languageFrançais

من التحالف إلى العداء.. ماذا يحدث بين ترامب وماسك؟


يبدو أنّ العلاقة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والميلياردير إيلون ماسك، التي كانت وديّة في السابق، قد وصلت إلى نقطة اللاعودة، حيث بلغ التوتر، حد اتهام ترامب بالتورط في أكبر الملفات فسادا في أمريكا ملف رجل الأعمال ''جيفري إبستين''.

دونالد ترامب وإيلون ماسك، يملكان اثنين من أقوى المنصات تأثيراُ في العالم، حولاهما إلى وسيلة للحرب الكلامية بعد أن تفاقم الخلاف بينهما، فمالذي يحدث؟

اتهامات.. اهانات وفضائح

 

''كانت تربطني علاقة جيدة بإيلون. لا أعلم إن كانت لا تزال كذلك.''

 

هكذا كان تصريح ترامب، من البيت الأبيض اليوم الجمعة، بعد هجوم ماسك الحاد على مشروع الميزانية الذي اقترحه ترامب، والذي وصفه بأنه "فظاعة مقززة".

وهدّد الرئيس الأميركي بتجريد الملياردير من عقود ضخمة مبرمة مع الحكومة، وقال في تصريحات نقلها التلفزيون من المكتب البيضوي “خاب أملي كثيرا'.

وكان ترامب قد ردّ قبل اليوم، على هذا التصريح عبر منصة "تروث سوشيال"، متّهماً ماسك بـ"متلازمة الهوس المعادي لترامب"، وواصفاً إياه بـ"المجنون"، قبل أن يرد أغنى أغنياء العالم وقطب التكنولوجيا بالقول إن ''الجمهوري كان سيخسر الانتخابات الرئاسية لو لم يدعمه''.

 

 

وكتب ماسك على موقع إكس، (تويتر سابقا): "لم يتبقَّ لترامب سوى ثلاث سنوات ونصف كرئيس، لكنني سأبقى في السلطة لأكثر من أربعين عاما".

ماسك، المعروف بأسلوبه الاستفزازي، هدّد بأن شركة "سبيس إكس" ستوقف فوراً استخدام مركبة "دراجون" الفضائية التي تستخدمها "ناسا" لنقل روّاد الفضاء إلى محطة الفضاء الدولية، لكنه عاد وتراجع عن هذا القرار بعد ساعات قليلة، ما اعتُبر بمثابة تحذير شديد اللهجة.

وفي تصريحات أكثر حدة، ندّد ماسك بما وصفه بـ 'جحود ترامب'، عائدا بالحديث عن أن دعمه المالي الضخم الذي انفقه على حملة الحزب الجمهوري السنة الفارطة، قائلا: ''لولاي، لخسر الانتخابات''.

ولكن التصريح الأكثر إثارة للجدل، والذي شبه البعض بـ ''القنبلة الكبيرة" تمثل في ما أشار إليه ماسك في وقت متأخر من يوم أمس الخميس، دون تقديم أدلة، إلى ظهور اسم ترامب في ملفات غير منشورة تتعلق بجيفري إبستين، المُدان بالاعتداء الجنسي والاتجار بالقاصرات، متهما إياه بإخفاء وثائق تتعلق بجيفري إبستين بسبب ورود اسمه فيها.

 

خطيرة جدا هذه التهمة والتي قد تكون لها تداعيات كبيرة، ليس فقط على الساحة السياسية، وفق ما يراه محلّلون أمريكيون.

 

 

قضية جيفري إبستين.. ما قصّتها؟

الوثائق السرية التي تحدث عنها ماسك، تعود إلى هذه القضية الشهيرة التي أُدين فيها رجل الأعمال الأميركي الملياردير جيفري إبستين بتهمة الاتجار بالبشر لأغراض جنسية، بما في ذلك مع قاصرين، وكشفت وثائق المحكمة المنشورة جانفي 2024 أسماء شخصيات بارزة مثل الأمير البريطاني أندرو، والرئيس الأسبق بيل كلينتون، ورئيس وزراء الاحتلال الصهيوني الأسبق إيهود باراك، وقد حُجبت أجزاء كبيرة من الوثائق لحماية هويات الضحايا.

