مختار اليحياوي.. صرخة ضمير القاضي الذي زلزل عرش بن علي
قدّم عدد من المناضلين السياسيين من القضاة والمحامين وغيرهم شهاداتهم خلال تكريم جمعية القضاة التونسية والمفوضية السامية لحقوق الإنسان السبت 26 سبتبمر 2020 المناضل الحقوقي فقيد القضاء والمحاماة مختار اليحياوي في الذكرى الخامسة لوفاته بحضور عائلته .
واستعرض رئيس الجمعية أنس الحمايدي الرسالة التي وجهها اليحياوي إلى الرئيس الراحل زين العابدين بن علي يوم 6 جويلية 2001 وعبر فيها عن سخطه مما آل إليه القضاء وتجريدهم من سلطتهم لإصدار أحكام منزلة لا تعكس القانون في ظروف من الوشاية والترهيب أدت إلى الدوس على كرامة القضاة وإهانتهم وتقديمهم في صورة بشعة للرأي العام.
وعبر الحمايدي عن أسفه من عدم استجابة وزير العدل سنة 2015 عمر منصور لمكتوب وجه له لتخليد ذكرى المرحوم من خلال كتابة أسمه على القاعة عدد 10 بقصر العدالة بالعاصمة كما لم تتم الاستجابة لطلب رئيس جمعية القضاة التونسيين السابقة روضة قرافي التي طالبت بلدية تونس بإطلاق اسمه على أحد انهج العاصمة، كما لم يستجب المعهد الأعلى للقضاء لطلب كتابة اسمه على أحد قاعات التدريس باستنثاء تعاون بلدية تطاوين التي قررت تسمية أحد الأنهج بإسمه تخليدا لذكرا باعتباره ابن الجهة.
اليحياوي كان صرخة ضمير
من جانبه، قال عميد المحامين توفيق بودربالة إن مختار اليحياوي زميل الدراسة كان مثالا للجدية والوفاء يرتاح له كل من عرفه مستحضرا حالة من التشويش التي كان يعيشها اليحياوي فترة 2001 من الوضع المتردي الذي بلغه القضاء في تلك الفترة وكانت رسالته ما يشبه"صرخة ضمير" قرر التعبير عنها مختار اليحياوي برسالة إلى بن علي رغم ما سيلحقه مع عائلته من ضرر بعد ذلك .
شعاره" شوفو الحق وين وبعد لوجو في النصوص القانونية"
وقال رئيس المجلس الأعلى للقضاء يوسف بوزاخر إن نضال اليحياوي كان منطلقا لتسليط الضوء على تبعية سلطة القضاء للسلطة التنفيذية وسيطرة اللوبيات في علاقة بالمسارات المهنية للقضاة ورسالته عبر فيها عن أهمية الاستقلال الوظيفي للقضاة قائلا إن منهج اليحياوي كان قوله الدائم "شوفو الحق وين وبعد لوجوا في النصوص القانونية''.
رسالة اليحياوي كانت زلزالا سياسيا محليا ودوليا
قالت الرئيسة السابقة لجمعية القضاة التونسيين روضة القرافي إن نضال مختار اليحياوي لازال يجمع مناضلي جبهة 18 أكتوبر الشهيرة والتي حضرت التكريم ومن بينهم عبد الرؤوف العيادي وحما الهمامي وسمير ديلو وكمال العيادي والعياشي الهمامي وأحمد نجيب الشابي، معتبرة ان مساحات الحرية تناست في بعض الأحيان المناضل مختار اليحياوي للأسف حسب تصريحها.
وأضافت القرافي أن اليحياوي كان ذو شجاعة فارقة في النضال لأجل إحترام القضاء التونسي للمعايير الدولية واعتبرت أن رسالة مختار اليحياوي بعد عشرية المحاكمات كانت بمثابة الزلزال السياسي الإيجابي وقضيته أصبحت دولية إلا إنه للأسف كانت نتائج ذلك عزله يوم 29 ديسمبر 2001 في محاكمة وصفتها بالمستعجلة وحرمانه من تحضير وسائل الدفاع ولم يتم إنصافه من القضاء الإداري إلا بعد الثورة للأسف.
لم يكن هناك شجعان زمن بن علي كما اليحياوي
من جانبه، قال السياسي العياشي الهمامي إن تاريخ القضاء في تونس لم يكن فيه الكثير من القضاة الشجعان يشبهون المناضل مختار اليحياوي قائلا" مافماش برشا شجعان أيام بن علي " معتبرا أن خروج رسالة اليحياوي أعطى شحنة لبطارية حركات المجتمع المناضل من أجل الديمقراطية حسب وصفه.
اليحياوي أحدث شرخا أيام بن علي
أعتبر السياسي حما الهمامي أن القاضي والمحامي الراحل مختار اليحياوي برسالته وجه ضربة قوية لبن علي وأحدث شرخا كان متوقعا من أدباء أو محامين إلا أن هذا الشرخ جاء من قاض من قوة كانت أداة بن علي لقمع المجتمع مستحضرا مساندة اليحياوي لإضراب الجوع الذي خاضه الهمامي لمدة 30 يوما مشيرا إلى خفة روحه رغم أنه لايحتمل رؤية الدم مؤكدا على أهمية تذكر الرموز النضالية وخاصة النساء القاضيات اللاتي ناضلن فترة بن علي ولم يتذكرهن أحد معبرا عن اسفه من الذاكرة الضيقة للمجتمع التونسي ونسيانه بسهولة للمناضلين.
اليحياوي أختار العزلة بعد خيبة من الطبقة السياسية
في سياق متصل، قال السياسي والمحامي عبد الرؤوف العيادي أن رفيق دربه مختار اليحياوي أختار العزلة في أواخر حياته وكان شجاعا في مقاومة تسلط بن علي على القضاء إلا أنه عاش حالة من الخيبة من الطبقة السياسة بعد الثورة مشددا على حزن اليحياوي من وجود محامين اليوم في عدة مهام وغيرهم كانوا للأسف يدا لقمع اليحياوي ولم تتم محاسبتهم.
هناء السلطاني