languageFrançais

عمامو: الإسلام السياسي لم ينتهِ.. والشعبويّة لن تدوم

اعتبرت المؤرّخة والأكاديميّة التونسيّة، حياة عمامو، خلال استضافتها في برنامج "جاوب حمزة"، اليوم الأحد 4 ديسمبر 2022، أنّ ما حدث عام 2011، هو انفجار للتعبير عن رفض "اختيارات أصبحت غير شعبيّة، ولا تُلبي حاجيات المجتمع"، وهذا الانفجار حدث، وفق تعبيرها، عندما "رفع الغرب يديه على الأنظمة".

وقالت: "أؤمن أنّ ما حدث سنة 2011، حدث من صلب المجتمعات المحليّة، ولكن عندما رُفعت الأيدي على الأنظمة على أساس أنّها لم تعد تستجيب لما يتطلّبه الواقع، والواقع يجب أن يدعم بالإسلام السياسي الذي يُريد أن يتخلّص منه الغرب".

وصول الإسلاميين إلى الحكم.. ليس مفاجأة!

"لم يكن وصول الإسلام السياسي إلى الحكم التونسي، عام 2011، عندما فرّ الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، مفاجأة بالنسبة لها، حيث كان واضحا بالنسبة لها، أنّ الإسلاميين، هو اللذين سيتولّون رئاسة البلاد، لأنّهم كانوا متجّذرين في البلاد، وكان لهم مشروع وامتداد وسط المجتمع، وهو الأمر الذي كانت تفتقده كلّ التيّارات السياسية الأخرى، بمختلف أنواعها وأشكالها"، حسب قول حياة عمامو.

وتابعت عمامو حديثها عن الإسلام السياسي، قائلا إنّ "الإسلاميون هيّؤوا المجتمعات، وعقليّتهم بصفة عامّة، لتقبّلهم على أساس أنّهم البديل لهذه الدولة الوطنيّة التي انبثقت عن حركات الاستقلال، والتي فشلت بسبب اعتمادها على سياسات غير إسلاميّة".

وأضافت حياة عمامة أنّ هذا الإسلام السياسي اختطف فكر النهضة العربيّة، الذي اندلع في القرن التاسع عشر، والذي بُني على جدليّة "التوفيق بين الإسلام والحداثة".

"أسْلمَة الأنظمة"

وقالت ضيف "جاوب حمزة" إنّ الأنظمة التي حكم فيها الإسلام السياسي، مهما كان نوعها وفي أيّ بلد عربي، كان مشروعها الوحيد هو إعادة "أسْلمَة الأنظمة"، التي مرقت عن السلام وتشّبثت بالأنظمة الغربيّة ونمط عيشها، مكان نمط العيش العربي الإسلامي.

"وفي حقيقة الأمر، الإسلاميّون لم يكونوا يؤمنون بهذا البديل، لأنّ شعارهم على أسلمة الأنظمة بالبلدان التي حكمتها نخب متغرّبة وغير متجذّرة في حضارتها، لم يكن سوى شعارا للتأثير على الرأي العام"، وفق قوله عمامو.

"كنت أتوقّع أن ينتهي الإسلامي السياسي عن طريق العمليّة الانتخابية، حتّى لو كانت شكليّة، لكن المشكل الأساسي كان في القوّة التي ستعوّض الإسلام السياسي في تونس، وهو ما جعل البعض يرى أنّ ما حدث في 25 جويلية هو الحلّ الأمثل للتخلّص من الإسلام السياسي، ولكنّه في الحقيقة لم يكن الأمثل، لأنّ الإسلام السياسي عاد إلى نفس العقليّة التي سادته في التسعينات، وهي لعب دور الضحيّة"، حسب تأكيد حياة عمامو.

هل انتهى الإسلام السياسي؟

وقالت حياة عمامو إنّ الإسلام السياسي يمكن أن يكون قد انتهى في الحكم، لكن عودته بشكل آخر واردة، لأنّ حركات الإسلام السياسي، منذ التسعينات، بقيت تتشكّل في كلّ مرة، بمظهر جديد، بنفس الفكر لكن بتفرّع جديد في كلّ مرّة.

وبالتالي، اعتبرت حياة عمامو أنّ عودة الإسلام السياسي، مثلما حدث في سنة 2011 وما بعدها، مستحيلة، ولكن من الممكن تكون له مكانة في المشهد السياسي، من خلال طرحه لأفكار جديدة ممزوجة بفكر حقوق الإنسان في إطار ما يُسمّى بالإسلام المعتدل، حسب تعبيرها.

"الشعبويّة في تونس ليست وليدة 2021"

وبيّنت حياة عمامو، في حوارها لـ "جاوب حمزة"، أنّ الشعبويّة في تونس لم تبدأ عام 2021، فهي موجودة منذ ثورة 2011، فالأنظمة الإسلاميّة، بمختلف أنواعها، مارست الشعبويّة، وحتّى زين العابدين بن علي، مارس بدوره الشعبويّة في وقت ما، لتستقر بعده أنظمة متعدّدة يمكن أن نطلق عليها الشعوبيّة، لأنّ الشعبوية في نهاية المطاف تستمد شرعيتها من الشعب عبر الانتخابات، وفق قولها.

"والشعبويّة التي نعيشها في الوقت الحالي، لها جناحان، الأوّل ليبرالي تمثّله الحكومة، والثاني لالون له، وتمثّله رئاسة الجمهوريّة، ومع ذلك لا ترّى حياة عمامو مستقبلا للشعبويّة في تونس"، على حدّ تعبيرها.

وتابعت عمامو قائلة: "الشعبويّة لن تدوم.. يمكن أن تعيش الشعبويّة لوقت ما ولكن لا نعرف إلى متى ستدوم، وأنا لا أرى قوّة قادرة على إخراج البلاد من الأزمة التي تعيشها".