دموع 'خالتي زعرة'..امتداد للمعركة الوطنية
رافقت كلمات 'خالتي زعرة' لإذاعة موزاييك السبت 3 جوان 2017 موائد إفطار كل العائلات التونسية في يوم رمضاني تواترت فيه الأحداث بصفة جنونية لتنقل جرعات الحزن والأسى لكل متابع للأخبار القادمة من جبل مغيلة.
التاريخ يعيد نفسه للمرة الثانية في اقل من سنتين ، شاب يختطف من عمق الجبل، الذي يعتبر منطقة عمليات عسكرية مغلقة، ليذبح تاركا وراءه أما لم تشف بعد من جرحها الغادر الأول في فقدان فلذة كبدها "مبروك" أو "بريّك" كما يحلو لها أن تناديه .
حالة من الصدمة والنقمة لا يصعب ملاحظتهما في كلام وتصرفات سكان منطقة السلاطنية التي كانت نسيا منسيا قبل حادثة اغتيال "مبروك السلطاني" منذ ما يفوق السنة.
في منطقة تقع وسط جبل مغيلة وبين منزل قدّم لعائلة السلطاني كهبة ومنزل قديم متواضع يقع على مقربة من طريق معبدة مهترئة تجلس "خالتي زعرة" لاعنة أقدارها وجغرافية منطقتها التي جعلتها تقدم ابنين اثنين لقطاع طرق الرعاة بالجبل .
خوف رهيب يخيم على المنطقة ، الكل يتفادى التصريح لوسائل الإعلام خشية أن يكون مصيرهم نفس مصير "خليفة" الذي شتم غلات العصر في البرامج التلفزية فانتقم منه التكفيريون وهو اعزل في عمق الجبل بعد أن فرّوا جبنا في كل مواجهة جمعتهم مع وحدات الجيش والحرس الوطنيين.
في نفس الوقت الذي لعنت فيه "خالتي زعرة" حظها السيئ تواصلت عمليات تمشيط المنطقة من قبل وحدات الجيش الوطني، تمشيط جوي وارضي لتضييق الخناق على ضباع الجبل البشرية التي أراقت دماء الأبرياء متسترة بتضاريسه الوعرة .
وصرح الأهالي الشرفاء في الكواليس لموزاييك أن عددا من القاطنين على مقربة من الجبال يتعاملون مع العناصر الإرهابية التابعة ما يسمى "بداعش" الإرهابي خوفا من بطشهم او طمعا في بعض دنانير الخيانة، فمن العصابات المستترة المتخفية في ثوب المدنيين من يرصد تحركات الجيش الوطني ليبلغ العناصر الإرهابية بها عبر إشارات معينة مثل تشغيل النور الكهربائي ليلا مع مرور كل عربة عسكرية أو افتعال ضجيج ينبه الإرهابيين باقتراب وحدات الحرس والجيش الوطنيين وهو نفس ما أكدته مصادرنا الأمنية والعسكرية، ومنهم نساء ورجال وطنيون صمدوا في عمق الجبل حتى يأتي ذلك اليوم الذي يتخلصون فيه نهائيا من شرذمة خوارج العصر.
مطالب الأهالي كانت بسيطة كحياتهم الريفية التي كانت هادئة قبل عقد من الزمن وتتمثل أساسا في حياة آمنة وماء صالح للشرب .
رُفع جثمان الراعي "خليفة السلطاني " في مروحية تابعة للجيش الوطني نحو ثكنة "سبيطلة" العسكرية ومنها إلى احد المستشفيات الجهوية لتخضع للتشريح قصد معرفة كل تفاصيل عملية القتل الإرهابية، وتواصل موكب عزاء "دوار السلاطنية" التي أعلنت منه "خالتي زعرة" استمرارية المعركة الوطنية عبر تقديمها لراعيين اثنين في سبيل وطن لا مكان للمتواطئين فيه.
كانت صورة "خالتي زعرة" في دوار السلاطنية لا تشبه إلا نفسها لكنها تتقاطع مع تاريخ وطن لا يملّ من تقديم الشهداء من أجل سلامة الأجيال القادمة .
برهان اليحياوي
