languageFrançais

كان 2022.. كان يا ما كان!

تعيش أفريقيا على وقع أقوى مسابقاتها القارية، الكأس الأغلى، كأس إفريقيا للأمم، في نسختها الثالثة والثلاثين، والتي وُلدت بعميلة قيصرية بعد أسابيع من المفاوضات والاجتماعات، أفضت في النهاية إلى تنظيم البطولة في موعدها وفي نفس الدولة التي تمّ اختيارها مسبقا، لتعيش الشعوب الإفريقية فرحتها وتستمتع أخيرا بمسابقاتها. 

ومثّل إقرار تنظيم كأس إفريقيا انتصارا لقارة تملك ثروات في كلّ المجالات، حتّى الكروية منها، لكنّها لطالما عانت ولازالت من عدم استقلالية قرارتها، غير أنّها نجحت هذه المرة في تقرير مصير مسابقاتها الكروية الأهم والأقوى. 

لقد انطلق العرس، زقزقت العصافير، كانت السماء زرقاء والشمس بازغة فوق ياوندي، دوالا، غاروا، بافوسام، وحتى مدينة ليمبي التي تعيش منذ سنوات على وقع ضربات الانفصاليين، لكن الفرحة كانت طاغية والصورة كانت جميلة. 

غير أنّ تلك الصورة الجميلة كانت تحمل في طياتها نوعا من الحزن والاستياء.. تفاصيل صغيرة قد تحصل في كلّ قارات العالم وبلدانها، لكن عندما يكون الحديث عن إفريقيا، تصبح الصور دون ألوان وتتداولها كلّ وسائل الإعلام وتسلط عليها الضوء.

حادثة الصحفيين الجزائريين  

نحن في دوالا، أكبر مدن الكاميرون، مدينة الثلاث ملايين ساكن، مدينة ملعب جابوما الذي يملك طاقة استيعاب تبلغ 50 الف مقعداً والذي احتضن، حتى الآن، مباراتان من كأس إفريقيا أمام مدارج خالية لضعف الإقبال الجماهيري. 

الأحد 9 جانفي 2022، ساعات قليلة بعد انطلاق البطولة، ثلاثة صحفيين من الجزائر جاؤوا لتغطية العرس الإفريقي يتعرضون إلى حادثة اعتداء بآلة حادة من قبل مجهولين، في حدث لم يكن الأوّل في مدينة دوالا ولن يكون الأخير، لكنّه شكّل صدمة لكلّ من يتابع المسابقة، في وقت لازالت فيه التحقيقات جارية. 

تصريحات روجي ميلا.. 

نتذكره جميعا.. نتذكر رقصاته بعد كلّ هدف سجله في مونديال إيطاليا 90، إنّه روجي ميلا، أكبر لاعب سجل في كأس عالم وأخذ نجوم القارة التي لطالما سوّقت لاعبيها إلى أندية القارة الأوروبية. 

عادة، ميلا لا يخطئ المرمى، لكنّه، أياما قليلة قبل كأس إفريقيا أخطئ الهدف ليطّل علينا بتصريح جانب الصواب واستفز دولاً بعينها. 

"طبعاً، الدول المغاربية هي من يبث دائما الفوضى"، هكذا قال مهاجم منتخب الكاميرون السابق في تصريح لقناة تي في 5، قبل أن يتابع "أنا آسف، لكن دعوني أقول لهم شيئاً، بكلّ أخوة، سواء كان ذلك للمغرب أو لمصر، إن لم تعجبهما إفريقيا، فليذهبا للعب في أوروبا، آسيا أو أي مكان آخر، المهم أن لا يأتيا لبث الفوضى في إفريقيا"، تصريحات صادمة ولازالت تنتظر الاعتذار. 

منع المنتخبات من التدرب في ملاعب المباريات 

جرت العادة في كلّ مسابقة أن تتدرب الفرق وكلّ المنتخبات على أرضية الميدان الرئيسي التي تخوض عليه مبارياتها، أربع وعشرين ساعة قبل إجراء المقابلة. 

لكن الأمر لم يكن كذلك في "كان الكاميرون" على غرار كان مصر 2019، حيث لم يسمح للمنتخبات أن تتدرب على الملاعب الرئيسية، ربما حفاظاً على أرضية الميدان، ولكن الصور التي شاهدناها حتى الآن أظهرت أنّ عشب أغلبية الملاعب التي تحتضن المباريات لم تكن في حالة جيدة. سؤال آخر يطرح، ولا إجابة واضحة. 

