المحروقات في تونس: عشرية من الاشتعال المتواصل
يُضاعف ارتفاع أسعار البترول على وقع الحرب الروسية الأوكرانية من حجم التحديات المطروحة على الحكومة التونسية لإنعاش اقتصاد البلاد المُنهك في ظلّ وضع اجتماعي متدهور وأزمة سياسية تراوح مكانها...
وفي ما يلي حوصلة لتطوّر أسعار المحروقات في تونس خلال العشرية الأخيرة، وانعكاسات ذلك على الميزانية والمقدرة الشرائية للمواطنين.
ارتفعت أسعار المحروقات في تونس مجدّدا، بعد إقرار الحكومة بداية من 1 مارس الجاري زيادة ب65 مليما بالنسبة للبنزين الخالي من الرصاص و50 مليما بالنسبة إلى الغازوال، وهي الزيادة الثانية خلال السنة الجديدة، ويتوقّع أن يتواصل هذا الإرتفاع خلال الفترة القادمة مع تواصل زيادة أسعار النفط على المستوى العالمي حيث قفز سعر برميل النفط (خام برنت) إلى 120 دولارا فيما اعتمدت الحكومة سعر 75 دولارا في قانون المالية لسنة 2022.
وبمقتضى الزيادة الأخيرة ارتفع سعر البنزين الخالي من الرصاص إلى 2220 مليما، بينما ارتفع سعر اللتر من الغازوال إلى 1705 مليمات.
آلية للتعديل الأوتوماتيكي للأسعار
وأقرّت تونس منذ 2016 آلية للتعديل الأوتوماتيكي للأسعار، وتمّ اجراء تعديلات في الأسعار في سبع مناسبات منذ إدراج الآلية.
ويتم ضبط الأسعار من طرف اللجنة المكلفة بضبط ومتابعة أسعار بيع منتوجات النفط الجاهزة الموردة والمكررة محليا المنصوص عليها بالفصل 17 من القانون عدد 45 لسنة 1991 المتعلق بمنتوجات النفط والتي تم تحيين تركيبتها وسير اعمالها بمقتضى القرار المؤرخ في 15 جويلية 2016.
وأوضحت وزارة الصناعة والمناجم والطاقة أنّ عدم تفعيل الآلية في أكثر من 50% من المناسبات المطلوبة ارتفعت أسعار المواد الثلاثة بنسب غير كافية لمواكبة الأسعار العالمية.
وتهدف آلية التعديل الأوتوماتيكي بحسب الوزارة إلى إضفاء مزيد النجاعة على عمل اللجنة والاقتراب من حقيقة الاسعار للمواد المعنية بآلية التعديل.
و تم إقرار إجراء تعديلات على آلية 2016 وذلك باعتماد التعديل في الأسعار بسقف أقصاه 3 % ابتداء من سنة 2022.
تفاقم العجز الطاقي خلال العشرية الأخيرة
ويشهد العجز الطاقي في تونس ارتفاعا مطّردا منذ 2010 ليبلغ 55 بالمائة في 2019، بعد أن كان هذا العجز لا يتجاوز 20 بالمائة في سنة 2010، وفقا لتقرير وزارة الصناعة والمناجم والطاقة حول تطور اهم مؤشرات الميزان الوطني للطاقة في تونس بين 2010 و2019 لصادر في شهر مارس من سنة 2021. وأشار التقرير إلى أنّ العجز الطاقي إرتفع خلال العشرية المذكورة بـ 209% ، بنسبة ارتفاع سنوية تقدّر بـ 13.3 بالمائة.
وبلغت الإستقلالية الطاقية لتونس إلى موفى ديسمبر من العام الماضي 52 بالمائة، وفقا لإحصائيات نشرتها وزارة الصناعة والمناجم والطاقة.
وتقدّر قيمة الدعم للمحروقات في تونس بـ 3327 مليون دينار في سنة 2021، أي بنسبة تفوق الخمسين بالمائة من إجمالي نفقات الدعم، حسب ما جاء في تقرير ميزانية الدولة لسنة 2022، الذي يتوقع أن يرتفع الدعم الطاقي بـ 252 مليون دينار.
ووفقا لتقرير ميزانية سنة 2022 تقدر حاجيات التمويل الضرورية لتوازن منظومة المحروقات والكهرباء والغاز بحوالي 5137 مليون دينار تم ضبطها على أساس معدل سعر النفط بـ 75 دولار للبرميل من نوع ”البرنت "ومعدل سعر صرف الدولار بـ 2.9 دينار.
وتؤدي الزيادة بـ 1 دولار في سعر البرميل إلى زيادة في نفقات الدعم بـ 137 م د والزيادة بـ 10 مليمات في سعر صرف الدولار تؤدي إلى زيادة بـ 40م د.
وتتوقّع التقديرات أن يبلغ حجم الإنتاج الوطني في حدود 222.2 مليون طن من النفط الخام و 268.2 مليون طن معادل نفط من الغاز الطبيعي مقابل تقديرات على التوالي بـ 127.2 مليون طن و 344.2 مليون طن م لسنة 2021.
تطوّر أسعار المحروقات في تونس بين 2010 ومارس 2022 (بالمليم)
| السنة | البنزين | الغازوال | البترول المنزلي الأزرق |
| 2010 | 1315 | 955 | 755 |
| 2011 | 1370 | 1110 | 810 |
| 2012 | 1406 | 1039 | 812 |
| 2013 | 1552 | 1156 | 810 |
| 2014 | 1620 | 1210 | 810 |
| 2015 | 1670 | 1250 | 810 |
| 2016 | 1650 | 1172 | 810 |
| 2017 | 1750 | 1230 | -- |
| 2018 | 1985 | 1480 | -- |
| 2019 | 2065 | 1570 | -- |
| 2020 | 2035 | 1550 | -- |
| 2021 | 2095 | 1605 | -- |
| 03/2022 | 2220 | 1705 | -- |
انعكاسات مباشرة على الأسعار وعلى المقدرة الشرائية
ويتوقّع الخبراء أن تنعكس هذه الزيادة سلبيا على المقدرة الشرائية للمواطنين، التي ما انفكت تشهدا تراجعا متواصلا خلال العشرية الأخيرة، حيث سيكون لهذه الزيادة تأثيرا مباشرا على كلفة انتاج مختلف المواد الإستهلاكية. ويتوقّع الخبير الإقتصادي معزّ حديدان أن يرتفع سعر المحروقات إلى 3 دنانير في غضون أشهر قليلة إذا تواصلت الحرب الروسية الأوكرانية، إضافة إلى زيادة متوقعة في تعريفة الكهرباء والغاز والعديد من المواد الأخرى.
|
|
| ارتفاع أسعار المحروقات ستكون له تداعيات مباشرة على أسعار أغلب المواد الإستهلاكية |
وأشار مساعد رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري خالد العراك في تصريح لموزاييك أنّ الترفيع في أسعار المحروقات بصفة دورية بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الطاقة ككل سيكون له تأثير على تكلفة الإنتاج الفلاحي وأسعار البيع للعموم، مرجحا أن تكون له ارتدادات خطيرة وكبيرة على الأسعار.
شكري اللّجمي
__________
* مصدر الإحصائيات والأرقام الواردة في هذا المقال:
وزارة الصناعة والمناجم والطاقة
تقرير ميزانية الدولة لسنة 2022
