languageFrançais

ألعاب الرهان الرياضي "وباء خرّب العقول والبيوت "

تشهد مختلف مدن ولاية نابل انتشارا واسعا لمحلات الألعاب الالكتونية التي توفر غطاء لألعاب الرهان الرياضي أو ما يعرف محليا بلعب" القمار "، أي أن يقتني اللاعب ورقة رهان رياضي متوقعا فوز أحد المنتخبات في رابطات مختلفة محليا وغالبا دوليا . ظاهرة انتشرت مثل الوباء في صفوف الشباب بحثا عن ربح سريع وتحصيل ثراء سهل .
موزاييك تحدثت الى عدد من المسؤولين بالجهة وقد أجمع بعضهم على صعوبة مراقبة هذه المحلات رغم خطرها الواضح على مرتاديها.


مصادر مسؤولة تقول لموزاييك إن عددها بكامل الولاية يتجاوز الالاف وتذكر مثالا على ذلك،  أكثر من مائتي محل ألعاب في مدينة الحمامات وحوالي مائة في مدينة نابل . هذه المحلات تفتح أبوابها للنشاط بعد أن يمضي صاحبها على كراس شروط ينظم استغلال محل ألعاب الكترونية أو قاعة انترنت للعموم ثم يصبح النشاط الرئيس ألعاب الرهان الرياضي يستقطب العديد من الباحثين عن الربح السريع، بضربة حظ وورقة ب 20 دينارا قد تكسبك ألف دينار أو أكثر .


موزاييك استطلعت آراء بعض المدمنين من مرتادي هذه المحلات وتحدثت الى صاحبي محلين في التقرير التالي: 

الرهان الرياضي خلاء بيوت 

يوم الاثنين صباحا بداية أسبوع حثيثة للموظفين والعملة والكادحين الا أنه يوم كبقية أيام الأسبوع وساعة كأي ساعة من ساعات الليل والنهار لستيني يرابط أمام محل ألعاب الكترونية في انتظار دوره لخوض غمار لعبة حظ ... في جيبه معلوم كراء سيراهن به طمعا في ربح مضاعف ليكتشف أنه بصدد خراب بيته هكذا أكد محدثنا مقدما شهادته عن إدمان ألعاب الرهان الرياضي مشددا بالقول "خلالتلي بيتي نقوم كل يوم نحلم بربح نلقى الخسارة ونقول ما نرجعش نرجع".


وفي شهادته قال محدثنا إنه خسر مبلغا تجاوز الألفي دينار ولم يجد العزيمة للإقلاع عن هذا الإدمان.


شهادة تؤكد أن ادمان العاب الرهان الرياضي لم تستقطب الشباب فقط أو اليافعين منهم بل هي آفة طالت مختلف الشرائح العمرية وسلبت عقول حتى المتقدمين في العمر والمتمرسين في الحياة بسبب وهم الربح السريع والسهل .



لاعب آخر يدعى بلال في ريعان الشباب قدم شهادته عن تجربة إدمان ألعاب الحظ قائلا إن رحلته معها انطلقت منذ ما يزيد  عن السبع سنوات وبلغ به الادمان حد بيع خاتم زواجه الذهبي وعن التجربة يصفها ب "خلاء البيوت " والادمان الذي يجري مجرى الدم في شريانه مؤكدا أنه عرف الربح والخسارة مرات لكنه لا يفكر في الاقلاع عن هذا الادمان،قائلا :" ما عادش يهمني الربح والخسارة المهم نلعب .. نعرف مرض اما لازمني نلعب "!


وفي مركز أمن أم تشتكي سلوك ابنها الشاب الذي دفعه إدمان ألعاب الرهان الرياضي الى بيع أثاث بيتها وزوجة أخرى تطلب الطلاق من زوج لم يعد له من شغل أو اهتمام في حياته سوى لعب ورقة رهان رياضي مهملا أسرته ومسار أبنائه الدراسي وفق تصريحها لمراسلة موزاييك .


