languageFrançais

بياض الثلج الذي يغطي عتمة شقائهم..

جمال الثلج سحر المشاهدين عبر مواقع التواصل الاجتماعي فهبوا بالعشرات بل بالمئات أو الآلاف لتذوق متعته هناك عند الجبال والمسالك الوعرة والأرياف الصغيرة حين تكون الإشارة الوحيدة هي اللافتات في مفترق الطرق... تكبدوا عناء التنقل الى تلك ''الدشر'' ليوثقوا مغامراتهم بصور ''لطيفة''.. تعكس ما احتضنته الطبيعة في الشمال الغربي..هناك حيث يغطي الثلج قامات الأشجار ورؤوس الجبال كتيجان من لؤلؤ يخطف الأبصار..

هذا الجمال وهذه اللمعة جعلتنا لا نرى سوى ما ظهر من مشاهد الغابات والتلال والجبال غافلين عما بطن في جوفها. وماذا يا ترى في جوفها؟؟؟

منازل أغلقت أبوابها على آلام لقلة ذات اليد... لنقص في المؤن.. لإرهاق وتعب بسبب الركض وراء قطعان الماشية منذ ساعات الفجر الأولى إلى حلول الظلام..

الثلج لا يعني لهم نفس ما يعنيه لملتقطي الصور ..لزوار الليلة الواحدة.. الثلج هو إنذار بانقطاع الطرقات وانقطاع التيار الكهربائي وتجمّد المياه في صنابيرها.

الثلج هو البحث عن حطب للتدفئة واستهلاك مخزون أكل الأنعام الذي طالما حاولوا الحفاظ عليه لأن ثمن ''العلفة'' قد قفز بعيدا عن منالهم.

الثلج هو الوقوف في طابور طويل للحصول على قارورة غاز ..نتكبد نحن ،''سكان المدن'' ،عناء كبيرا لايجادها فمابالك بمن استوطنوا تلك الأرض الباردة.

الثلج هو عطلة إجبارية لأطفال لا تربطهم بالمدرسة سوى ساعات درس ثقيلة ومملّة يقضون أغلبها في النظر للشبابيك المفتوحة على آمالهم الصغيرة.

الثلج أبيض في أعيننا نزوره يوما.. يومان أو ثلاثة ليس أكثر لأننا سنشعر بقسوته بعد ذلك ... نحن لا نتحمل تلك القسوة.. هي تليق فقط بمن اخشوشنت جلودهم من ''همّ الدنيا'' وتقلباتها  ... تليق فقط بمن عدلوا محرار أجسادهم وفق ما فرضه منوال التنمية عليهم .. عندما تناساهم في الميزانيات المتعاقبة وتركهم يتدبرون أمر أنفسهم بأنفسهم .

إن كنتم تحبونهم حقا فبرهنوا عن حبكم ..استثمروا في أرضهم الطيبة وهوائهم العليل..عبدوا لهم الطريق.. شيدوا لهم المدارس حتى لا يحلم طفلا منهم بشحنة ''مازوط'' قاتلة .. املؤوا مستوصفاتهم ومستشفياتهم بالكفاءات وأهل الاختصاص ..حتى لا تموت حاملا على عربة مهترئة تاركة وراءها شقيا جديدا.. 

بشرى السلامي