languageFrançais

تونس تطمح للريادة الإقليمية للتكوين في الطيران

تخطّط تونس لأن تصبح مركزا إقليميا للتكوين في مجال الأمن والدفاع، بما في ذلك في مجال الطيران مدفوعة بالخبرة التي راكمتها مدرسة الطيران ببرج العامري طوال العقود الماضية، خاصة وأنّها تعدّ تاريخيا  أقدم مركز لتكوين  الطيارين على المستوى القاري، والذي يعود تأسيسه إلى العام 1958، قبل أن يتمّ احداث المدرسة في سنة 1994.

هذا البرنامج الطموح يتأكّد بالتطوّر المطّرد لعدد التلامذة الأفارقة الذين يتلقوّن تكوينهم بمدرسة برج العامري، وفق ما صرّح به آمر المدرسة العقيد قيس الصغيّر في لقاء بالإعلاميين نظّمته وزارة الدفاع الوطني ضمن زيارات ميدانية لعدد من المؤسسات والمنشئات العسكرية.

توجّه تونس لتُصبح مركزا إقليميا للتكوين في مجال الطيران، سيرافقه تطوير للبنية التحتية في مدرسة الطيران ببرج العامري من خلال مشروع بناء فضاء جديد للتدريس ومبيت للتلامذة لتحسين مستوى العيش وظروف السكن، فضلا عن اقتناء معدات تكوين جديدة من بينها محاكي طيران من أحدث ما توصّل إليه التطوّر التكنولوجي.

وأكّد العقيد قيس الصغيّر أنّ ثقة الدول الإفريقية في تونس في التكوين في مجال الطيران وفي مجال الدفاع عموما يعود إلى العلاقات التاريخية مع هذه الدول عبر مختلف آليات التعاون الدولي، من بينها مساهمة القوات المسلّحة التونسية منذ عقود في المهمات الأممية في القارة الإفريقية. 

وأوضح العقيد قيس الصغيّر أنّ هذه الثقة تتدعّم أيضا من خلال احتضان تونس لعدّة تظاهرات إفريقية في مجال الدفاع لبناء رؤية مشتركة بين جيوش الطيران الأفارقة.
وأشار في هذا الخصوص إلى احتضان تونس في شهر مارس المنقضي للمؤتمر السنوي لجيوش الطيران الإفريقية.

أكثر من 1000 متربّص من بلدان شقيقة وصديقة

 ومرّ 1015 متربّصا من بلدان شقيقة وصديقة بالتكوين في مجال الطيران في تونس بين سنوات 1968 و2023. ويأتي المتربّصون من المغرب الشقيق على رأس القائمة بـ 148 متربّصا ويليهم الجزائريون بـ 120 متربّصا فالإيفواريون والغابونيون والموريتانيون.  

تكوين الطيارين العسكريين والمدنيين

وتؤمّن المدرسة التكوين الأكاديمي للضباط وتختتم بالحصول على الشهادة الوطنية لمهندس أو مهندس طيّار، إضافة تكوين ضباط الصف قصد الحصول على الإجازة التطبيقية في اختصاصات الطيران. 

وبالإضافة إلى ذلك تؤمّن المدرسة التكوين النظري والتطبيقي لفائدة المتربصين المدنيين الخواص بمقابل.  

وتنظّم مدرسة الطيران ببرج العامري دورات خاصة أو تكميلية لفائدة وزارتي الدفاع والنقل. 

ومن مهامها أيضا تنظيم دورات الامتحانات الوطنية للإدارة العامة للطيران المدني، إضافة إلى المساهمة في مجال البحث العلمي والقيام بتطبيقات عملية في مجال الطيران. 
 

200 ساعة طيران

عند إنهاء تكوينه الأساسي يكون في رصيد الطيار المتخرّج من مدرسة برج العامري 200 ساعة طيران منها نسبة 35 بالمائة على المحاكي.

وأوضح آمر مدرسة الطيران ببرج العامري العقيد قيس الصغيّر أنّ الطيارين العسكريين والمدنيين يتلقون نفس التكوين مع فرق في ساعات الطيران وبعض الكفاءات الأخرى التي يختصّ بها الطيارون العسكريون دون غيرهم باعتبار مهامهم وطبيعة عملهم واستخدام الطائرات العسكرية ليس كوسيلة نقل فقط وإنّما لمهام أخرى قتالية ودعم جوي ولوجستي وهو ما يتطلّب أكثر خبرة وأكثر تواجد وتمكّن ليس على مستوى الطائرة فحسب بل وأيضا في عديد المجالات الأخرى.