صاحب قاعة ألعاب : طبيب ربح 540 ألف دينار 

صاحب قاعة ألعاب في نابل يشرح طريقة اللعب قائلا إن مراهنة وفق التكهن على نتائج مباريات كرة قدم ويؤكد محدثنا في تصريحه لموزاييك: "هي لعبة تحتمل الربح والخسارة ولكن أكثر الحرفاء يحققون الربح والمبالغ تتفاوت بين الألف دينار الى مئات آلاف الدنانير ومنذ شهر طبيب لعب ورقة ب 200 دينار وربح 540 الف دينار ".


ويواصل صاحب محل الألعاب القول :" نحن نعمل بطريقة قانونية وتحت المراقبة الأمنية والإدارية، الادمان موجود على هذه، الألعاب هناك أناس أهملوا شغلهم المعتاد فبين أن يكون مردوه اليومي من عمله 20 دينار وبين تحقيق ربح ب 209 دينار عبر الرهان هناك فرق وهو ما يجعل الحريف يسقط في شرك الإدمان"

ويواصل محدثنا القول "لا أعتقد أن في غلق محلات الرهان الرياضي حلا لمكافحة هذه الظاهرة ... المحلات انتشرت بالآلاف في الجمهورية فكم ستغلق الدولة من محل ... أمورنا قانونية ولا موجب لمؤاخذتنا قانونيا"!

 


ألعاب سالبة للعقول والدولة هي المسؤولة


خلافا للمدافعين عن هذه الألعاب رصدت موزاييك آراء مختلفة من الشباب تدين هذه الآفة وتحمل الدولة مسؤولية خطرها على الشباب خاصة . سفيان عزيزي شاب من نابل يقول :" كشاب واع ومثقف لا أعتبر أن الألعاب الالكترونية تشكل خطرا بما هي متعارف عليه ان كانت تقتصر على ارتياد تلميذ أو شاب لمحل ألعاب الكترونية للعب play station أو غيرها من الألعاب الالكترونية مدة ربع ساعة أو نصف الساعة على أقصى تقدير فقط للترفيه عن النفس ولا تشكل ادمانا  .. أما ألعاب الرهان الرياضي المستشراة في البلاد بحثا عن ربح سريع وادمان متاهات الرهان فهي خطر يهدد الشباب ويؤثر على خياراتهم الحياتية ليصبح شغل الشباب البحث عن أسهل وأيسر طريق لتحقيق ربح دون عمل أو جهد بدني".


والخطر يكمن وفق عزيزي في تداعيات الادمان على ممارسة العاب الرهان الرياضي التي تستحوذ على عقل الشاب فتدفعه للسرقة والنطر وسلب والديه لتوفير مبلغ الرهان ". ويواصل عزيزي القول " إنه من باب أولى على الدولة الاستثمار في مجال الذكاء الاصطناعي عبر جمعيات أو نوادي تشجع الشباب على التركيز في بعث تطبيقات أو برمجيات ذات مردود مالي وفي اطار مقنن يثمن ويكرس مجال التكنولوجيا بدل السماح بفتح محلات ألعاب تهدم خيارات الشباب وفق قوله".


رأي يثمنه ويدعمه الشاب أنور صاحب محل لإصلاح الهواتف الذكية والأجهزة الالكترونية ليقول " الدولة هي من كرست عقلية الربح السريع  عبر السماح لهذه المحلات بالانتشار دون أدنى تدخل من الدولة وهي تعلم ألا نشاط جدي لهذه المحلات فهي بمثابة المتحيل على الحريف .. يوميا تسلبه مبالغ مالية بحجة المراهنة وأنه خسرها في لعبة حظ ... على الدولة تفعيل دورها الرقابي والمجتمعي لحماية الشباب من مآلات لعبة الرهان ". 


والرقابة وفق أنور لا تقتصر على الدولة بل على الأولياء ففي شهادته يؤكد أن هذه المحلات تضم عديد المنحرفين وتستقطب أطفالا صغارا ما يجعلهم يستمعون لألفاظ نابية ويكتشفون التدخين والمخدرات ويختم أنور إفادته بطلب غلق هذه المحلات مؤكدا خطورتها على مختلف شرائح المجتمع وفق قوله .
 

سهام عمار