منتدى اقتصادي تونسي جزائري للصّناعة والطاقة والسياحة.. وانتظارات كبرى
تُنظّم وزارة التجارة وتنمية الصادرات بتونس المنتدى الاقتصادي المشترك التونسي الجزائري تحت شعار "الصّناعة والطّاقة والسّياحة"، يومَيْ 11 و12 ديسمبر 2025، برئاسة رئيسة الحكومة سارة زنزري زعفراني والوزير الأوّل الجزائري سيفي غريب على افتتاح هذا المنتدى الاقتصادي.
وستكون هذه التظاهرة مناسبة لاكتشاف فرص استثمارية واعدة بين البلدين في قطاعات الصناعة والطاقة والسياحة والتعرّف على مناخ الاستثمار في الجزائر من خلال جلسات مباشرة مع مسؤولين وخبراء وبناء شراكات استراتيجية مع رجال أعمال ومؤسّسات اقتصادية من تونس والجزائر وتعزيز الحضور في إحدى أهم الأسواق الإقليمية المُجاورة من خلال جلسات مباشرة مع مسؤولين وخبراء، إلى جانب الحرص على بناء شراكات استراتيجية مع رجال أعمال ومؤسّسات اقتصادية من تونس والجزائر فضلا عن تعزيز الحضور التونسي في أهم الأسواق الإقليمية المجاورة.
منتدى رجال الأعمال الجزائري-التونسي لتعزيز الاستثمارات المباشرة
في السياق ذاته، تستضيف تونس اليوم الأربعاء، منتدى رجال الأعمال الجزائري-التونسي، الذي سيجمع نخبة من الفاعلين الاقتصاديين من البلدين لاستعراض فرص الاستثمار، وتطوير الشراكات، ومناقشة العراقيل التي تواجه المبادلات التجارية وسيتم خلال المنتدى تسليط الضوء على تجارب تونسية ناجحة في السوق الجزائرية بفضل التسهيلات التي تقدمها الجزائر لتعزيز الاستثمارات الأجنبية المباشرة، في خطوة يُنظر إليها على أنها مؤشر على رغبة مشتركة في تحويل العلاقات السياسية القوية إلى قاعدة اقتصادية صلبة تسهم في توسيع قاعدة التكامل الثنائي.
يُذكر أنّ اتفاقيات ومجالات التعاون شملت التعاون العسكري، حيث وقعت تونس والجزائر، في 7 أكتوبر الماضي، اتفاقا حكوميا مشتركا للتعاون في مجال الدفاع بين وزارتي دفاع البلدين، وذلك خلال زيارة عمل قام بها وزير الدفاع الوطني، خالد السهيلي، إلى الجزائر على رأس وفد عسكري رفيع المستوى.
وأفادت حينها وزارة الدفاع الجزائرية بأنّ هذا الاتّفاق "يعد محطة فارقة في تاريخ العلاقات الثنائية، وخطوة هامة على مسار تعزيز التعاون العسكري بين البلدين وفي كلمة بالمناسبة، أكد الفريق أول السعيد شنڨريحة أن التحديات الأمنية والاقتصادية والجيوسياسية التي تواجه المنطقة تتطلب تعميق العمل المشترك"، قائلا إنّ "الجزائر تحرص على تعزيز علاقاتها الثنائية مع تونس في شتى الميادين، لاسيما في مجالي الدفاع والأمن، لأن الجزائر تؤمن أن أمن تونس والجزائر واستقرارهما يحتاج إلى أعلى مستوى ممكن من التنسيق والتشاور" في ظلّ التحديات الأمنية والاقتصادية والجيوسياسية، التي تواجه منطقتنا، تفرض اليوم على البادين، أكثر من أيّ وقت مضى، تعزيز العمل المشترك، وفق رؤية متكاملة ومتبصرة، ترتكز على الحوار، والتنسيق، وتبادل الخبرات والممارسات الفضلى في ميادين الاهتمام المشترك".
اتّفاقات جهوية لولايات حدودية تونسية جزائرية
وسبقت اجتماعات هذه اللجنة المشتركة، عدد من الزيارات والإجراءات استبقت موعد انعقاد اللجنة المشتركة الكبرى، حيث أدّى والي جندوبة الطيب الدريدي زيارة عمل رسمية من 3 إلى 5 ديسمبر الجاري إلى ولاية الطارف بالجزائر في إطار تطوير التعاون بين الولايات الحدودية. وقام بإجراء جلسة عمل لبحث آليات تعزيز التعاون الاقتصادي وتسهيل الحركة عبر الحدود، إلى جانب دفع الاستثمار وتبادل الخبرات في مجالات التنمية الجهوية.
وتمّت دراسة إمكانيات إحداث مؤسسة تكوينية أو أكاديمية مهن مشتركة في إحدى المناطق الحدودية بولاية جندوبة، تفعيلا لمخرجات لقاء سابق جمع وزيري التشغيل والتكوين المهني للبلدين خلال شهر نوفمبر الماضي. إلى جانب متابعة تنفيذ مخرجات أشغال اللجنة التقنية المكلفة بتقييم تنفيذ ورقة طريق الدورة الأولى للجنة الثنائية لتنمية وترقية المناطق الحدودية الجزائرية-التونسية، والتي انعقدت بمدينة طبرقة من 7 إلى 9 جانفي الفارط.