التدريب عبر المحاكاة.. وسائل تكنولوجية متطوّرة تضاهي الوضعيات الاستثنائية

جولتنا في مدرسة الطيران ببرج العامري قادتنا إلى عدد من أقسامها، تعرّفنا خلالها على جودة التكوين والوسائل والآليات الضرورية لذلك. 

وكانت لنا فرصة للإطلاع محاكي برج المراقبة قدّمته للصحفيين الرائد فاتن المالكي. 

فإلى جانب تكوين الطيّارين تُعدّ مدرسة الطيران ببرج العامري المركز الوطني الوحيد لتكوين المراقبين الجويين العسكريين منهم والمدنيين لفائدة جيش الطيران ومختلف المطارات العسكرية وأيضا لفائدة ديوان الطيران المدني والمطارات (OACA).

وتتوفّر المدرسة على محاكي لبرج المراقبة، من أحدث ما توصّلت إليه التكنولوجيا في المجال وهو المحاكي نفسه المعتمد من القوات الجوية الأمريكية والمكتب الفدرالي للطيران الأمريكي وتم اعتماده من عدد من الدول الأوروبية، وفق الرائد فاتن المالكي. 

 ويضاهي المحاكي المتوفّر بالمدرسة برج مراقبة الحقيقي، وتوفّر قاعة الطيار الإفتراضي مشاهد ثلاثية الأبعاد لمطار قرطاج وهي وسائل تمكّن من التكوين في مجال الرقابة الجوية للطائرات والمطارات والتعرّض إلى الأوضاع الحرجة وغير الاعتيادية لتطوير مهارات التلاميذ للحصول على المؤهلات الضرورية لتأمين المراقبة الجوية. 

تابعنا جولتنا في المدرسة بالتعرّف على محاكي الطيران  من نوع FNPT2   يخول محاكاة ظروف واقعية والتدرب على اجراءات الطوارئ ويتم استعماله في آخر مراحل التكوين لطياري النقل، وفق ما صرّح به النقيب أحمد الهمامي آمر محاكي الطيران بمدرسة الطيران ببرج العامري.

وأضاف أنّ هذا المحاكي يمكّن من  محاكاة إجراءات الطوارئ التي لا يمكن محاكاتها خلال الطيران العادي.

محاكي طيران جديد

وستتعزّز مدرسة الطيران ببرج العامري بمحاكي أكثر تطوّرا ومن المنتظر أن يتم تركيزه في شهر جويلية المقبل. ويوفر المحاكي الجديد واقعا افتراضيا أفضل وعرضا على زاوية تمتد على 240 درجة.

وسيكون بمواصفات أفضل يؤهل الطيارين ليكونوا ملمين بآخر ما تمّ التوصّل إليه في مجال الطيران والطائرات. 

ويساهم المحاكي في خفض كلفة التكوين على الطائرة، ويقوم طيارو النقل على سبيل المثال بـ 35 ساعة طيران باستخدام المحاكي من اجمالي 210 ساعة طيران تقريبا.

وهو محاكي مصادق عليه من الإدارة العامة للطيران المدني ولذلك يتم احتساب ساعات استخدامه كساعات طيران حقيقي.

مركز التطبيقات في مجال الطيران
ويمثّل مركز التطبيقات في مجال الطيران أحد أهمّ  الفضاءات بمدرسة الطيران ببرج العامري، إذ يمثّل فضاء للمهندسين من مختلف الاختصاصات بالمدرسة لتطوير بحوثهم وانجاز مشاريعهم البحثية ويتمّ مواصلة البحث بالنسبة للمشاريع المتميّزة منها لتطويرها والمرور إلى مرحلة التصنيع. 

وفي هذا الإطار، شاهدنا عرضا لطائرة دون طيار طوّرها باحثون بمركز التطبيقات. 

عمل صحفي: شكري اللّجمي
تصوير ومونتاج: إيهاب الفرشيشي