تونس تسعى للتصدير نحو أسواق جديدة وتعزيز حضورها في القديمة
دفعت الأزمة الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي، إلى جانب تداعيات جائحة كوفيد-19 والتغيرات الجيوسياسية المرتبطة بالأزمة الروسية الأوكرانية والتوترات الصينية الأمريكية، تونس إلى توسيع قاعدة وجهاتها التصديرية. وقد اتجهت البلاد نحو استكشاف أسواق جديدة وتعزيز حضورها في أسواق خارج دائرة الشركاء التقليديين، وعلى رأسهم الاتحاد الأوروبي.
ومن بين الأسواق المستهدفة، برزت الفيتنام كبوابة رئيسية نحو أسواق رابطة دول جنوب شرق آسيا (ASEAN)، التي تضم عشر دول أعضاء، من بينها إندونيسيا، ماليزيا، سنغافورة، تايلاند، الفلبين، بروناي، لاوس، بورما وكمبوديا.
ورغم هذه الخطوة، ماتزال المبادلات التجارية بين تونس و الفيتنام غير متوازنة، حيث بلغ إجمالي المبادلات بين البلدين سنة 2024 نحو 486 مليون دينار، لم تتجاوز الصادرات التونسية منها 10 ملايين دينار، مقابل واردات من الفيتنام بلغت 476 مليون دينار، مسجلة فارقاً تجارياً قياسياً لصالح الفيتنام.
فرص تصديرية مهدورة وغير مستغلة مع عدة دول
وعلى المستوى الإفريقي تسعى تونس لتعزيز تواجدها في عدة دول افريقية ضمن اتفاقيتي الكوميسا والزليكاف ومن بين هذه الدول المستهدفة اقتصاديا سوق مدغشقر من خلال تصدير الخدمات والتكنولوجيّات الحديثة والصحة والتعليم العالي، ومواد البناء والطاقات المتجددة إلى هذا البلد الذي يعد المنتج الرئيسي للفانيليا في العالم، بأكثر من 80% من الإنتاج العالمي، مستفيدة من مناخه الاستوائي المثالي لزراعة هذا المنتج عالي الجودة بنكهته الفريدة.
ومن الدول الإفريقية الأخرى المستهدفة بمزيد دعم التعاون معها للذكر لا الحصر جمهوريّة الكونغو الديمقراطية إلى تونس حيث تم خلال هذه السنة عقد ما يناهز 35 لقاء مهنيّا ثنائيّا مباشرا بين ممثلين عن مؤسّسات تونسيّة مصدّرة لزيت الزيتون و المصبّرات الغذائيّة والمنتجات المبرّدة والمجمّدة، وتعد الكونغو الديمقراطيّة الحريف 11 لتونس والمزوّد الـ 25 لبلادنا ضمن مجموعة بلدان إفريقيا جنوب الصّحراء، حيث بلغ إجمالي الصادرات الوطنيّة نحو هذا البلد الصديق، 1650 ألف دولار سنة 2023، مقابل 302 ألف دولار للواردات وتتمثل أبرز المنتجات المصدّرة إلى الكونغو في المركبات والعربات والزجاج العازل والمنتجات الورقيّة وتقدر الفرص التصديريّة غير المستغلّة بـحوالي 5.3 مليون دولار، مشدّدا على أن مجال المنتجات التي يمكن تبادلها أوسع بكثير ويشمل منتجات من صناعات مختلفة على غرار الصناعات الكهربائية والغذائية ومواد البناء والمنتجات الصيدلانية، إضافة إلى الخدمات.
وتجدر الإشارة إلى أن صادرات زيت الزيتون التونسي نحو أسواق إفريقيا جنوب الصّحراء بلغت أكثر من 60 مليون دينار سنة2024، مسجّلة نسبة تطور تقدّر بأكثر من 50 % مقارنة بسنة 2023 وتتمثل أهمّ الأسواق التي تعمل تونس على الولوج إليها أكثر بمنتجاتها هي السيشال وغانا وكينيا وجزر الموريس والسنيغال و رواندا، والغابون، والنيجر، وغينيا كوناكري، وموريتانيا، و قطر، والسعودية، و النرويج، و السويد، وبريطانيا في إطار إستراتيجية طويلة الأمد لجعل تونس بوابة تجارية نحو القارة الإفريقية.
