بين الوصاية الدولية وعودة السلطة… من سيحكم غزة في المستقبل؟
مع اقتراب الحرب في غزة من مرحلة مفصلية، يطفو على السطح سؤال جوهري يشغل العواصم الإقليمية والدولية ألا وهو من سيتولى إدارة القطاع بعد توقف الحرب؟
بين مقترحات بإنشاء إدارة انتقالية ذات طابع دولي، وبين دعوات لإعادة السلطة الفلسطينية، يبقى مستقبل غزة رهين توازنات معقدة وتشابك حسابات القوى الفاعلة.
الإدارة الدولية: بين الحلم الأممي ورفض إسرائيل الصريح
تطرح بعض المبادرات فكرة تشكيل إدارة مدنية انتقالية في غزة، تكون تحت إشراف دولي مباشر أو غير مباشر. الهدف المعلن هو ضمان استمرارية الخدمات، تنظيم إعادة الإعمار، وتجنب الفراغ السياسي.
غير أنّ هذا الخيار يواجه عقبات بارزة أهمها رفض إسرائيلي لأي وجود أممي أو قوات متعددة الجنسيات، وصعوبة توفير تمويل وضمانات أمنية، فضلًا عن غياب توافق فلسطيني داخلي حول هذه الصيغة.
عودة السلطة الفلسطينية: شرعية دولية… لكن دون قاعدة شعبية
الخيار الآخر يتمثل في إعادة السلطة الفلسطينية إلى القطاع، باعتبارها الجهة الرسمية المعترف بها دوليًا. هذا التصور يحظى بدعم أمريكي وأوروبي، ويُنظر إليه كخطوة لإحياء مسار الدولة الفلسطينية.
لكنّ التحديات كثيرة لعلّ أهمها أن السلطة تعاني أزمة شرعية وشعبية، وفقدت حضورها الميداني في غزة منذ 2007. كما أن عودتها مرهونة إلى حد كبير بموافقة الكيان المحتلّ، الذي يضع عادةً شروطًا أمنية صارمة.
سيناريوهات غزة: بين إدارة هجينة ولا يقين دائم
الواقع يشير إلى أن الحل قد يكون "هجينًا" من خلال لجنة فلسطينية مدعومة دوليًا، أو إدارة مدنية محلية بإشراف أمني غير مباشر من إسرائيل، مع بقاء الوضع مرشحًا للتغيّر حسب موازين القوى على الأرض.
هذا السيناريو لا يضمن استقرارًا طويل الأمد، بل قد يكون مجرد مرحلة انتقالية، بانتظار تسوية سياسية شاملة لم تتضح ملامحها بعد.
غزة معركة الحكم بعد الحرب
غزة اليوم ليست أمام معركة إعادة إعمار فحسب، بل أمام معركة شرعية سياسية ستحدد طبيعة الحكم فيها لسنوات قادمة.
أي حلّ سواء كان إدارة دولية أو عودة السلطة الفلسطينية، لن ينجح ما لم يوازن بين الأمن والاستقرار من جهة، وحقوق السكان وكرامتهم من جهة أخرى. وحتى تتضح ملامح هذا التوازن، سيبقى السؤال: من سيحكم غزة غدًا ؟