وتزايد الغموض بعد وفاة إبستين داخل زنزانته عام 2019 خلال الفترة الرئاسية الأولى لترامب. فبينما أفادت التقارير الرسمية بانتحاره، شكّك كثيرون من المشاهير وصانعي المحتوى في ذلك، وادّعوا أنه قُتل لمنعه من فضح شخصيات نافذة.

وكان ترامب قد تعهّد خلال حملته الانتخابية عام 2024 بنشر الوثائق السرية المتعلقة بقضية جيفري إبستين، وقال في مقابلة تلفزيونية في سبتمبر 2024، إنه من المرجح أن ينشر "قائمة العملاء" الذين زاروا إبستين، وأكد أنه لا يمانع الكشف عن ملفات إضافية.

 

 

كارولين ليفات، المكلفة بالاعلام في مكتب ترامب، أوضحت في تصريح ''فاتر'' أن اتهام ماسك بالتورط في القضية "حلقة مؤسفة من شخص يشعر بعدم الرضا عن مشروع القانون الكبير، لأنه لا يتضمن السياسات التي يريدها".

لكن هذا التصريح، الاقرب للاتهام، جعل ترامب يخفّف من حدة التوتر قليلًا مع نهاية يوم أمس، متجنبًا التعليق على تصريحات ماسك خلال حضوره فعالية لتكريم الشرطة في البيت الأبيض، وفق ما نقله موقع البي بي سي.

ونشر ترامب رسالة على موقع "تروث سوشال" قال فيها إنه لا يمانع "الانقلاب عليه"، لكنه يتمنى لو أنه ترك الخدمة الحكومية قبل أشهر، ثم انتقل للحديث عن تشريعاته "الضخمة" المتعلقة بالضرائب والإنفاق.

 

اجتماعات عاجلة.. والجمهوريون قلقون

أفادت مصادر أمريكية قريبة من البيت الأبيض وتناقلتها مواقع الكترونية اعلامية، بأنّ الاجتماعات عاجلة عقدت في وشنطن تناولت آثار التصريحات النارية التي أطلقها ماسك، والتي انتقد فيها بشكل صريح سياسات اقتصادية تبنتها إدارة ترامب.

حالة من القلق تخيّم على الجمهوريين في الولايات المتحدة، خشية من أن يتحول الملياردير إيلون ماسك إلى عدو قوي للحزب، في ظل تصاعد الخلاف بينه والرئيس دونالد ترامب، وفق ما نقلته قناة "إن بي سي" نيوز الأميركية .

وأفادت القناة نقلا عن مصادر داخل الحزب الجمهوري 'مخاوف من أن يستهدف ماسك مقاعدهم في الانتخابات النصفية لعام 2026، مما يعرض وجودهم السياسي للخطر'

الديمقراطيون.. المشاهد السعيد

وفي هذه الأثناء، يقف الديمقراطيون سعداء، تاركين الرجلين يتبادلان الاتهامات، منتظرين تهاية المعركة. يقول ليام كير، الخبير الاستراتيجي الديمقراطي، لصحيفة بوليتيكو "إنها لعبة محصلتها صفر"، مضيفا "أي شيء يميل إلى صالح الديمقراطيين سيضر بالجمهوريين".

بدأ الخلاف قبل أسبوع، بتبادل الانتقاد، ليحتدّ أكثر الأربعاء حدّ 'الثلب'، قبل أن يبلغ مرحلة الاتهام والتهديد، والدعوة للعزل، بعد ظهر الخميس، فما الذي ستحمله نهاية الأسبوع؟ هل تهدأ الحرب التي بدأت على نار هادئة أم ستبلغ مرحلة الغليان؟

*أميرة عكرمي

share