languageFrançais

عودة الإرهابيين إلى تونس: السيناريوهات المطروحة والاجراءات المتخذة

قالت مستشارة رئيس الجمهورية سعيدة قراش في برنامج ميدي شو اليوم الاثنين 2 جانفي 2017 إنّ الرقم الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية حول الإرهابيين التونسين المتواجدين في بؤر التوتر والبالغ عددهم 2926 إرهابي، يؤكد أن الداخلية على علم بهم واستطاعت تحديد عددهم بدقة مما سيسهل التعاطي معهم.

ودعت التونسيين إلى الثقة في دولتهم "التي أثبتت أنّها قادرة على التعاطي مع التهديدات الإرهابية ونجحت في إحباط بعضها"، مؤكدة أن العمليات الإرهابية تستهدف كل دول العالم والجميع أصبح متساويا أمام هذا المدّ الخطير الذي لا يستثني أحدا، على حدّ تعبيرها.

وفي سؤالها عن دعوات بعض الأحزاب لسحب الجنسية منهم، أكدت سعيدة قراش أنّ تصريح السبسي كان واضحا حين قال إنه لا يمكن سحب جنسيتهم لأنّ في ذلك تعارض مع ما أقرّه الدستور والاتفاقيات الدولية وهو مطالب باحترام الدستور والمعاهدات لكنه ترك الباب مفتوحا أمام إمكانية تنقيح هذا الباب في الدستور.

 

سياسة النعامة لن تنجح

وتابعت ضيفة ميدي شو أنّ "سياسة النعامة" لن تكون ناجحة في الفترة الحالية ولا يجب التعامل مع هذا الملف بالعاطفة ، "لا يمكننا إنكار أن هؤلاء الارهابيين يحملون الجنسية التونسية لكن يجب تطبيق القانون وعزلهم عن بقية المجتمع".

وأشارت قراش إلى أنّ الأمم المتحدة بدأت تشتغل على عودة المقاتلين الذين شاركوا في الحروب منذ 3 سنوات والخيارات المطروحة كانت إما القضاء عليهم أينما وجدوا أو ترحيلهم أو استرجاع كل دولة للمجموعات التي تتبعها.


واعتبرت مستشارة رئيس الجمهورية أن الاستقطاب والخيمات الدعوية انتشرا خلال سنتي 2012 و2013 ولم يتم التعامل بجدية مع هذه الظاهرة وبالحزم الذي كان سيجنب تونس الوضعية الراهنة.

 

المقاتلون نوعين وهكذا سيتم التعامل معهم
 
وفيما يتعلق بالتعامل مع العائدين، أوضحت أنّ هذه المجموعات تنقسم إلى نوعين : مرتزقة كانوا متورطين في قضايا حق عام انخرطوا في شبكات مافيا سهلت سفرهم إلى هذه المناطق وفي حال عودتهم يجب محاسبتهم، ونوعية ثانية يحملون عقيدة قتالية ويرفضون العودة إلى تونس ويبحثون دائما عن القتل والذبح  التدمير ونسبة عودتهم ضئيلة.

وشدّدت سعيدة قراش على أنّ من عاد من بؤر التوتر  سيطبق عليه قانون مكافحة الإرهاب بمستوياته المختلفة إذ هناك من تمّت محاكمته وسجنه وهناك من يخضع للمراقبة الإدارية وأجهزة الداخلية بصدد متابعتهم وبالتالي الـ800 الذين عادوا إلى تونس ليسوا أحرار طلقاء في تونس.
 

عدد المقاتلين التونسيين يتجاوز الـ5 آلاف

من جانبه أكّد الصحفي والباحث في الحركات الإسلامية هادي يحمد أنّ الملف كان سيطرح آجلا أم عاجلا، مقرّا أنّ العائدين من 2012 إلى 2015 بلغ 800 من مجموع حوالي 5000 تونسي سافروا إلى بؤر التوتر حسب ما نشرته مراكز البحث أوروبية والأمريكية وليس فقط 2926 كما أعلن رئيس الجمهورية.

