languageFrançais

تداعيات كورونا على الإقتصاد التونسي وفرص الإستفادة من الأزمة

رجّح الخبير الاقتصادي  ووزير التجارة السابق محسن حسن  تضرر عديد القطاعات الاقتصادية في تونس بمفعول الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية الناجمة عن إنتشار وباء كورونا وذلك بسبب إنفتاح الإقتصاد الوطني على الخارج بنسبة مهمة و ضعف صلابته اضافة الى التأثيرات الإقتصادية و المالية على تونس متعددة الأوجه، بالنسبة للمالية العمومية.


وقال حسن في تدوينة على حسابه بفيسبوك  إنّ انفتاح الإقتصاد الوطني على الخارج بنسبة مهمة وخاصة على الفضاء الأوروبي الذي دخل في مرحلة الركود الاقتصادي و الانهيار المالي سيكون له تداعيات سلبية على العديد من القطاعات خاصة في ظلّ ''ضعف صلابة الإقتصاد الوطني وهشاشته'' وهو ما يحد من قدرته على تقبل الصدمات الخارجية، وفق تقديره.
واعتبر أنّ التأثيرات الإقتصادية و المالية على تونس ستكون متعددة الأوجه.


فبالنسبة للمالية العمومية توقع حسن أن يؤدي تراجع وتيرة النشاط الاقتصادي إلى تراجع موارد الدولة المتأتية من الجباية و المعاليم الديوانية بالإضافة إلى صعوبة توفير التمويلات الخارجية المبرمجة في قانون المالية لسنة 2020 والمقدرة بـ 9 مليار دينار نظرا لشح السيولة على مستوى الأسواق المالية العالمية و لتوجيه الجزء الأكبر من الموارد المتاحة للمؤسسات المالية العالمية لدعم الدول المتضررة من أزمة كورونا بعد أن تحولت الأزمة الصحية في الصين إلى أزمة إقتصادية ثم مالية عالمية.

 

وتوقّع الخبير الإقتصادي أن تشمل التداعيات السلبية للأزمة، اضافة إلى السياحة و النقل و الصناعات التقليدية والتجارة الخارجية، الصناعات التصديرية كالنسيج و صناعة مكونات السيارات و الصناعات الميكانيكية و الكهربائية، معتبرا أنّها ستكون  الأشد تضررا خاصة في ظل إنتشار الوباء في إيطاليا و ألمانيا و الصين، بإعتبار أنّ المبادلات التجارية لتونس مع هذه البلدان تبلغ  60%من مجموع المبادلات التجارية  مع الخارج.


فرصة لمضاعفة الصادرات والحد من العجز الطاقي


من جانب آخر اعتبر محسن حس أن هذه الأزمة قد تمثّل فرصة لتونس لمضاعفة صادراتها من المواد الفلاحية كزيت الزيتون و الصيد البحري نظرا لما تعيشه إيطاليا من وضع حرج والتي تعتبر المزود الأول من هذه المواد لبقية دول الإتحاد الأوروبي.

واعتبر أن تراجع أسعار النفط في السوق العالمية إلى مستوى 30 دولار حاليا ،نتيجة لتراجع الطلب العالمي و إرتفاع الإنتاج السعودي كردة فعل على عدم تخفيض الإنتاج الروسي بعد قرار منظمة الاوبيك، يعد فرصة حقيقية لتونس للحد من العجز الطاقي و تقليص العجزالجاري شريطة التزود بعقود أجلة لاحتياجاتنا من المحروقات .


نمو سلبي


وتوقع أن يكون النمو الإقتصادي في تونس سنة 2020 سلبيا في حال تواصل الوضع الدولي علي ما هو عليه و تواصل تراجع التصدير و الإستثمار كمحركات نمو أساسية.
وقال إنّ الخروج من هذا الركود الاقتصادي المتوقع يتطلب التحكم في إنتشار هذا الوباء و القضاء عليه قبل بداية النصف الثاني من السنة الحالية.


 
وبخصوص  الإجراءات الإقتصادية و المالية الواحب إتخاذها للحد من الآثار السلبية على الأفراد و المؤسسات أكّد حسن أنّه يتعين على الدولة التوجه نحو التخفيض في نسبة الفائدة المديرية و ذلك للتحكم في كلفة التمويل بالنسبة للمؤسسات وكذلك الأفراد و لما لا تحريك الطلب الداخلي في ظل تراجع التصدير كمحرك للنمو .


من جانب آخر، فإن البنك المركزي مطالب بالتدخل على مستوى سوق الصرف و المحافظة على سعر صرف الدينار وذلك للحد من اختلال التوازنات الكبرى و المحافظة على القدرة الشرائية للمواطن و القدرة التنافسية للمؤسسة .


وأكّد أنّه يتعيّن على الحكومة وضع خطط للدفع الإقتصادي للمحافظة على النسيج الإقتصادي الوطني و ضمان إستدامة المؤسسات وخاصة الصغرى و المتوسطة منها من خلال  إسداء إمتيازات جبائية إستثنائية و إعادة جدولة الديون الجبائية للمؤسسات الصغرى و المتوسطة و التي تمر بصعوبات إقتصادية و مالية و ذلك في إطار قانون المالية التكميلي لسنة 2020 الذي لابد أن يصادق عليه مجلس نواب الشعب قبل نهاية جوان2020.


وشدد على ضرورة العمل على وضع خطوط تمويل لجدولة ديون المؤسسات الصغرى و المتوسطة في القطاعات المتضررة و يشرع في تنفيذه قبل نهاية شهر جوان 2020، والنظر في إمكانية جدولة ديون المؤسسات لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي و التي تمر بصعوبات مالية و تأجيل سداد الأقساط المستوجبة.
إضافة إلى وضع خط تمويل على ذمة مؤسسات التمويل الصغير لدفع الإستثمار الخاص في المشاريع الصغرى، ووضع  خطط للدفع الاقتصادي القطاعي و إتخاذ إجراءات سريعة للحد من تدهور المنظومات الإنتاجية عموما و خاصة الفلاحية منها.


وعلى الصعيد الإجتماعي قال محسن حسن إنّ الدولة مطالبة بلعب دورها الأساسي تجاه الفئات الإجتماعية الهشة و المتضررة من الوضع الإقتصادي و المالي الحالي و ذلك عن طريق تحويلات مالية إضافية لضمان العيش الكريم و للحفاظ على مقدرتها الشرائية .


كما يتعيّن في السياق نفسه  التحكم في الأسعار و انتظام تزويد السوق بالمواد الضرورية و كذلك تفعيل دور كل الأجهزة الأمنية و المراقبة الإقتصادية لمقاومة الاحتكار والمحافظة على القدرة الشرائية.
وبالنسبة للقطاع الصحي دعا إلى توجيه الإمكانيات المتاحة للدولة لتوفير التجهيزات و الإمكانيات البشرية و المادية الضرورية،كما يتعين تفعيل التضامن الوطني و التعاون الدولي كحلول تستوجبها المرحلة لتطوير هذا القطاع الاجتماعي الحيوي.