روسيا: تونس استثناء في الأمن الزراعي عكس عدة دول إفريقية
احتضن مقر غرفة التجارة والصناعة الروسية لقاء بعنوان "الأمن الغذائي مفتاح المستقبل" مع صحفيين من 12 دولة من شمال إفريقيا من بينها تونس وذلك في إطار برنامج the Flobal Food Security الذي تنظمه وكالة Rossotrudnichestvo الفيدرالية.
ويهدف اللقاء إلى إبراز مستويات الإنتاج الزراعي والصناعات الغذائية في روسيا المصدرة لعدة دول افريقية من بينها تونس.
مراكز بحث متنقلة ونقاط يقظة زراعية روسية بعدة دول افريقية
وأكد Anatoly Tikhonov مدير مركز الزراعة والأمن الغذائي الروسي RANEPA نجاح روسيا في إنتاج عدة منتجات وزراعات التي تصدر كليا مما مكنها من عائدات مالية تجاوزت ال 16 مليار روبل كما تمكنت روسيا مؤخرا من تصدير 110 ملايين طن من المنتجات الزراعية وتعمل اليوم على الحفاظ على هذه القدرة الإنتاجية مع الأخذ بعين الاعتبار التغيرات المناخية وشح المياه ومشكل الأمن الغذائي، وهذا التحدي العالمي الذي أقرته منظمة الأمم المتحدة ضمن النقطة 2 من بين أهداف التنمية المستدامة ال17 .
وأشار إلى أن ارتفاع أسعار عدة مواد غذائية من بينها القمح الصلب جعل روسيا المزود الأول لعدة دول افريقية بهذه المادة ليتم ترفيع نسب التصدير نحو 23 دولة افريقية.
كما لفت Anatoly Tikhonov إلى تواجد نحو 5 ألاف طالب من دول القارة الأفريقية ممن يدرسون التكنولوجيا الزراعية... وتفتح روسيا فرص المشاركة في عدة برامج تكوين عن بعد مع مراكز الإنتاج في إفريقيا وإمكانيات للعمل مع المؤسسات الزراعية الروسية.
هذا ومكن المركز من تعزيز البحوث الزراعية بعدة دول منها فتح 4 مراكز للبحث المتنقل في زمبباوي 2023 ومركز لليقظة الزراعية بأثيوبيا سنة 2024 الى جانب التعاون مع كينيا وتنزانيا واثيوبيا وزمبابوي ضمن 13 دولة يتم معها تبادل الخبرات في الدراسات التطبيقية للأمن الزراعي والغذائي.
ضرورة البحث عن بدائل للبروتينات وحفظ بنوك للبذور
من جهتها، أشارت Ekaterina Zhuravleva مستشارة رئيس مجلس إدارة مؤسسة EFKO وصاحبة منصة البحث والإنتاج الهندسة الوراثية التابع لمركز البحث والتعليم REC إلى أهمية المحافظة والتركيز على النباتات والبذور المهددة اليوم، مشيرة إلى وجود أكثر من 280 ألف نبتة معتمدة في العالم ولكن المخزون أكثر بكثير، ويمكن اعتماد البحوث والتكنولوجيات الحديثة لتعزيز هذا المخزون ببذور جديدة توفر أكثر إنتاجا استجابة للحاجيات الغذائية لكن مع ضمان صحة الإنسان كأولوية .
وبينت في عرض قدمته أهمية بنك الجينات والبذور الروسي الذي يعتبر الرابع عالميا وتم بعثه من الباحث والخبير في المجال الزراعي Nikolay Ivanovich في الفترة من 1887و1943 ويضم هذا البنك أكثر من 324 ألف عينة لنباتات زراعية.
وأكدت أهمية اعتماد البيوتكنولوجيا لإيجاد حلول لزراعة تقاوم الأوبئة والحشرات التي تهدد المحاصيل وضمان استدامة البذور خاصة، مشددة على أهمية تشجيع البحوث حول الميكروبات والحشرات المستهدفة للإنتاج الزراعي وخاصة تعزيز البحوث حول بدائل البروتينات.
