languageFrançais

الرحيلي: أزمة شحّ المياه في تونس هيكلية لا يجب مواجهتها بحلول ترقيعية

قال الخبير المختص في التنمية والتصرف في الموارد حسين الرحيلي أن أزمة الشح المائي في تونس ليست أزمة ظرفية مرتبطة بـ3 أو 4 سنوات جفاف عاشتها البلاد بل هي أزمة هيكلية يرجع تاريخها إلى سنة 1995 حيث تم تصنيف تونس كبلد يعيش إجهادا مائيا.

وأوضح في تصريح لموزاييك أن هذه الأزمة الهيكلية مرتبطة أولا بالندرة باعتبار أن تونس هو "بلد ندرة مياه" حيث لا تتجاوز متوسط التساقطات فيه 450 مليمتر مكعب في السنة ومرتبطة ثانيا بالسياسات العمومية وبالخيارات الاقتصادية ومرتبطة ثالثا بالتغير المناخي وما انجر عنه من إشكاليات.

وأكد أن التونسيين قد بدؤوا يشعرون فعليا بأزمة الشح المائي من خلال تراجع مخزون السدود والانقطاع الدوري للمياه وتقلص تمتعهم بحقهم في الماء على المستوى الكمي والنوعي.

يجب العودة إلى الطرق التقليدية لمواجهة شح المياه في تونس

وأكد الرحيلي على ضرورة أن تكون الحلول المطروحة على المدى المتوسط والبعيد وليست مجرد حلول ظرفية.

وقال "أولا على مستوى الندرة نحن مطالبون بإعادة الاعتبار لطرق التأقلم مع الوضع خاصة أن التونسي طالما برهن على مر التاريخ قدرته على ذلك من خلال بناء الحنايا والفسقيات والماجل وهو ما يستدعي ضرورة إحياء هذه الثقافة لدى كل الأجيال".

مراجعة "وهم التصدير" والسياسات العمومية أصبح ضرورة 

على مستوى السياسات العمومية والخيارات الاقتصادية والاجتماعية، اعتبر الرحيلي أنه من الضروري أولا إعادة النظر في المنوال التنموي القائم على ما وصفه بوهم التصدير وإعادة النظر في خارطة الإنتاج الفلاحي برمتها بحيث يتمن تحقيق حاجياتنا قبل التفكير في مواد التصدير ومنع إنتاج وزراعة كل المواد المستهلكة للماء وضرورة إدراج البصمة المائية التي تحدد الكمية الدنيا من الموارد المائية الضرورية لإنتاج السلع ضمن المعادلة الاقتصادية وخاصة في المبادلات التجارية.

كما دعا إلى ضرورة إعادة النظر في النسيج الصناعي المستهلك للماء والملوث والمعد للتصدير وذات القيمة المضافة المتدنية.

لا بد من فتح حوار مجتمعي حول أزمة المياه

بالنسبة للتحول المناخي، دعا الخبير المختص في التنمية والتصرف في الموارد حسين الرحيلي إلى ضرورة فتح حوار مجتمعي شامل لتحديد البرامج والسياسات الاستباقية للتكيف على اعتبار أن التغير المناخي لا يمكن مقاربته ببرامج حينية ويجب العمل على تنويع مصادر الماء من خلال تثمين مياه الصرف الصحي وكل أنواع المياه المهجورة وإعادة النظر في سياسات وخطط تنمية الموارد المائية السطحية في علاقة بالتغير المناخي وخاصة إعادة النظر في سياسة تعبئة موارد السدود والبهارات الجبلية التي تتعرض للتبخر بسبب ارتفاع درجات الحرارة.

تجديد القنوات ..مراجعة الخارطة الفلاحية..التخلي عن بعض الصناعات والزراعات المستهلكة للماء

وقال حسين الرحيلي أنه أصبح من الضروري الاستثمار في تجديد قنوات المياه الصالحة للشرب التي تقادمت وهو ما أثر على مستوى نوعية المياه الأمر الذي دفع بالتونسي إلى اللجوء للمياه المعلبة أو المياه مجهولة المصدر.

واعتبر أن تحلية مياه البحر ليس الحل الأمثل لكنه الأسهل في حالة التأخر في إيجاد موارد مائية أخرى لأنه مكلف ماديا باعتبار أن تقنية التناضح العكسي مستهلكه للطاقة .

"لسنا فضاء لتبييض تلوث دول الغرب"

من جهة أخرى شدد الرحيلي على وجوب مراجعة الاتفاقيات التي تحول تونس الى فضاءات لتبييض التلوث للدول الغربية ووصولها للحياد الكربوني على حساب سيادتنا المائية وسيادتنا الغذائية وفق تعبيره .

واعتبر أن هذه الالتزامات تحتوي على مجالات هادرة للطاقة وللمياه على غرار استخراج الهيدروجين الأخضر الذي يستنزف طاقتنا المائية المحدودة .

بشرى السلامي