languageFrançais

عبد الرحمان: سعيّد وجه جديد لمنظومة قديمة.. وحربه على الفساد استعراض

قال فوزي بن عبد الرحمان الناشط السياسي والوزير السابق في برنامج ''ميدي شو'' اليوم الجمعة 17 مارس 2023 إنّ تخليه عن حقيبة وزارة التشغيل في حكومة يوسف الشاهد في 2017 كان بشكل طوعيّ بعد سنة من توليّه هذا المنصب.

وأوضح أن سبب اتخاذه لقرار المغادرة هو التوظيف السياسي للعمل الحكومي لفائدة الشاهد الذي عقد صفقة مع حزب النهضة آنذاك، مضيفا "الخلاف مع النهضة والسياسات العمومية في مجال التشغيل كانت السبب الأساسي لمغادرتي الحكومة" وفق تعبيره.

وبالعودة إلى الوضع الراهن في البلاد، بيّن عبد الرحمان أن تونس تعيش حالة من الفشل في تفسير الديمقراطية التي تعتبر آلية للتعايش المشترك، وسبب ذلك أن النخب السياسية التونسية فشلت في إرساء أسس صحيحة لمؤسسات ذات حصانة ذاتية ضد الاستباحة والاختراق والتوظيف.

وأكد أنّ الممارسة السياسية لرئيس الجمهورية قيس سعيد لا تختلف في شيء عن المنظومات السابقة لأنه لم يختر عملية بناء بل اتجه للهدم، مستدركا "تمّ وضع الدستور منذ حوالي 8 أشهر وإلى اليوم الرئيس لم يركّز المحكمة الدستورية ومجالس القضاء لأنه شخص لا يؤمن بالمؤسسات والتراكم ويرفض وجود مؤسسات تشاركه الحكم لهذا أعتبر أن قيس سعيّد و25 جويلية فرصة مهدورة أخرى في تونس" وفق تعبيره.

"سعيّد عمّم انطباع غرق تونس في الفساد"

واعتبر ضيف "ميدي شو" أن أوّل خلاف مع قيس سعيد حول مفهوم الإصلاح، قائلا "الممارسة السياسية لمنظومة سعيّد لا تختلف عن المنظومات السابقة وسينتهي بأن يكون وجه جديد لنفس المنظومة الحاكمة".

وتساءل الوزير السابق "لما لا يتحدث رئيس الجمهورية إلّا عن الفساد والفاسدين وآخرها في زيارته أمس للمؤسسة التونسية للأنشطة البترولية.. هو يعمم الانطباع أن تونس غارقة في الفساد في حين كان عليه أن يتحدث أيضا على القوى الجيدة والوطنية التي تخدم الدولة".

وشدّد الناشط السياسي والوزير السابق على أنّ محاربة الفساد هي حرب صورية استعراضية "لأن القيام بذلك يكون بمحاربة القوانين التي تشجع على الفساد ويجب الانطلاق بإصلاح المنظومات وتوفير مناخات جديدة.. مثلا إن وضعت رئيس مدير عام مذنب في السجن يجب عندها وضع أجهزة الرقابة أيضا في السجن لأنها لم تقم بدورها.. الشعب التونسي ليس فاسدا لكن ثقافة الفساد استشرت بسبب غياب العقاب ".

"المنظومة الحاكمة تعمّدت إفشال العدالة الانتقالية"

كما تطرّق فوزي عبد الرحمان إلى منظومة العدالة الانتقالية وهيئة سهام بن سدرين بين 2011-2012 مؤكدا فشلها "هي غلطة كبيرة والمنظومة الحاكمة آنذاك رغبت في إفشالها لأنها كانت اللبنة الأولى لطيّ صفحة الماضي وفيها جزء كبير لإصلاح القوانين والمؤسسات لكن توقفوا عند جبر الضرر فقط لغايات معروفة" حسب قوله. 

وأقرّ أن النقاش الحالي سواء من طرف السلطة أو الأحزاب السياسية وكلّ القوى الحيّة عاطفي أخرج أسوأ ما يوجد في الطبيعة البشرية وشيطنة النخبة جعل الوعي الجمعي غير قادر على إعطاء معنى للعمل السياسي "وبالتالي الخروج من الازمة المركبة في تونس، فهي أزمة قيميّة واقتصادية وسياسية وأخلاقية وتنظيمية ومؤسساتية وبالتالي فالأزمة المركبة تحتاج لوعي النخبة للخروج حضاريا منها".

"تونس بلد الفرص المهدرة"

وفي سياق آخر، تحدّث فوزي بن عبد الرحمان الناشط السياسي والوزير السابق عن تداعيات تصويت أغلبية نواب البرلمان الأوروبي على قرار دعوة السلطات التونسية إلى الإفراج عن المعتقلين في حملة الإيقافات الأخيرة واحترام حرية التعبير.

وأكد أنها إشارة إضافية بعد تعليق البنك الدولي لمناقشات الشراكة والتعاون المستقبلي مع تونس إلى حين إشعار آخر بسبب الاعتداءات ضد مهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، بعد خطاب الرئيس قيس سعيّد عن المهاجرين غير النظاميين "وهذا يؤكّد أن صورة تونس اهتزت في افريقيا وأوروبا بسبب الأخطاء المتكررة". 

ولفت إلى أن "الخطاب السياسي متحكّم فيه بالتقدير الأمني للأشياء وكلام رئيس الدولة وكأنه مأخوذ من تقارير أمنية" حسب قوله.
وأقرّ عبد الرحمان في ختام حديثه أن تونس كسبت حملة تعاطف دولية في 2011 -2012 لما لعبته من دور مؤثّر آنذاك وكان يفترض أن يتبع ذلك بنهضة حضارية ''لكن تمّ التفريط في هذه الفرصة لأنّ تونس بلد الفرص المهدرة'' حسب تعبيره. 

وشدّد فوزي عبد الرحمان على ضرورة أخذ دروس من تجارب الماضي والخروج بميثاق جمهوري يؤسس لعقد اجتماعي جديد.