منتخب بلا حافلة... 

صورة أخرى، وقصة أخرى من قصص "كان الكاميرون"، هده المرة تخصّ المنتخب الجزائري الذي فوجيء بعد حصة تدريبية أجراها يوم أمس الأربعاء بغياب الحافلة التي كانت ستعود بهم إلى مقر الإقامة، حيث اضطرت البعثة الجزائرية إلى العودة إلى النزل على متن سيارات وحافلات صغيرة، في وقت لم تقدّم لجنة التنظيم حتى الآن الأسباب التي جعلت الحافلة الخاصّة بالمنتخب "تغيب عن الموعد"، مكتفية بالصمت. 

موريتانيا بلا نشيد وطني 

قبل مواجهة غامبيا في مباراة والتي تمّ تأخيرها بخمس وأربعين دقيقة، فشلت اللجنة المنظمة حتّى في عزف النشيد الوطني الموريتاني، في سابقة مضحكة ومحزنة في نفس الوقت.

لقطة تمّ تداولها في وسائل الاعلام عبر العالم، حيث اضطر لاعبو المنتخب الموريتاني إلى إلقاء النشيد الوطني بمفردهم وسط دهشة الصحفيين الحاضرين في ملعب ليمبي. 

جاني سيكازوي يفقد البوصلة.. 

ربما تكون إفريقيا قد انتصرت بتنظيم بطولتها الأهم، لكن من الواضح، أنّها فشلت في تنظيم قطاع التحكيم، ولعّل ما حصل في مباراة المنتخب التونسي ضدّ نظيره المالي أكبر دليل على ذلك. 

الحكم الزامبي جاني سيكازوي وضع كلّ القارة في موقف محرج يوم أمس حيث وفّر مادة إعلامية لكلّ القنوات التلفرية، الإذاعات والمواقع حول العالم وتمّ تداول صوره في كلّ وسائل التواصل الاجتماعي. 

سيكازوي فقد البوصلة وضاعت ساعته بين جبال محيط ملعب ليمبي حيث أقيمت مباراة تونس ضد مالي، ليعلن عن نهاية المقابلة في الدقيقة الخامسة والثمانين قبل أن يستدرك ويواصل اللعب، من ثمّ يطلق صافرة النهاية قبل نهاية الوقت القانوني ودون إحتساب الوقت الضائع. 

لم تكن حادثة سيكازوي الأولى ولا الأخيرة، فكلنا يتذكر ما حصل لنسور قرطاج في ربع نهائي كأس إفريقيا 2015 حين عبث الحكم بارسارد سيشورن بنتيجة المباراة ومنح ضربة جزاء خيالية لبلد أنقذ الكنفدرالية الافريقة بقبوله، في آخر لحظة، تنظيم كأس إفريقيا تلك السنة. 

مهزلة تحكيمية أخرى، فضيحة أخرى في ملاعب إفريقيا، والضحية هي نفسها، المنتخب الوطني التونسي، وسط صمت رهيب من مسؤولي الكنفدرالية الافريقية.  

منع المنتخب التونسي من إجراء حصة تدريبية… 

بعد المباراة، تمّ منع المنتخب الوطني التونسي من إجراء حصة إزالة الإرهاق في ملعب التمارين في مدينة ليمبي والسبب، مخاوف أمينة قد تكون مرتبطة بمواجهات وإطلاق نار في محيط المدينة. 

ويبقى السؤال الأبرز، لماذا اختار الكاميرون تنظيم مباريات المجموعة السادسة في مدينة تعيش على وقع الاضطرابات منذ سنوات؟ 

ستكون أفضل كأس إفريقيا في التاريخ.. 

هكذا قال باتريس موتسيبي في حفل افتتاح كان الكاميرون، "نريد أن نتوجه برسالة إلى الأربع وخمسين دولة في القارة، كأس إفريقيا في الكاميرون ستكون الأفضل في تاريخ المسابقة.." 

رئيس الكنفدرالية الافريقية يملك ثلاث أسابيع تقريباً حتى يثبت ما قاله، ثلاث أسابيع ستناضل خلالها المنتخبات من أجل تقديم كرة قدم تثبت أن كأس إفريقيا هي الأفضل وأنّ الكاميرون كانت فعلاً قادرة على تنظيم الحدث. 

أحمد عداله