وشدّد على أنّ هذا الملف خضع لعملية توظيف سياسي بعيدا عن المعطيات الواقعية، مشيرا في نفس السياق إلى أنّ أعداد العائدين من تركيا على سبيل المثال لم يتجاوز الـ28 (عكس ما يروج له البعض) اختاروا العودة بطريقة رسمية من بينهم 14 امرأة وطفل.

وقال يحمد إنه التقى بعدد من المقاتلين في تركيا مازالوا ينوون القتال أكدوا عدم تفكيرهم في العودة إلى تونس لان معظمهم محلّ تفتيش من وزارة الداخلية وبالتالي دخولهم تونس لن يكون آمنا في الفترة الحالية.

وأضاف أنّه لا يمكن تحديد عدد التونسيين الذي تم القضاء عليهم  في بؤر التوتر بدقّة بسبب البلاغات الكاذبة التي تطلقها بعض العائلات لإنهاء التتبعات القانونية لكن يتم  التفطن إليهم غالبا، مؤكّدا وجود ما لا يقل عن 5000 تونسي انضموا إلى تنظيمات إرهابية في الحروب الدائرة في سوريا وليبيا والعراق.

 

22 مقاتلا سيبحثون عن ملاجئ جديدة

وأوضح الصحفي والباحث في الحركات الإسلامية أنّ الحرب في العراق وسوريا في طريقها الى النهاية وهزيمة داعش تأكّدت وبالتالي فالـ22 ألف مقاتل سيبحثون عن ملاجئ أخرى من بينها العودة إلى بلدانهم الأصليّة.


وأقرّ في نفس السياق أنّ الذين سافروا للقتال كان بقناعة ذاتية ودينية معينة وموجات التسفير ليست وليدة داعش بل ظاهرة تاريخية وبالتالي نظيرة المؤامرة والتفسير الشعبي أنهم خدموا مخططا أمريكيا لإحداث البلبلة في العالم العربي "وهو تفسير لا يستقيم" على حدّ تعبيره.

 

السيناريو كان متوقعا

علية العلاني الأستاذ الخبير والخبير في الجماعات التكفيرية والإرهابية، أقرّ بدوره بوجود مبالغة مع التعاطي مع ملف العائدين من بؤر التوتر.

وأكّد أنّ عودتهم كانت متوقعة لعدّة أسباب أهمها مجيء إدارة أمريكية جديدة برؤية مختلفة، وتغير موقف أوروبا من الإسلام السياسي إضافة إلى صعود اليمين في أوروبا.

كما تحدّث ضيف ميدي شو عن النصف مليون مهاجر الموجودين في ايطاليا ما دفع الحكومة الإيطالية الجديدة إلى اتخاذ قرار ترحيلهم، متابعا أنّ من سيتمّ ترحيلهم متورطون في قضايا إرهابيّة وأخرى حقّ عام.

 

40% من المساجين في إيطاليا تونسيون

وأعلن أنّه وفق تقارير أمنيّة 40% من المساجين في إيطاليا يحملون الجنسية التونسية، وبترحيلهم فستكون تونس أمام خطر حقيقي آخر لم يكن منتظرا.

وتساءل العلاني "ماذا أعدت حكومة الشاهد لاستقبال المرحلين ؟ هل أعدت دراسة أو استشارة وطنية للتعامل مع هذه الحقيقة ؟".
 
وأكّد علية العلاني أنّ خوف التونسيين من عودة المقاتلين مبالغ فيه لأنّه في حال تم اتخاذ الإجراءات الضرورية فلن يمثلوا مشكلا.

واقترح على وضعهم في مراكز مختصة، مشيرا إلى وجود دعوات لتخصيص جزء من ثكنة بوفيشة لإيواء العائدين "والتحقيق معهم بشكل معمق لتكوين قاعدة بيانات قد تنفعنا مستقبلا لمعرفة شبكات التسفير وكيفية مغادرة المقاتلين والمناطق التي قاتلوا فيها والأسلحة  التي حملوها والتنظيمات التي التحقوا بها".

وتابع الخبير والخبير في الجماعات التكفيرية والإرهابية أنّ المقاتلين  انتهى دورهم حيث تم تجنيدهم لخدمة مشروع  شرق أوسط جديد لكنه لم ينجح ما أحدث لخبطة في صفوف التيارات الإسلامية الحاكمة، وبالتالي سيقع التخلص منهم بطرق مختلفة.