الأولمبي الباجي: هذا تاريخ فريق حاضره مهدد بعدم التواجد في البطولة
يعيش الأولمبي الباجي وضعية لم يعرفها من قبل حتى في المواسم العجاف. فلأول مرة تحل هيئة تسييرية محل هيئة مديرة منتخبة، ولأول مرة وعلى مسافة أسبوع من المباراة الافتتاحية للموسم الكروي، لا يجري الفريق تربصًا تحضيريًا لا في باجة ولا خارجها، بالإضافة إلى الاكتفاء بمباراة ونصف ودية تحضيرية، الأولى شوط واحد ضد مولودية العاصمة الجزائري، والثانية اليوم في زويتن ضد شبيبة العمران.
كل ما ورد بالذكر يمكن تداركه، فمشوار البطولة طويل وتتخلله جولاته أكثر من فترة استراحة، لكن ما لا يمكن تداركه هو حلول تاريخ 6 أوت الجاري دون أن يجمع الفريق 320 ألف دينار وتسوية ملفات ديون تمتد لأكثر من عقد من الزمن. فقد أجمع أكثر من مهتم بالشأن الرياضي في تونس، سواء كان مقربًا من النادي أو متعاطفًا أو محايدًا أو متعصبًا لنادٍ دون غيره، أن بطولة بلا فريق عاصمة السكر مُرّة، وإن تزينت بكل أنواع الصراعات والمنافسات.
فكيف يغيب عن البطولة فريق تاريخه يمتد إلى سنة 1929، أنجب خلال عقود الاستعمار أول لاعب كرة قدم احترف في أوروبا، والحديث هنا عن بوجمعة الكميتي الذي اقترن اسمه باسم المركب الرياضي بالجهة؟ فريق بدأ مسيرته في الرابطة الأولى منذ 40 سنة، ومعها انطلقت رحلة تزويد كل الأندية التونسية دون استثناء بلاعبين سطع نجمهم في أنديتهم وفي المنتخب التونسي لكرة القدم. اسألوا الترجي عن فتحي الواسطي ومراد المالكي وزياد الدربالي وغيرهم، واسألوا النادي الإفريقي عن ماهر السديري وعادل النفزي وسامي النفزي ونبيل الميساوي ورمزي الفطحلي ونبيل الكوكي وعبد المنعم الدربالي وغيرهم، واسألوا الـ "سي اس اس" عن رمزي التوجاني والمرحوم نبيل بالشاوش، واسألوا النجم الرياضي الساحلي عن الأخوين الزواغي وعفوان الغربي.
اسألوا المتوجين بالبطولة على امتداد التسعينات من كان يحسم تتويجهم، فكل حساباتهم كانت ترتكز على تجاوز عقبة الأولمبي الباجي، وحتى المتوجين بالأميرة فقد لاقوا هذا الفريق في ثلاث نهائيات كانت الكلمة في إحداها للقليق (موسم 93)، كما توّج بالسوبر سنة 95.
اسألوا الأهلي المصري من أزعجه بالتعادل في عقر داره في بطولة العرب 99، واسألوا وفاق سطيف الجزائري وهزمه في باجة بعد التتويج بكأس 2010 والمشاركة في كأس الكنفيدرالية.
فهل تشهد الكرة التونسية بطولة ليس فيها الأولمبي الباجي الذي توّج بكأس 2023 على حساب الترجي الرياضي التونسي، بعد مسيرة تخطى خلالها النادي الصفاقسي في صفاقس بالذات في ربع نهائي المسابقة، ثم النادي الإفريقي في رادس بالذات في الدور نصف النهائي، وبعدها يتوج بالسوبر على حساب النجم الرياضي الساحلي؟
فكيف إذا ببطولة يغيب عنها فريق بهذه النكهة، فريق يهزم أندية من حيث لا تعلم في باجة وخارجها وهي التي على الورق تملك أسبقية عنه أكثر من مريحة؟ فريق يعيد توزيع الأوراق في سباق البطولة وفي أكثر من موسم وفي أكثر من مناسبة في الموسم الواحد، فريق يمثل الشمال الغربي في غياب الكاف وجندوبة وسليانة عن الرابطة المحترفة الأولى، فريق يصنع النجوم ويسوقها للأندية التونسية وخارج الوطن.
فريق بانتصاراته وتعادلاته وهزائمه له أحباء ومتعاطفون، وما صنع يوما عدوا كرويا لا داخل المستطيل الأخضر ولا خارجه.
فهل يغيب هذا الصرح عن بطولة هذا الموسم لغياب 320 ألف دينار أغلب طالبيها من أبناء النادي؟ فهل يغيب الأولمبي الباجي لغياب مبلغ هو بمثابة أجرة شهرية لاعب واحد في فرق تونسية أخرى؟
والأكيد أن الإجابة عن هذا السؤال بيد أبناء الأولمبي الباجي ومحبيه والمتعاطفين معه في باجة وكل ولايات الجمهورية وحتى خارج الوطن، وبيد الساهرين على شؤون الرياضة محليًا ووطنيًا بمختلف درجاتهم وصولًا إلى أعلى الهرم.
إيهاب النفزي