مبروك: المدرسة أصبحت منتجة للعنف والعائلة استقالت من مهمة التربية
قال أستاذ علم الإجتماع ووزير الثقاقة السابق مهدي مبروك في تعليقه على العنف المدرسي الذي عاشته تونس في الأيام الماضية وخلف أثارا نفسية واجتماعية في الرأي العام، إن الدراسات التي أجرتها اليونسكو وجملة من الخبراء والباحثين التونسيين منذ سنوات تشير إلى تنامي هذا العنف بدليل أن أحد أهم المطالب القارة التي ترفعها نقابات التربية هو حماية المربي رغم الجدل الذي يثيره هذا المطلب.
وأضاف مبروك في تصريح لموزاييك الأربعاء 10 نوفمير 2021 أن المؤشرات الإحصائية حول الأحداث المسجلة داخل الفضاء المدرسي أو بجواره وعدد الإحالات على مجلس التأديب تؤكد تنامي ظاهرة العنف من سنة لأخرى وعدم تراجعها خاصة في ظل اخفاق كافة الجهود رغم محدوديتها.
ويحمل مهدي مبروك كسبب أول مسؤولية تنامي ظاهرة العنف إلى المدرسة نفسها التي أصبحت حسب خبراء علماء اجتماع ومختصين، تنتج العنف خاصة في ظل الاكتظاظ والبنية التحتية الرثة والمناهج البالية وعدم تسلح المربين بمناهج للتعامل مع المراهق ضمن قواعد علم النفس التربوي والطفولي.
وأكد أن جل المتخرجين لا يتلقون تكوينا في هذا المجال مما يجعل مهمة التربية مهمة صعبة للعديد من المدرسين إضافة إلى الزمن المدرسي وغياب الأنشطة الثقافية والابداعية والفنية وغياب الكفايات النفسية والاجتماعية في إدارة الأقسام والتعامل مع الحالات الصعبة إلى جانب غياب الإحاطة من قبل علماء النفس والاجتماع والمختصين داخل المؤسسات التربوية وهو ما يجعل المدرسة منتجة للعنف.
ويحدد أستاذ علم الإجتماع مهدي مبروك السبب الثاني لتنامي ظاهرة العنف في الوسط المدرسي، إلى تسلل العنف للمدرسة من الخارج متحدثا في هذا الخصوص عن دور التفكك الأسري وغياب سياسات المدينة وانتشار عصابات الجريمة ومروجي المخدرات وشبكات التواصل الاجتماعي كفضاء منتج للعنف.
وبين مهدي مبروك في هذا الصدد بأن التلميذ عندما يخرج إلى الشارع لا يجده هادئا ومدنيا وإنما يجد كمية من العنف اللفظي وتهديدات متواصلة خاصة في الأحياء الشعبية مما يجعل التلميذ في بعض الأحيان يتسلح وادوات للدفاع عن نفسه ويصبح هذا العنف وإن تسلل من خارج فضاء المدرسة يمارس داخل هذه المؤسسة التربوية.
العائلة استقالت من مهمة التربية
أستاذ علم الإجتماع مهدي مبروك أفاد بأن جل الدراسات التي تناولت ظاهرة العنف في الوسط المدرسي قدمت جملة من المقترحات للتقليص من هذا العنف أولها إعادة الشراكة التربوية بين العائلة والمدرسة، مصرّحا في هذا الإطار أن العائلة استقالت إلى حد كبير من مهمة التربية وألقت بها إلى المدرسة في حين أنها عاجزة لأسباب بنيوية وهيكلية على القيام بهذه المهمة بمفردها.
ويحدد مبروك المقترح الثاني في معالجة الزمن المدرسي وتجنب الفراغات القاتلة والموحشة حتى لا يجد التلميذ نفسه في الشارع لأكثر من ساعتين دون أي مؤسسات ثقافية وتربوية تؤطره إضافة إلى توفير الموارد البشرية المختصة والكافية وفتح فضاءات المراجعة وفضاءات الأنشطة الثقافية.
كما أكد مهدي مبروك كمقترح ثالث ضرورة التجديد المنهجي والبيداغوجي وتعليم أنشطة أخرى على غرار الفنون والتربية البدنية وهي أنشطة من شأنها امتصاص فائض العنف والغضب في صفوف فئة حساسة وهي فئة المراهقين.
ويضيف مبروك كمقترح رابع للتقليص من ظاهرة العنف في الوسط المدرسي، إعادة تكوين المدرسين على قواعد التربية وتنشئة الأطفال والمراهقين وادراج مادة مختصة في التعامل مع نفسية الطفل والمراهق مصرحا في هذا الخصوص بأن حوالي 90 بالمائة من المدرسين لم يتلقوا هذا التكوين رغم أهميته.
*كريم وناس