languageFrançais

استرجاع الأراضي الدولية: بين جرد رقمي ودعوات للإصلاح وحسن استغلالها

يُشرف على عملية استرجاع الأراضي الدولية التونسية عدّة أطراف، أهمها وزارتيْ أملاك الدولة والشؤون العقارية الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري وديوان الأراضي الدولية، وغيرهم. وحسب آخر إحصائيات رسمية إلى حدود 2024، فقد تمّ استرجاع نحو  99 ألف هكتار من العقارات الدولية الفلاحية، وتمّت إعادة توظيف 34 ألف هكتار منها وذلك بتفعيل مختلف الآليات المتاحة قرارات إسقاط حق، قرارات إخلاء، تنفيذ أحكام قضائية، أو بصفة رضائية.

توجّه نحو رقمنة العقارات الدولية واسترجاع نحو 99 ألف هكتار

ويتواصل النسق التصاعدي لاسترجاع العقارات الدولية الفلاحية وغيرها، وحسب وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية فقد تمّ إلى حدود هذه السنة جرد 7736 عقارا دوليا، يشمل العقارات الفلاحية وغير الفلاحية وأيضًا المباني والمساكن الإدارية. وتعلم الوزارة على وضع خطة عمل متكاملة لتسجيلها جميع العقارات الدولية الفلاحية وغير الفلاحية بهدف معرفتها بدقة وتحيين سجلاتها وتوظيفها وحمايتها. كما تمّ إحداث لجنة موحدة لدى وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري بمشاركة وزارتيْ المالية وأملاك الدولة والشؤون العقارية من أجل متابعة التصرف في الأراضي الدولية الفلاحية وتبويب الأراضي المسترجعة وحوكمة إعادة توظيفها.

يُذكر أنّه تمّ خلال هذه السنة استرجاع عدّة ضيعات دولية فلاحية منها في معتمدية وادي الليل من ولاية منوبة، وهي تمتد على مساحة تقدر بـ163 هكتارًا و22 آرًا و49 صنتيمترًا وضيعات أخرى بسليانة والقيروان والكاف وباجة.

وتسعى الدولة من خلال عمليات استرجاع  الأراضي الدولية المستولى عليها الى حسن توظفيها اقتصاديا واجتماعيا من خلال التفويض فيها لفائدة مشاريع تنموية أو عمومية أو سكنية اجتماعية حيث  وافقت اللجنة الاستشارية الوطنية للعمليات العقارية بوزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية خلال شهر سبتمبر الماضي على 12 ملف تفويت في عقارات دولية لفائدة مرافق عمومية و 5 ملفات شراء لعقارات لفائدة الدولة.

منح ديوان الأراضي الدولية أكثر صلاحيات لتجاوز عجز هيكليً متناميًا

وتمّت معاينة عدد من المقاطع الدوليّة بجبل الهوارب بولاية القيروان والسعي نحو  توفير المواد الإنشائية الأساسيّة للرفع من نسق إنجاز مشروع الطريق السيارة تونس- جلمة بعد الإذن بإستغلال بعض المقاسم مباشرة من قبل المقاولات المعنيّة بإنجاز المشروع، وتمّ الاتفاق على التسريع في الإجراءات لإدخال المقاطع الدولية بولاية جندوبة حيز الاستغلال بما يضمن تزويد المشاريع العمومية بالمواد الانشائية الضرورية كما تمّت الموافقة على التفويت في عدة عقارات دولية لفائدة هياكل عمومية من بينها الوكالة العقارية للسكنى والشركة التونسية للكهرباء والغاز ببلدتي قفصة و قبلي.

وتم إصدار 8 قرارات لتخصيص عقارات دولية لفائدة المؤسسات العمومية و استغلالها في مشاريعها بمعتمديات الكاف الشرقية و الكاف الغربية و الدهماني و تاجروين و نبر ورغم بعض هذه المجهودات تطرح أمام الوزارات المتدخلة في الملف العقاري مشاكل منها مشاكل الأراضي الاشتراكية وتشتت الملكية وعدم إسناد الملكية  في عدة مناطق منها  بولايات  تطاوين  ونابل وبنزرت  وسليانة والمهدية ووجود دعوات لحل هذه الإشكالات وتسهيل الولوج إلى التمويل من خلال القروض الفلاحية.

ورغم هذه المجهودات لرقمنة وحصر الأراضي الدولية والممتلكات التابعة للدولة لتوجيهها تنحو مشاريع ذات مصلحة عامة أو لفائدة الباعثين الشبان ومن بينهم أصحاب الشركات الأهلية البالغ عددهم 270 شركة  أو المشاريع الصناعية التحويلية الصغرى وغيرها  وشذ تحفظات البعض حول الامتيازات الممنوحة لأصحاب الشركات الأهلية  لاستغلال هذه الأراضي .

ضيعات دولية فلاحية مسترجعة صارت عرضة للضياع و النسيان

ويدعو  آخرون إلى ضرورة إعادة هيكلة ديوان الأراضي الدولية لاستعادة إشعاعه، ومساعدته على الإشراف على 165 ألف هكتار بشكل مباشر ليتجاوز عجزا هيكليًا متناميًا يبرز رقم معاملات الديوان  بين 2010 و2020، وتوارح  بين 67.5 مليون دينار سنة 2011 و202.5 مليون دينار سنة 2018 هذا ويدير ديوان الأراضي الدولية حوالي 234 ألف هكتار من الأراضي الفلاحية، منها 93 ألف هكتار مراعي وغابات، ويوفر نحو 12 ألف موطن شغل. وقد طرح الديوان مقترحا على رئاسة الحكومة للقيام بإستثمارات قيمتها 465 مليون لإعادة هيكلة جميع المركبات التابعة للديوان وهي استثمارات تهدف لإعادة الصورة الحقيقة لدور ديوان الأراضي الدولية في ارساء التوازن الوطني والجهوي والمحلي في الإنتاج. ويذكر أنّ الديوان يشغل حاليا أكثر من 10 آلاف عامل وعاملة في جميع المركبات الراجعة بالنظر للديوان في كامل أنحاء الجمهورية التي تحتاج  لتفعيل نشاطها للقيام بمهامها ليكون لها أثر إيجابي على الاقتصاد الوطني.

ويطرح البعض إشكالات أخرى متعلقة بضيعات دولية فلاحية مسترجعة صارت عرضة للضياع والنسيان أو يعجز  ديوان الأراضي الدولية عن تسييرها في ما يشجع  آخرون المشروع الطموح الذي تعمل عليه وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية  لرقمنة العقارات الدولية من خلال إحداث خريطة رقمية متكاملة، بوتيرة تغطي حوالي 10 آلاف هكتار سنوياً،ويعتبره البعض مشروعا مهما لما سيوفره من معطيات دقيقة ومفيدة، حول أملاك الدولة بكلّ أصنافها من أجل حسن استغلالها وتسوية وضعيات عالقة منها لتوجه نحو برامج تنموية واجتماعية ناجعة.

هناء السلطاني