الابتكار من أجل التأثير..مؤتمر دولي يدعو لرقمنة عادلة ومستدامة من تونس
نظّم مخبر البحث RIGUEUR بجامعة منوبة، يومي 30 و31 ماي 2025، الدورة الثانية من المؤتمر الدولي حول التحول الرقمي والإدارة تحت عنوان: "ريادة الأعمال والتقنيات الناشئة: الابتكار التكنولوجي من أجل تأثير اجتماعي (ICDTM’25)، وذلك بإشراف مباشر من جامعة منوبة وبمشاركة عدد من الخبراء والباحثين المحليين والدوليين في مجالات الرقمنة، ريادة الأعمال، والحوكمة.
يأتي هذا المؤتمر ليؤكد الدور المحوري للمؤسسات الأكاديمية في مواكبة التحولات الرقمية والاقتصادية التي يشهدها العالم، وسعيها إلى وضع أسس علمية جديدة لمفهوم الرقمنة، من خلال ربطه بالعدالة الاجتماعية، الاستدامة، والإدماج، وفقا للقائمين على الحدث.
التحول الرقمي ليس خيارًا بل ضرورة
وفي تصريح لموزاييك، أكدت الأستاذة الجامعية ومديرة مخبر RIGUEUR بجامعة منوبة، سميحة الغربي، أن هذا المؤتمر يمثل مرحلة ثانية في مسار بحثي شامل حول الرقمنة والتحول التكنولوجي، مشددة على أهمية إدراج البعد الاجتماعي في تحليل آثار هذا التحول وتحديدًا على التكنولوجيا والأثر الاجتماعي"
وأكدت الغربي" على انه من المهم اليوم أن نؤكّد أن التحول الرقمي لا يجب أن يُختزل في تقييم الآثار التقنية أو الاقتصادية فقط، بل يجب أن نسعى إلى توسيع زاوية التقييم، لتشمل الأثر الاجتماعي للتكنولوجيا، خاصة وأن التكنولوجيا لا بد أن تُعزّز قيماً مثل العدالة (الإنصاف)، الاستدامة، والإدماج الاجتماعي، وهذه مفاهيم محورية في نظرتنا للتحول الرقمي."
وبيّنت الغربي أن الرقمنة أصبحت اليوم ضرورة لا مفر منها، قائلة: "في تونس، التحول الرقمي لم يعد خيارًا، بل هو ضرورة حتمية. ويجب أن نتعامل معه بهذه الصفة، لا كموضوع يُدرس من زاوية واحدة، بل كظاهرة متعددة الأبعاد. إذا تعاملنا معه من منظور أحادي، لن نبلغ الأثر الذي نريده."
تكنولوجيا شاملة ومستدامة
من جانبه، شدّد أكرم الباجي، الخبير في الرقمنة وريادة الأعمال، خلال مداخلته في المؤتمر، على أهمية إشراك جميع الفاعلين في الحقل التكنولوجي، لاسيّما في ظل ريادة تونس في مجالات الابتكار. ودعا إلى العمل الجاد على ضمان استدامة الشركات الناشئة وتكيّفها مع المتغيرات الاقتصادية.
كما أكّد الباجي على ضرورة جعل التكنولوجيا متاحة في جميع الجهات ولكل الفئات الاجتماعية، خاصة وأن البيانات متوفّرة لكنّها تحتاج إلى تطوير، داعيًا إلى تعزيز الاستثمار في الطاقة الخضراء والتعليم، وإلى تمكين المواطنين من النفاذ المستقل إلى المعلومات، باعتبارها حجر الأساس في مجتمعات رقمية عادلة وشفافة.
الجامعة والتحولات الرقمية
واعتبرت جهان الواكدي، مديرة المدرسة العليا للاقتصاد الرقمي بجامعة منوبة، أن هذا المؤتمر يكتسي أهمية بالغة في السياقين الوطني والدولي، مشيرة إلى أن التحول الرقمي والاستدامة لم يعودا ترفاً بل أصبحا ضرورة.
وقالت الواكدي "من المهم اليوم أن يواكب التعليم العالي في تونس هذه التحولات، وأن يفتح على الواقع المهني والاقتصادي في البلاد، بما يسمح للطلبة والباحثين بالإسهام الفعلي في بناء اقتصاد رقمي عادل ومستدام."
فلسفة مخبر RIGUEUR
ويذكر أن عمل مخبر RIGUEUR التابع لجامعة منوبة، يرتكز على فلسفة بحثية حديثة تجمع بين الابتكار وريادة الأعمال والحوكمة، وتتمحور رؤيته حول، التوجّه الريادي لمواجهة التحديات الوطنية، والحوكمة الرشيدة وإدارة المخاطر بين التجنّب والمجازفة.
وقد أطلق المختبر عدداً من المشاريع العلمية التي تعالج قضايا حيوية، من بينها ريادة الأعمال الاجتماعية وإدارة الابتكار وحوكمة المؤسسات التونسية في اتخاذ القرار في ظلّ المخاطر.
ويسعى من خلال هذه المشاريع والمؤتمر الدولي إلى تقديم مقاربات علمية قادرة على تحقيق التحول الشامل، ليس فقط على مستوى النمو الاقتصادي، بل أيضاً على مستوى العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص.
كما يأتي تنظيم هذا الحدث في ظلّ التحديات الوطنية والرهانات الإقليمية، ليفتح الباب أمام جيل جديد من البحث الأكاديمي في تونس، جيل يربط بين الجامعة والمجتمع، وبين الرقمنة والتنمية الشاملة، ضمن رؤية طموحة لمستقبل أكثر عدلاً واستدامة.
*صلاح الدين كريمي