languageFrançais

جبال القصرين وتواصل نزيف الأهالي.. راعٍ جديد يُقتل بمفعول لغم

لم تجفّ بعد دماء الشّهيدين الطّفلين ماهر وثامر بجبل السلّوم، إثر استشهاد أربعة عسكريّين بمفعول لغم في جبل مغيلة، حتّى ابتلع الجبل شهيدًا جديداً، اليوم الخميس 15 أفريل 2021. أخبار باتت تمرّ مرور باهتاً خصوصاً في خضم تشابك دراما شهر رمضان في الفضائيّات مع أنباء تلك الكوميديا السياسويّة بميزتها التنازعيّة التي صبغت المرحلة.


شهيد مغيلة اليوم هو حسنين مصباحي، 32 سنة، أب لأربعة أطفال أكبرهم سنّا  لم يتجاوز التّاسعة من العمر، والطّريقة هي نفسها التي أنهت حياة عشرات الشهداء في جبال القصرين؛ لغم أرضي غادر يخلّف الفاجعة تلو الأخرى مرتفعات الجبال الممتدّة.


وسط جبل مغيلة وغير بعيد عن مكان استشهاد سعيد وخالد العزلاني ومبروك وخليفة السلطاني، يتحدّث أقارب الشهيد لموزاييك بحرقة عن الرحلة الأخيرة لحسنين نحو الجبل. يقول محمد، ابن عم الشّهيد، "الدّولة تهملنا في هذا الهامش المترامي، فنضطرّ للصعود إلى الجبل لتوفير علفَ مواشينا القليلة أو للاسترزاق من الحطب أو  من جمع الإكليل، نحن لا نقدر على العلف المركّب الذي يحتكره كبار التّجار ولا نستكين إلى البطالة وخلفنا أطفال ينتظرون الرغيف، الإرهاب يقتلنا في كلّ مناسبة والدولة تنكّل بنا كل يوم."


يقاطعه مراد، يشدّد على غياب الدولة بمرافقها عن هذه المناطق، ويشرح لنا تلك الظّروف المأساويّة التي تدفع النّاس في مغيلة إلى التّضحية بأنفسهم عبر الولوج إلى الجبل من أجل كسب دنانير بسيطة لا تكفي احتياجات العائلات في شيء. يصطحبنا نحو البيت  الذي يقطنه الشهيد وزوجته وأطفاله الأربعة...


يدلف داخل منزل قديم منتصب في جبل مغيلة، أكلت منه السّنون جدرانه وأجزاء من سقفه حتّى بات متداعياً للسّقوط، وسطه تقطن عائلة الشهيد في بيت لا تتجاوز مساحته العشرين متراً مربّعاً، دون أثاث يذكر أو أغطية تعيلهم على برد مغيلة القاتل. مرقدهم هناك هو نفسه المطبخ وبيت الجلوس.


يتساءل مراد مراراً أمام كاميرا موزاييك عن مصير الأطفال بعد رحيل سندهم باكراً.


تجمّع الأهالي أمام المنزل يواسون أنفسهم في مصابهم الجديد بسبب الجبل، لكن بطلوع نهار جديد على قراهم المعزولة، سيتوجهون نحو مرتفعات مغيلة مجدّدا بحثا عن قوتهم، وهم لا يعلمون من منهم سيكون شهيد الجبل الجديد...

 

برهان اليحياوي