languageFrançais

كلاشطاير.. صحفي ميداني يوثّق ''حربه'' مع الإرهاب

''كلاشطاير'' أول إصدار للزميل الصحفي باذاعة موزاييك برهان اليحياوي يروي في صفحاته ''قصة'' الإرهاب في تونس من الشعانبي إلى بن قردان، وتنقّلاته لتغطية الأحداث الإرهابية التي شهدتها بلادنا ومعظمها في مسقط رأسه القصرين، والعمليات الإستباقية التي نفّذتها وحداتنا الأمنية والعسكرية مع عودة على بعض الأحداث المماثلة في تونس قبل ثورة 2011.

كلاشطاير عنوان مزج بين الحياة والموت بين الوفاء للوطن والخيانة، ''الكلاشينكوف'' سلاح أعداء الحياة ''أصحاب الكنى'' وشطاير حماة الديار والشهداء، أو ربما أراد الكاتب أن ينقل أنّ ''الكلاش'' سلاح الإرهاب ''طاير'' بالمفهوم الشعبي و''الدارجة '' التونسية بمعنى الاضمحلال والاختفاء الآتي لا محالة.

في المنجز، يأخذك الكاتب في جولة من جبال الشعانبي بأدق تفاصليها وتضاريسها الى أحياء القصرين ومقاهيها وصولا لحصن بن قردان الذي سقطت أمام أسواره فكرة إقامة ''إمارة داعشية في تونس'' تلك الملحمة التي وصفها الكاتب بدقّة تجعل رائحة البارود تنبعث من صفحاته.

التعاطي مع العمليات الإرهابية، جرّدنا في وقت ما من ''إنسانيتنا'' لتصبح أخبار الموت والدم والارتقاء للشهادة كغيرها من الأخبار ننصرف بعد نقلها أو قراءتها إلى عملنا العادي، ولعلّ المحاولة في نقلها بسرعة لا تترك لك وقتا للتأمل أو للحزن، لهذا جاء الكتاب وكأنّه لحظة وقوف وتأمّل وضعنا أمام هذه الحقيقة المؤلمة ليحيي في القارئ ذلك الشعور بالصدمة الذي كان يرافقنا في بداية استهداف تونس من خائنيها.

أظهر الصحفي برهان اليحياوي في كل مراحل الكتاب وفي كل عملية يغطيها انحيازه للوطن وللوحدات الأمنية والعسكرية، فكان يروي تأثّره بشجاعة الشهداء وبرجالات على غرار حلمي التونسي وأنيس الجلاصي والضابط حامي بن قردان... وحزن الثكالى، كيف لنا أن لا نتأثر أمام دموع ''زعرة'' والدة الراعيين الشهيدين أو مريم ابنة الشهيد التي لم تقبل فكرة استشهاد والدها وعزيز ابن الحي، ووالد سارة صاحب المقولة الشهيرة ''بلادي قبل أولادي .. ووطني قبل بطني'' وغيرهم كثر كانت لهم شهادات لإذاعة موزاييك نقلها برهان بكل أمانة.

ولجامعات الإكليل في القصرين نصيب في كتاب تحدّث عن معاناة سكان منسيين استوطنوا المناطق المتاخمة للجبال وهم معرضون للموت وللانتقام من جماعات مسلّحة متعطّشة للدم تسطوا على منازلهم ليلا لتسرق مؤونتهم أو لاغتيالهم أمام أعين أبنائهم وإن لم تفعل فهي تزرع ألغاما في أرض يقتاتون منها فيجدون أنفسهم أمام الجوع أو الموت.

ورغم صعوبة العمل الميداني خاصة عند تغطية الأحداث الإرهابية، نجح الكاتب في أن يكون دائما أول الناقلين لها، فعندما مُنع من دخول بن قردان يوم ''الغزوة المزعومة'' أصرّ على مواكبة الأحداث ونقلها، فللرأي العام حق في معرفة ما يحصل في المدينة في ذلك اليوم.

كل تلك المتاعب، ودقة المعلومة وقدسية الخبر مع السرعة في نقله هو عمل يومي لمراسل سخّر وقته لإذاعة حافظت وما تزال على مصداقيتها.

وتجدون كتاب كلاشطاير في مكتبات بوسلامة وعليسة والكتاب والمعرفة في العاصمة. وفي مكتبة قاسم في سوسة .

 

أميرة عكرمي