في ظلّ أزمة غلاء الورق.. ألم يحن وقت إنقاذ ''معمل الحلفاء''؟
خيّم شبح الأزمة على الورق أيضاً، وارتفعت أسعاره بطريقة جنونيّة، وأغرق قطاعات كثيرة أخرى، منهكة بطبعها، بتتالي الأزمات، في مشاكل كثيرة.
ولا يمكن أن نخوض في إشكاليّات الورق دون الحديث عن الشّركة التّونسيّة لعجين الحلفاء والورق، تلك النّواة الصناعيّة اليتيمة في ولاية القصرين، والّتي تأسست في ستينات القرن الماضي، للعب دور وطنيّ اقتصاديّ رائد قي صناعة الورق، ولإيجاد توازن جهويّ اجتماعيّ؛ بما توفّره من يد عاملة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
تأسّس "معمل الحلفاء" سنة 1963، ويشغّل 900 عاملاً وإطاراً، ويوفّر أعمالاً موسميّة، بطريقة عرضيّة، ل4000 عائلة في عشرات قرى القصرين، في موسم جني الحلفاء الّتي يصنع منها العجين والورق.
ووفق مصادر موزاييك، توقّف الإنتاج داخل الشركة الوطنيّة لعجين الحلفاء والورق بصفة كليّة منذ سنتين، بعد أن كانت تغطّي جزءاً كبيراً من السّوق المحليّة للورق، عندما كان الإنتاج السنوي يقدّر ب20 ألف طنّ، بين سنتي 2005 و2006.
وشدّدت مصادرنا على أنّ عودة الإنتاج للشّركة ستمّكن بطريقة أو بأخرى من التّصدّي إلى ارتفاع أسعار الورق، خصوصاً إذا تمّ اقتناء آلة قصّ مع صناعة الأحزمة التي من شأنها أن توفّر "حزمات الورق" في الأسواق التّي ارتفع سعرها بأكثر من 100% في السّنتين السّابقتين.
وأشارت مصادرنا إلى أهمية تنويع أنشطة "معمل الحلفاء" لتحقيق مردوديّة اقتصاديّة ذات جدوى للمؤسّسة(الكرّاس، الجافال، قصّ الورق، ورق الطّباعة...).
بدوره فسّر الرئيس المدير العام للشركة التونسية لعجين الحلفاء والورق مجاهد البوغديري، في تصريح لموزاييك، ارتباط ارتفاع أسعار الورق في تونس بارتفاع كلفة المحروقات في العالم، وارتفاع الطّلب العالميّ على عجين الورق.
وأوضح البوغديري أن الشّركة في سباق مع الزّمن من أجل عودة الإنتاج المقرّر ليوم 24 ماي 2022، بعد تركيب المرجل الحراريّ المتسبّب في توقيف الإنتاج بالمؤسّسة منذ سنتين.
وتنطلق أشغال المؤسّسة الإيطاليّة المسؤولة عن تركيب المرجل يوم 20 أفريل المقبل، وفق المصدر ذاته.
وأكّد البوغديري، في سياق متّصل، أن الشّركة قد تقدّمت بشكوى ضدّ مؤسّسة تركيّة بسبب صفقة المرجل الحراري، الذي لم يكن موافقاً للمواصفات.
وشدّد على أن تعطّل الاختبار العدلي المزمع القيام به من طرف خبير لدى المحكمة الإدارية قد يعطّل، بدوره، عودة الإنتاج في معمل الحلفاء، فبعد حوالي سنة من انتظار الاختبار، قد يتوقّف تركيب المرجل إن لم يتنقّل الخبير لمعاينة المرجل الحراريّ القديم(الخاصّ بالشّركة التركيّة)، قبل بداية أشغال الشّركة الإيطاليّة، وهو ما سيحول، حتماً، دون عودة العمل والإنتاج.
من جهة أخرى أكّد الرئيس المدير العام للشّركة الوطنيّة لعجين الحلفاء والورق أن المؤسّسة تحتاج إلى تمويل من الدولة ب7 مليون دينار، لانتاج حوالي 2000 طنّ من الكرّاس المدرسي للعودة المدرسيّة المقابل. مقابل استيراد 4000 طن من طرف القطاع الخاصّ؛ لأنّ السّوق الوطنيّة تحتاج 6000 طنّ من الكرّاس المدرسيّ.
بدوره، أكّد الكاتب العام المساعد للاتحاد الجهويّ للشغل بالقصرين محمد الصغير السايحي، على ضرورة إنقاذ الشّركة الوطنيّة لعجين الحلفاء والورق عبر إعادة هيكلة تقنيّة وبشريّة وبيئيّة ومالية، تحتوي وجوباً تركيب المرجل الحراريّ وصيانة المعدّات وتنظيف محيط العمل وتطهير الدّيون وتوفير مال متداول للمؤسسة والتطهير الاجتماعي ورسكلة الأعوان وتنويع الأنشطة.
وطالب الأمين العام المساعد للاتّحاد العام التونسي للشّغل سامي الطاهري بضرورة اللّجوء إلى التّقاضي الدولي ضد الشركة التركية المتسبّبة في تعطّل الإنتاج بالشّركة الوطنيّة لعجين الحلفاء والورق، بسبب صفقة المرجل الحراري.
ودعا الحكومة إلى المحافظة على عموميّة المؤسّسة وإصلاحها وإنقاذها، لأنّ الدّولة قادرة على ضخّ الأموال من أجل أن يصبح المصنع حديثاً وبقدرة تنافسيّة عالية، خصوصاً مع تجديد أسطوله وتطوير آلاته.
وشدّد الطاهري على أهميّة دور الشركة الوطنيّة لعجين الحلفاء والورق جهويّاً، في ظلّ الوضع التنمويّ المتردّي بولاية القصرين، ووطنيّاً مع بروز الغلاء والمضاربات.
وأكد أن الاتّحاد العام التّونسي للشّغل متمسّك بانقاذ "معمل الحلفاء"، وعموميّته، كخيار استراتيجيّ للتّنمية الجهويّة في القصرين، ولأهمية دوره التّنموي والاجتماعيّ والاقتصاديّ، وطنيّاً.
برهان اليحياوي.