تونس ومصر رائدتان في المجال الزراعي وتحقيق السيادة الغذائية بالمنطقة
وفي سؤال لموزاييك حول تقييم الجانب الروسي للتجربة الزراعية في تونس، اعتبر مدير مركز الخبرات الصناعية Andrey Dalnov أن تونس استثناء في القارة الأفريقية من حيث نجاحها الزراعي وسعيها لتحقيق السيادة الغذائية وتنويع الزراعات ومواكبة المتغيرات ومنها خاصة شح المياه واعتماد احدث التكنولوجيا البحثية..
وأضاف أن مصر أيضا تعتبر استثناء في المنطقة لامتلاكها هكتارات كبرى من عدة زراعات مهمة وتطبيقها عدة تجارب تكنولوجية لزيادة منتجاتها الفلاحية وحسن استغلال مواردها المائية بالأساس، مشيرا إلى استعدادهم لتبادل خبراتهم في مجال تطوير الإنتاج الزراعي الذي يعتمد حلولا مبتكرة وتكنولوجيا عالية مع تونس.
يذكر أن تونس استوردت خلال عام 2023، حوالي 39% من احتياجاتها من القمح من روسيا وتضاعفت وارداتها من الحبوب الروسية 3 مرات خلال موسم 2023-2024 مقارنة بعام 2022، حيث بلغ إجمالي وارداتها من روسيا 1.1 مليون طن منها 78% من القمح (858 ألف طن). وبشكل عام، شكلت واردات القمح الروسي 39% من إجمالي واردات تونس من الحبوب.
هذا وأعلنت وزارة الفلاحة والموارد المائية في تونس أن التقديرات النهائية لإنتاج الحبوب لموسم 2025 حددت بـ 19.8 مليون قنطار مقابل 11.5 مليون قنطار في الموسم الفارط . وأكدت الرئيسة المديرة العامة للديوان الوطني للحبوب، سلوى بن حديد في تصريح سابق أنه ولأجل تغطية العجز من الحاجيات الوطنية من الحبوب (الفارق بين المحصول المجمع وحاجيات الاستهلاك)، لجأ الديوان للتوريد، موضحة أن الدولة تتجه نحو إستراتيجية استيراد هيكلية للقمح اللين، (يستعمل في صنع الخبز والحلويات)، بغض النظر عن مستوى المحصول (موسم زراعي جيّد أو متوسط)، مع نسبة توريد تصل إلى 95 % بالنظر إلى تقلص المساحات المزروعة قمحا لينا.
أما بالنسبة للقمح الصلب (المستخدم في صناعة العجين الغذائي)، والشعير (المستخدم في تغذية الحيوانات)، فإن التوجه نحو الواردات رهين مستوى المحصول (جيّد أو متوسط) وبالتالي، إذا كان محصول الحبوب جيّدا، فإنّ معدل توريد هذه المادّة يتراجع، بنسبة قد تصل إلى 20%، وتشجع الدولة على زراعة القمح الصلب، لاسيما أن عرض هذه المادة الغذائية نادر في السوق العالمية، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.
وأكدت الرئيسة المديرة العامة لديوان الحبوب أن 50 % من واردات تونس من الحبوب تأتي من السوق الروسية، مؤكدة أن الأسواق الرئيسية لتزويد تونس هي روسيا والإتحاد الأوروبي.
وتطرح روسيا أسعارا تفاضلية، لأنها تعتبر من بين المصدرين الرئيسيين للحبوب، وتقدم نوعية متفوقة من الحبوب وفقا لمتطلبات المواصفات التونسية.
إلغاء رسوم تصدير القمح تحول استثنائي روسي وفرصة لتونس
وتجري تونس حاليا مفاوضات بشأن مشاريع شراكة مع روسيا ولا تتعلق هذه المفاوضات بشراء الحبوب فحسب، بل تتعلق أيضا بالشراكة في مجال الدعم الفني، من أجل تنظيم دورات تدريبية لفائدة ممثلي ديوان الحبوب ووزارة الفلاحة في قطاع الحبوب حسب تصريح سابق للرئيسة المديرة العامة للديوان الوطني للحبوب، سلوى بن حديد لوكالة تونس افرقيا للأنباء .
