضور فيها. لم يدم نشاط بورقيبة ورفاقه طويلا إذ وقع إبعادهم إلى الجنوب في سبتمبر 1934 ولم يخلى سبيله إلا عام 1936. وفي 9 أفريل 1938 اندلعت مظاهرات ضخمة للمطالبة بإحداث إصلاحات لنظام الحماية إلا أنها قمعت من طرف الفرنسيين مما أسفر عن عشرات القتلى والجرحى في حين حظر الحزب الحر الدستوري الجديد واعتقل قادته مرة أخرى.

مسار الأحداث

* مارس 1938، على إثر إنشاء الحزب الحر الدستوري الجديد، تم سجن وإبعاد عدّة قادة ومناضلين من طرف القوّات الفرنسية فاندلعت مظاهرات حاشدة في كامل البلاد سقط خلالها العديد من الشهداء.

* يوم 8 مارس 1938، لأسباب نقابية، سقط 19 شهيدا، خلال إطلاق نار من طرف البوليس الفرنسي على العمّال بالمتلوي.

* يومي 13 و14 مارس 1938 قام الحزب الدستوري بعقد اجتماعا لتحديد موقفه من سياسة الاضطهاد التي كانت تعيشها البلاد وبدأت منذ ذلك الحين حملة اعتقالات القادة.

* يوم 2 أفريل 1938 وقع طرد علي البلهوان من الصّادقية وأضرب تلاميذ المدرسة الصادقية والزيتونة وأسست إثرها لجنة الاتحاد الزيتوني المدرسي لتأطير النضال المدرسي والطلابي.

* يوم 4 أفريل 1938 وقع اعتقال يوسف الرويسي وسليمان بن سليمان إثر قيامهما بحملة دعائيّة بمدينة سوق الأربعاء. فانطلقت مظاهرات ضخمة بوادي مليز وسوق الأربعاء احتجاجا على اعتقالهما مع عدد من الوطنيين. واعتقل في نفس اليوم صالح بن يوسف.

* يوم 6 أفريل 1938 اعتقل الهادي نويرة ومحمود بورقيبة.

* يوم 8 أفريل 1938 اندلعت الأحداث بخروج الشعب التونسي بكل شرائحه وفئاته وأجياله للمناداة بالحرية وتحديدا بـ«برلمان تونسي» بالعاصمة التونسية. إذ خرجت إحداهما من ساحة الحلفاوين بقيادة علي البلهوان والأخرى من رحبة الغنم قادها المنجي سليم. وكانت المرأة التونسية قد خرجت في تلك المناسبة للتظاهر لأول مرة.

* يوم 9 أفريل 1938 اعتقل علي البلهوان وجلب إلى المحكمة للمثول لدى حاكم التحقيق فأثار ذلك غضب المتظاهرين وخرجوا بأعداد غفيرة للتّظاهر، فتمّ إعلان حالة الحصار ووقع قمعهم واعتقال عدّة مناضلين من بينهم الحبيب بورقيبة، بلغ عدد الاعتقالات حينها ما بين الألفين والثلاثة آلاف، وتمّت إحالة المعتقلين على المحاكم العسكرية. 

مقتطف من خطاب علي البلهوان يوم 8 أفريل 1938 بساحة الإقامة العامة بتونس العاصمة، قبل اندلاع الأحداث

"جئنا في هذا اليوم لإظهار قوانا، قوة الشباب الجبارة التي ستهدم هياكل الاستعمار الغاشم وتنتصر عليه، جئنا في هذا اليوم لإظهار قوانا أمام هذا العاجز (يشير إلى المقيم العام : غيون) الـــذي لا يقدر أن يدير شؤونه بنفسه ويتنازل عنها إلى (كارتون) (الكاتب العام للحكومة يومئذ) ذلك الغادر الذي يكيد للتونسيين الشرّ والمذلّة والمحق ويريد سحقهم في هذه البلاد لا قدّر الله. يا أيها الذين آمنوا بالقضية التونسية، يا أيها الذين آمنوا بالبرلمان التونسي، إن البرلمان التونسي لا ينبني إلا على جماجم العباد، ولا يقام إلا على سواعد الشباب ! جاهدوا في الله حق جهاده، إذا اعترضكم الجيش الفرنسي أو الجندرمة شرّدوهم في الفيافي والصحاري وافعلوا بهم ما شئتم، وأنتم الوطنيّون الدائمون في بلادكم وهم الدخلاء عليكم ! بالله قولوا حكومة خرقاء سياستها خرقاء وقوانينها خرقاء يجب أن تحطّم وأن تداس، وها نحن حطّمناها ومزّقناها، فالحكومة قد منعت وحجّرت رفع العلم التونسي، وها نحن نرفعه في هذه الساحة رغما عنها ! والحكومة قد منعت التظاهر وها نحن نتظاهر ونملئ الشوارع بجماهير بشريّة نساء ورجالا وأطفالا تملأ الجوّ هتافا وحماساً".

وقال استاذ التاريخ، خالد عبيد، في تصريح لموزاييك، في نفس السياق، إن أحداث يوم 9 أفريل 1938 لم تكن مبرمجة من قبل القيادة الوطنية ان ذاك، بل المبرمج في الخطة النضالية حينها يومي 8 و 10 أفريل من ذات السنة من أجل القيام بتحركات احتجاجية.

وأضاف خالد عبيد، أن المستعمر الفرنسي حينها كان يهدف إلى إنهاء الوجود الوطني في تونس وذلك من خلال إصدار عدد من الأوامر أهمها عدم رفع العلم التونسي لوحده إذ لا بد أن يكون مصاحبا للعلم الفرنسي.

صلاح الدين كريمي

* المزيد من التفاصيل في الفيديو:

share