languageFrançais

أطفال مركز الإصلاح بسيدي الهاني يبدعون في ''انفصام''

لعل مجتمعنا اليوم يعيش حالة تشتت  وحالة انفصام.. في وضعيات قد تختلف في تفاصيلها لكن نتائجها واحدة عبّر عنها أطفال مركز إصلاح الأطفال بسيدي الهاني في عمل مسرحي عُرض في إطار أيّام قرطاج المسرحية ، والذي كان مجالا للتعبير عن الأحكام المسبقة ودوافع الجريمة، ومواضيع أخرى تطرح معاناة الكثيرين انطلاقا من واقع معيش.

ثلاث شخصيات على الركح، غطت العتمة وجوههم وحجب ''الماكياج '' الأبيض والأسود أوجاعهم التي انفجرت عبر أصواتهم التي ملأت القاعة وتعبيرات أجسادهم وطاقاتهم التي تأججت لتعبّر وتكشف '' الواقع '' ..


انفصام.. قصة ''واقعية '' جسدت على الركح، تروي حكاية طفل قاصر، عبثت به الأقدار ليجد نفسه في مكان لم يختره..''القمامة ''، وينتفض منها لتعبث به الأقدار ويعيش حياة '' متسول '' تثقبه نظرات الاحتقار اليومية وتتخلل جسده أحكام مسبقة لينتفض مرة ثالثة لتعبث به ''عدالة الحياة '' ويجد منقذا إلا أنه لم يكن غير ''شيطان '' غابت عنه القيم الانسانية..

وتنتهي المأساة بطفل عبثت به الحياة ليقتل عن غير قصد ''شيطانا '' أراد اغتصابه وسلبه ''نفسه '' فتغتصبه الأقدار ويفقد حريته مؤبدا…

شهدنا على مدى ساعة، السوداوية والقتامة تخرج من أفواه ''قصر '' عبثت بأقدارهم الحياة فأصبحوا في عتمة وسلبوا حريتهم.. ربما هم بحاجة إلى تأطير وتكوين وإحاطة نفسية .. شأن الشخصيات التي مثلت اليوم على الركح، شأن العديد ..

وتحدث ''عماد خلف الله '' مخرج العمل والمرّبي والمؤطر بمركز إصلاح الأطفال سيدي الهاني لموزاييك  ، عن ضرورة الابتعاد عن الأحكام والبحث في دوافع الجريمة، مضيفا أن البشر ليسوا  معصومين من الخطأ ومن الضروري أن تحيط العائلة بأفرادها موضحا ''أن المجتمع لا يرحم '' ..

كما أشار إلى نظرة المجتمع ''للمودعين في السجون '' حتى بعد قضائهم فترة الحكم من الضروري أن تتغير، وعن العلاقة التي تجمعه بشخصيات المسرحية، أضاف خلف الله ''تربطني علاقة خاصة '' عائلية '' بالاطفال فهم أولادي ''. 

من المسؤول عن الأحكام والحياة واقدارها ؟ ومن يختار من يكون ولأي وسط ينتمي؟ومن يتحكم في أقدارنا ..لعل اليوم وجب أن نعيد النظر في أحكامنا وفي نظرتنا وفي التعامل مع من أخطأوا..بعيدا عن الأحكام المسبقة

سامية الحامي