وفي جانب آخر من العالم تسعى تونس لتعزيز مبادلاتها مع دولة التشيك خاصة أن المبادلات التجاريّة معها بلغت 892.5 مليون دينار في 2024، و تمثل جمهورية التّشيك الحريف الـ 20 والمزوّد الـ 25 للبلاد التونسيّة و سجلت صادراتنا نحوه تطورا ب33% خلال 2024 مقارنةً بسنة 2023، وانخفضت الواردات ب 5% لتصل إلى حوالي 500 مليون دينار وتهيمن على الصادرات التونسية نحو هذه السوق، منتجات الصناعات الميكانيكيّة والكهربائية (61%)، يليها قطاع النسيج والملابس (23.8%) فالصناعات المختلفة (14.4%)، حيث تشمل المنتجات المصدّرة أساسا الموصلات الكهربائية وأجهزة الاستقبال والملابس الجاهزة وتشمل الواردات بالخصوص الأسلاك الكهربائية والسيارات السياحة والأقمشة، في حين تبلغ قيمة الإمكانات التصديريّة غير المستغلّة نحو تشيكيا 180 مليون دولار.
ويعتبر التوجه الاستراتيجي التونسي لأسواق صغيرة قريبة أو بعيدة توجها اخر أيضا ضمن برنامج عمل هياكل التجارة من الوزارة لممثلها مركز النهوض بالصادرات حيث تراجع تونس فرص التعاون مع مالطا في عدة قطاعات مثل المالية والتكنولوجيا والسياحة والتجارة البحرية واللوجستيك، واستغلال إمكانات العرض والطلب لمضاعفة حجم المبادلات التجارية ليتجاوز الـ80 مليون دولار أمريكي ويذكر أن أهم الصادرات التونسيّة نحو هذا البلد تشمل الإسمنت والأجهزة الطبية والزيوت والمستحضرات النفطية والمعادن البيتومينيّة، وسمك التونة، بينما وارداتنا من مالطا البوتان المسال والأنابيب والخراطيم الصلبة، والمواد البلاستيكية أما بالنسبة للفرص التجارية الجديدة القابلة للتطوير، فتشمل صناعات الأدوية ومستحضرات التجميل، والصناعات الغذائية والمنتجات البيولوجية ومواد البناء والبنية التحتية وقطاع النسيج والملابس وتكنولوجيات المعلومات والاتصال وصناعة المراكب الترفيهية وقوارب الصيد، إضافة إلى الطاقات المتجددة.
هذا وتثمل عودة تونس للوجهة العراقية من خلال المشاركة في عدة تظاهرات خاصة بعد تسجيل تطورا في حجم الصّادرات التونسيّة نحو العراق ليبلغ 47.2 مليون دينار سنة 2024، أي بنسبة تطور قدرت ب5.7 مقارنة بسنة2023 هذا بالإضافة إلى التحسّن الملحوظ لمستوى التبادل التجاري بين البلدين الذي بلغ 64.9 مليون دينار سنة 2024، محققّا بذلك تطوّرا بـ43.9 %.وعلى الرغم من هذا التطوّر، لا تزال عديد الفرض التصديريّة غير مستغّلة في هذه السّوق، حيث يبلغ حجم الفرص المتاحة ما يقارب الــ 50 مليون دينار وهو ما يعني إمكانيّة مضاعفة حجم الصّادرات بتعزيز تواجد المنتجات التونسيّة في مجالات الصّناعات الغذائيّة والمواد الكهربائيّة والأدوية والمستلزمات الطبيّة.
وفي جانب آخر مازالت تونس تحاول تعزيز تواجدها الأسياوي في سوق تفرض عدة معايير ويعتبر دخول منتجات استهلاكية إليها أمرا معقدا لصبغة وطبيعة مجتمعاته الحذرة صحيا رغم ان تونس تتصدر المرتبة الأولى عالميا في منتج يغري المستهلك الصيني والياباني وهو زيت الزيتون البيولوجي وقد يخدم جناح تونس بمعرض أوساكا 2025 دور في التعريف بالمنتجات التونسية وتصاعد الطلب على استيرادها.
هناء السلطاني