languageFrançais

لماذا عجزت دفاعات إسرائيل عن ردع كل الصواريخ الإيرانية؟

شهدت اسرائيل تصعيدًا غير مسبوق تمثل في هجوم صاروخي إيراني واسع النطاق أسفر عن مقتل وإصابة مئات الإسرائيليين، إضافة إلى أضرار جسيمة لحقت بعدد من المدن. ووصف خبراء هذا التطور العسكري بأنه نقطة تحوّل، استعادت فيه طهران زمام المبادرة والردع في مواجهة تل أبيب.

وبحسب وسائل إعلام إيرانية، استخدمت طهران في هذه العملية صواريخ باليستية متطورة من طراز "عماد" و"قدر" و"خيبر شكن"، والتي يتراوح مداها بين 1400 و2000 كيلومتر، وتزن رؤوسها الحربية من 500 إلى 1500 كيلوغرام.

وتتميز هذه الصواريخ بقدرات تدميرية هائلة، وقد تم تصميمها خصيصًا لاستهداف البنى التحتية والمنشآت الحيوية في إسرائيل.

ولم تقتصر الضربة على هذه الصواريخ، بل رجح خبراء عسكريون استخدام إيران لصواريخ فرط صوتية من طراز "فتاح"، التي كشفت عنها رسميًا في جوان 2023. ويصل مدى هذه الصواريخ إلى 1400 كيلومتر، وتتفوق سرعتها على سرعة الصوت بخمس مرات، مع قدرات مناورة دقيقة داخل وخارج الغلاف الجوي، ما يجعل اعتراضها مهمة شبه مستحيلة. ويمكن تزويدها برؤوس تقليدية أو كيميائية أو حتى نووية.

هذه الصواريخ، وفق وكالة "تسنيم" الإيرانية، تندرج ضمن استراتيجيات "الإغراق الدفاعي" التي تهدف إلى إرباك وتجاوز المنظومات الدفاعية الإسرائيلية، بما في ذلك القبة الحديدية و"ثاد" الأمريكي و"مقلاع داود".

ثغرات واضحة في الدفاعات الإسرائيلية

رغم التغطية المتعددة الطبقات التي توفرها أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية، فشلت في التصدي الكامل لهذا الهجوم. فالقبة الحديدية مصممة لاعتراض الصواريخ القصيرة المدى فقط، بينما منظومتا "مقلاع داود" و"ثاد" مخصصتان للتصدي للتهديدات متوسطة وبعيدة المدى.

ومع ذلك، لم تنجح هذه المنظومات في صد جميع المقذوفات القادمة، خاصة عند تنفيذ هجوم شامل ومنسق.

الصحفي محمود الكن أوضح، في تقرير على قناة الجزيرة، أن كثافة الصواريخ (التي قد تصل إلى 40 دفعة أو أكثر) تؤدي إلى إرباك الأنظمة الدفاعية، التي تضطر إلى اختيار الأهداف حسب الأولوية، وقد تتجاهل الصواريخ المتجهة إلى مناطق غير مأهولة.

وأشار إلى أن الصواريخ الفرط صوتية تمثل تحديًا خاصًا، إذ تقوم بمناورات متكررة وتستخدم الغلاف الجوي للانزلاق، ثم تعود إلى الفضاء وتهاجم مجددًا بسرعة هائلة، وهو ما يخلق "تأينًا" في الجو يؤدي إلى التشويش على أنظمة الرادار.

رغم أن نظام "ثاد" أثبت نجاحه بنسبة 100% في التجارب، إلا أن الميدان يروي قصة مختلفة. فالهجمات الجماعية، والسرعات الخارقة، والمناورات الذكية جعلت من الصعب على أي نظام دفاعي التمييز بين الأهداف، ناهيك عن التعامل معها كلها في الوقت ذاته.

وبهذا الهجوم، أثبتت طهران امتلاكها أدوات متقدمة تفرض معادلات جديدة في الردع الإقليمي، وتكشف عن ضعف في قدرات إسرائيل الدفاعية.

share