languageFrançais

محاكمة قتلة  بن  يوسف: فتنة أم كشف للحقيقة؟

أثارت قضية اغتيال صالح بن يوسف مجددا جدلا في أوساط الطبقة السياسية التونسية مع انطلاق أمس جلسة المحاكمة التى انعقدت بالدائرة الجنائية المتخصّصة في العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بتونس حيث عبّر الفاعلون السياسيون عن مواقفه من إعادة إثارة هذه القضية بين مؤيّد ورافض.

ويعتبر شقّ الرافضين أنّ هذه المحاكمة لن تكرّس سوى مزيد من الإنقسام والتفرقة بين أبناء الشعب الواحد، ويرون أنّه ما من فائدة في إعادة النبش في الماضي سوى بثّ الفتنة وخدمة أجندا سياسية مشبوهة وفق رؤيتهم، خاصة أنّ طرفي الصراع السياسي – برقيبة وبن يوسف، التحقا منذ عقود بالرفيق الأعلى ولم يعد يوجد أي مبرّر من إعادة إثارة هذا الصراع بعد أكثر من 5 عقود.   

في المقابل يرى الشق المؤيّد لهذه المحاكمة أنّ  المحاكمة تهدف إلى كشف الحقيقة وتحديد المسؤوليات بعيدا عن منطق التشفي أو الإنتقام. 

أمّا عائلة المناضل الراحل فتؤكّد أنّه لا مطالب لها من الدولة سوى الإعتراف بجريمة الإغتيال، لتورّط ''أجهزة وزارة الداخلية ووزارة الخارجية في جريمة الإغتيال بألمانيا''، حسب تصريح لطفي بن يوسف نجل صالح بن يوسف ، كما تطالب بإلغاء أحكام بالإعدام الصادرة ضد بن يوسف في 1957.

مرزوق: "زرع الفتنة''

وجاء في تعليق لرئيس حركة مشروع تونس أنّ  محاكمة قتلة بن يوسف المقصود بها محاكمة الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة لدوافع سياسية تخريبية تهدف لزرع الفتن وتغذية الأحقاد، معتبرا أنّ الدولة  التونسية أعادت الاعتبار لبن يوسف في عهد بن علي، متهما هيئة الحقيقة و الكرامة بالقيام بأنشطة تخريبية، وفق تعبيره.

موسي: ''المحاكمة إستهداف للصعود الواضح للحزب الدستورى الحر''

أمّا رئيسة الحزب الدستوري الحرّ عبير موسي  فوصفت في تسجيل فيديو نشرته على صفحتها في فيسبوك محاكمة قتلة صالح بن يوسف بالمهزلة و بالمحاكمة غير الشرعية التي تستهدف  مواجهة الصعود الواضح لحزبها، مضيفة بأن حزبها لا يعترف بهيئة الحقيقة و الكرامة و لا بقوانينها ولا بمحاكماتها ، حسب قولها.

العزّابي: ''خطر على المصالحة الوطنية''

وقال القيادي بحركة تحيا تونس سليم العزابي ''نتفهّم  رغبة عائلة الزعيم صالح بن يوسف الكشف عن حقيقة ملابسات الإغتيال كاملة، فإننا نُلفت نظر التونسيين لخطورة إستغلال هذه القضية لإفشال المصالحة الوطنية الشاملة والعدالة الإنتقالية، التي تتَطلّب إستكمال مسارها على أسسٍ سليمة، والتي نعتبرها الوسيلة الوحيدة لبناء مستقبل يمكّن أبناء الشعب من التّعايش في كنف الوحدة الوطنية.''

فوزي اللومي:'' تخريب سياسي''

من جانبه إعتبر القيادي بحزب البديل فوزي اللومي أنّ تونس تتعرض لعملية تخريب سياسي ممنهج آخر فصولها ''الزج بالقضاء في هذه المهزلة من خلال ما اطلق عليه بمحاكمة قتلة صالح بن يوسف''، معتبرا أنّ هذا الأمر سيزيد في إرباك القضاء وإرباك الوضع السياسي.

المرزوقي: ''كشف الحقيقة عن حقبة مظلمة من تاريخ تونس''

في المقابل عبّر محمد المنصف المرزوقي  رئيس الجمهورية السابق و أمين عام حراك تونس الإرادة عن تأييده لهذه المحاكمة بهدف كشف الحقيقة عن حقبة مظلمة من تاريخ تونس من حق الشعب معرفتها  و لانصاف الشهداء. 
نريد للجرح أن يلتئم .... للاخوة المتخاصمين أن يتصالحوا أخيرا ... وللصفحة أن تطوى نهائيا.

وقال في تدوينة على صفحته بفيسبوك  ''لا نريد الانتقام ، كل ما نريد : كشف الحقيقة عن حقبة مظلمة من تاريخ هو تاريخنا جميعا.''

 

صالح بن يوسف

يعتبر صالح بن يوسف إلى جانب الحبيب بورقيبة من أبرز قادة الحركة الوطنية ،وناضل الزعيمان معا ضدّ الإستعمار الفرنسي ضمن الحزب الحرّ الدستوري الجديد . ولكن اتفاق الإستقلال الداخلي الموقع مع المستعمر في 3 جوان  1955 مثّل بداية الخلاف بين الرجلين حيث تباينت مواقفهما بشأن هذا الإتفاق اذ يعتبره بن يوسف "خطوة إلى الوراء "  مما أدى إلى انقسام صلب الحزب ودخولهما في صراعه انتهى  بفصل بن يوسف من الحزب
وعاش بن يوسف منذ 1956 في المنفى قبل أن يتمّ اغتياله  في مدينة فرنكفورت بألمانيا يوم 12 أوت 1961 .

ويُتّهم الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة بإصدار أوامر إغتيال صالح بن يوسف  بعد فشل آخر محاولات الصلح بينهما