توقفت الحرب ولم تتوقف التغطية.. صحفيو غزة أبطال الميدان
أجمع المتدخلون اليوم خلال النـدوة الإخبارية حول تجربة اتحاد اذاعات الدول العربية في اعتماد مراسلين اخباريين في مناطق الحروب وسبل تطويرها على أن العمل في غزة كان استثنائيا بكل ما توفرت فيه من معطيات.
وبين الحاضرون على أن هذا الإطار الجماعي كان يهدف إلى تنسيق العمل الإعلامي العربي وتعزيز التعاون في سياق الصراعات والأزمات، مؤكدين على أهمية آلية اعتماد المراسلين كأداة حيوية لتسهيل العمل الإعلامي وضمان سلامتهم، لا سيما في بيئات خطرة مثل تلك التي شهدتها غزة والضفة الغربية والقدس.
وتمثل تجربة اتحاد إذاعات الدول العربية في اعتماد المراسلين خطوة مهمة نحو تأسيس إعلام عربي موحد وقادر على مواجهة التحديات في مناطق النزاع. ومع ذلك، تبقى هذه التجربة بحاجة إلى تحويلها من مجرد "إجراء شكلي" إلى "منظومة متكاملة" توفر الحماية الفعلية والدعم المالي والقانوني واللوجستي.
وفي تصريحه لموزاييك كشف رئيس قسم التبادل والمحتوى بالمركز العربي لتبادل الإخبار والبرامج باتحاد اذاعات الدول العربية أحمد إبراهيم أنه طيلة عشرين شهرا من العدوان الإسرائيلي على كل الأراضي الفلسطينية تم إرسال أكثر من 5500 خبر من كل من الضفة الغربية وقطاع غزة تغطي كل الجغرافيا الفلسطينية بمختلف أنواع الأخبار سواء أخبار سياسية أو أخبار أمنية أو آثار القصف والعدوان الإسرائيلي على المخيمات والمدن والقرى في الضفة الغربية وقطاع غزة.
بالإضافة إلى القصص الإنسانية التي تحكي يوميات الغزاويين تحت القصف وسط التجويع والحصار وغلق المعابر وعمل الطواقم الطبية في المستشفيات ونقص الأدوية وغيرها من القصص التي تروي معاناة الناس في الحرب .
وأضاف محدثنا أن هذه الأعمال التي بلغت حوالي 1300 قصة استفاد منها اتحاد إذاعة الدول الأوروبية واتحاد إذاعة الدول الأسيوية ومررتها العديد من القنوات التلفزيونية الأوروبية على غرار إسبانيا، إيطاليا، بلجيكا وهو ما مكن من تغيير وجهة رأي العالم الأوروبي وخرجت العديد من المظاهرات في الشوارع الأوروبية في أهم العواصم الأوروبية وتغيرت بذلك وجهة النظر التي كانت سائدة عبر السردية الإسرائيلية وأصبحت هناك سردية عربية حقيقية تصل إلى قلوب كل الأوروبيين .
وتم خلال هذه الندوة بث فيديوهات لصحفيين ميدانيين في قطاع غزة قدموا من خلالها أبرز التحديات التي واجهتهم خلال الحرب وأهمها تحول العديد من الصحفيين إلى "صحافة البقاء على قيد الحياة"، حيث يوثقون معاناتهم الشخصية ومعاناة من حولهم كجزء من القصة الإخبارية.
ويعاني الصحفيون خلال آدائهم لمهامهم في فلسطين من انقطاع متكرر وكامل للإنترنت والاتصالات الهاتفية، مما يعزلهم عن العالم ويُعطل قدرتهم على بث التقارير أو حتى التنسيق لضمان سلامتهم.
ويتعرض الصحفيون لصدمات نفسية متكررة نتيجة مشاهدتهم للدمار والقتلى والجرحى يومياً بالإضافة إلى فقدان زملاء مقربين وأفراد من عائلاتهم دون توفر أي رعاية نفسية في مثل هذه الظروف.
وتطرق المراسلون كذلك الى إشكالية غياب الحصانة فعلى الرغم من أن القانون الدولي الإنساني لا يمنح الصحفيين حصانة مطلقة، إلا أنه يُلزم أطراف النزاع باحترامهم كمدنيين طالما لا يشاركون مباشرة في الأعمال العدائية لكن الواقع في غزة أظهر انتهاكا صارخا لهذا المبدأ، حيث لم تكن هوياتهم كصحفيين أو الملصقات التي تحمل كلمة "PRESS" عاملاً وقائياً.
وفي هذا الإطار تشير التقارير الدولية من عدة منظمات مثل "اللجنة لحماية الصحفيين" و"مراسون بلا حدود" إلى وجود أدلة على استهداف الصحفيين وعائلاتهم من قبل القوات الإسرائيلية كما تم توثيق حالات قصف لمباني سكنية كان يقيم فيها صحفيون، واستهداف سيارات تحمل علامات "PRESS" بشكل واضح.
وقد وصل عدد الصحفيين الذين استشهدوا في قطاع غزة منذ بداية الحرب إلى مستويات قياسية غير مسبوقة في تاريخ الصراعات الحديثة حيث أن القتلى لم يكونوا فقط من المراسلين الميدانيين، بل شملوا المصورين والمساعدين الفنيين ومعدي التقارير وعائلاتهم كذلك.
*بشرى السلامي