وأعلن معهد دراسات السوق الزراعية في روسيا توقعاته بتحقيق رقم قياسي لإنتاج الحبوب الروسي لعام 2025، قد يصل إلى 130 مليون طنا من الحبوب، وفق تصريحات مدير المعهد، دميتري ريلكو ومن المتوقع أن يصل حصاد القمح وحده إلى 85 مليون طن، مما يعزز الآمال في أداء زراعي قوي على الرغم من التحديات التي تواجه المحاصيل الشتوية.
كما أعلنت وزارة الزراعة الروسية إلغاء رسوم تصدير القمح من روسيا تماماً اعتباراً من 9 جويلية الجاري، وذلك لأول مرة منذ بدء تطبيق هذه الرسوم في جوان 2021، بحسب بلاغ صدر مؤخرا لوكالة "إنترفاكس" الروسية. وتبلغ الرسوم الحالية، التي ما زالت سارية حتى 8 جويلية نحو 56.3 روبل روسياً للطن.
ووفق الوزارة، فقد تم تحديد السعر الاسترشادي للقمح عند 228.7 دولاراً للطن، مما أدى إلى تقليص الرسوم إلى الصفر، بموجب النظام الروسي الذي يحتسب الرسوم بنسبة 70% من الفارق بين السعر الأساسي والسعر الاسترشادي الذي يُشتق أسبوعياً من بيانات عقود التصدير المسجلة في بورصة موسكو.
ويُعد هذا القرار تحوّلاً استثنائياً من جانب روسيا، أكبر مصدّر للقمح في العالم، ويعكس رغبة في تعزيز تنافسية صادراتها في السوق العالمية. وقد طُبّقت الرسوم منذ عام 2021 لحماية السوق المحلية من ارتفاع الأسعار والحد من التصدير المفرط، إلا أن المزارعين دأبوا على المطالبة بإلغائها، معتبرين أنها تؤثر سلباً على ربحية الإنتاج الزراعي، وأن نسبة صغيرة فقط من العائدات تعود للقطاع.
مستجدات بعث روسيا 4 مناطق حرة مع دول من بينها تونس
ويذكر أن أنطون كوبياكوف مستشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كان قد أعلن خلال مؤتمر صحفي على هامش المؤتمر الوزاري الأول لمنتدى الشراكة بين روسيا وإفريقيا خلال شهر نوفمبر 2024 " عن نية روسيا إنشاء مناطق تجارة حرة مع أربع دول عربية في القارة الإفريقية.
وأكد انطلاق مباحثات بشأن إبرام مثل هذه الاتفاقيات مع مصر والجزائر والمغرب وتونس"، وذلك في اطار التعاون في مجال التجارة والاستثمار، وإشراك الفاعلين الاقتصاديين الروس في تنفيذ مشاريع البنية التحتية، مضيفا أنه يمكن أن تصبح اتفاقيات التجارة الحرة مع الدول الإفريقية عنصرا مهما في الشراكة الاقتصادية.
كما شدد على "أهمية تعزيز الاهتمام المتبادل بتوسيع العلاقات الاقتصادية من خلال الاتحاد الأوراسي مع جمعيات التكامل الإفريقية" وتعزيز التعاون في مجالات "الأمن، لا سيما الأمن الغذائي''، مؤكدا أن "توفير الأمن لدول القارة الأفريقية ضرورة عملية وحيوية بالنسبة لروسيا" .
وردا على سؤال لموزاييك مآل هذا المشروع، قال أناتولي تيخونوف مدير المركز الدولي للأعمال الزراعية والأمن الغذائي بالأكاديمية الرئاسية الروسية للاقتصاد الوطني والإدارة العامة RANEPA إن بناء هذه المناطق الحرة قد يعزز قدرة روسيا على تصدير أكثر من 60% من منتجاتها الزراعية التي تجد بلاده صعوبة في تصديرها إلا أن تفعيل هذا المشروع يتأثر بمدى استقرار وغياب أي اضطرابات على حدود هذه الدول. كما أكد أن هذا المشروع تشرف عليه الحكومة الروسية مباشرة .
مبعوثة موزاييك إلى موسكو هناء السلطاني