وكانت ورقة طريق الدورة قد أقرت حزمة من المشاريع على غرار «إنشاء منظومة إنذار مبكر في مجال مقاومة الحرائق الغابية والتوقي من مخاطرها، وإحداث منطقة تبادل حر بين تونس والجزائر، والعمل على إحداث مشاريع تعنى بتطوير سلاسل القيمة الغذائية في المنتجات الغابية كزيوت النباتات والنباتات الطبية والحيوانية بالمناطق الحدودية، وإنشاء شركة تونسية جزائرية للمعارض، من شأنها أن تساهم في إدخال حركية اقتصادية بين مختلف الولايات الحدودية وتطوير المبادلات التجارية وخلق فرص وأطر تضمن التبادل في مجال التكوين السياحي وتطوير المهارات».
من ناحية أخرى، أعلنت ولاية القصرين عن إشارة انطلاق أشغال توسعة المعبر الحدودي ببوشبكة من معتمدية فريانة التابعة لولاية القصرين، بكلفة جملية للمشروع تقدر بـ94 مليون دينار ويتضمن المشروع مرافق حيوية وترفيهية وخدمات متنوعة ستساهم في تنشيط حركة التنقل والتبادل التجاري بين تونس والجزائر.
ارتفاع المبادلات التجارية الثنائية بأكثر من 10%.. لكنّها مازالت دون المأمول
ويُذكر أنّه وإلى أواخر سبتمبر 2025، شهدت المبادلات التجارية بين تونس والجزائر نموًا ملحوظًا، حيث ارتفعت الصادرات التونسية إلى الجزائر بنسبة تزيد عن 10%، كما بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين حوالي 5.8 مليار دينار تونسي خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2025، ‘ذ ارتفعت الصادرات التونسية إلى الجزائر بنسبة 10.4 بالمائة في الأشهر العشرة الأولى من 2025 مقارنة بالفترة نفسها من 2024، مما يبرز تزايد التبادل التجاري بين البلدين.
ولكن تبقى مجالات المبادلات التجارية الجزائرية ترتكز بشكل كبير على عدد محدود من القطاعات الاقتصادية وسجلت تونس عجزًا تجاريًا كبيرًا تجاوز 16 مليار دينار تونسي بحلول نهاية سبتمبر 2025، مدفوعًا بارتفاع الواردات، مع نمو في صادرات بعض القطاعات الهامة.
ووفق تقرير صادر عن المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية في جوان 2025، فإنّ المبادلات التجارية بين تونس والجزائر ما تزال "دون المأمول" رغم القرب الجغرافي والثقافي بين البلدين، خاصّة أنّ حصّة الجزائر من التبادل التجاري لتونس ظلت منخفضة، حيث لم تتجاوز في الفترة 2011/2021 نسبة 3 بالمائة، من إجمالي صادرات تونس، و6 بالمائة من وارداتها إلاّ أنّه رغم ذلك، تؤكّد الدراسة على أنّ تونس "تغيب عن قائمة أهم المصدرين إلى السوق الجزائرية أي أن صادراتها إلى الجزائر أقل من الطموحات رغم الإمكانات".
ويرجع المعهد ذلك إلى عدّة عوامل أساسية تحول دون نمو العلاقات التجارية بين البلدين من ذلك عجز هيكلي في تنويع الصادرات التونسية نحو الجزائر، وأنّ تونس لا تستفيد من كامل إمكانياتها الصناعية والفلاحية لسد الطلب الجزائري مع اعتماد كبير على واردات الطاقة من الجزائر (غاز، كهرباء…) مما يُثقل ميزان التجارة نحو الجزائر، ويحرف تركيز المبادلات نحو السلع الأساسية والطاقة، علاوة على ضعف الاندماج الاقتصادي على مستوى شمال إفريقيا رغم اتفاقيات مثل اتفاقية منطقة التبادل العربي الحر (التي تشارك فيها تونس والجزائر) لتسهيل التبادل، إلاّ أنّ المبادلات بين دول شمال أفريقيا (بما فيها تونس والجزائر) ضعيفة مقارنة بجهود التكامل.
يُذكر أنّ تونس والجزائر وقّعتا سنة 2023، في ختام أشغال اللجنة الكبرى المشتركة المنعقدة بالجزائر العاصمة على 26 اتّفاقية ومذكرة تفاهم وبروتوكول، توصّلت لجنة المتابعة التونسية الجزائرية إلى عقدها وشملت هذه الاتفاقيات 16 قطاعا وزاريا، تهم شؤون التربية والثقافة والشؤون الاجتماعية والداخلية والتجارة والنقل والسياحة والعمل والصناعة والتكوين المهني والشباب والرياضة والسكن والرقمنة، والطاقة والاستثمار.
هناء السلطاني