'سيمفونيكا' تُعيد روح الأغنية الفرنسية على ركح مهرجان الحمامات الدولي
عاش جمهور مهرجان الحمامات الدولي، ليلة أمس، على وقع أجواء فرنسية في عرض "سيمفونيكا" الذّي حمل توقيع المايسترو التونسيّ جهاد جبارة ضمن فعاليات الدورة التاسعة والخمسين للمهرجان.
تحت اكتمال القمر ونسيم البحر العليل، تحوّل ركح الحمامات إلى مساحة رومانسية أعادت الحاضرين إلى أجواء "الزمن الجميل"، حيث العزف على أوتار القلوب قبل الأوتار الموسيقية.
إحياء الموروث الفرنسيّ
"سيمفونيكا" ليلة أمس احتفى بالأغنية الفرنسية الكلاسيكية بأسلوب أوركسترالي حديث و مزيج بين الأصالة والرؤية الإبداعية المعاصرة. قدّم فيه المايسترو جهاد جبارة باقة مختارة من روائع داليدا، شارل أزنافور، إديث بياف، وجاك بريل، لتسافر بالجمهور عبر عقود من الإبداع الفني.
يُذكر أنّ المايسترو جهاد جبارة عرف بمشاريعه الفنية المبنية على الطابع الجماعي أشهرها سلسلة عروض "كلّنا نغنّي" أين أصبح الجمهور هو الكورال و الطرف الفاعل في العرض الموسيقي.
أصوات من تونس وفرنسا
قاد جهاد جبارة أوركسترا متكاملة من آلات وترية ونحاسية وإيقاعية وغربية، فيما تولّى الغناء كلّ من الفنان الفرنسي فيليب كافايي، الملقّب بـ"صوت أزنافور" نظرًا لتجربته الطويلة في أداء أغانيه، والفنانة التونسية زينب الوسلاتي التي أبهرت الحضور بقوة صوتها وحضورها الآسر.
الفنّان فيليب كافايي أضفى على الأمسية لمسة من الوفاء لمسيرة أزنافور وجاك بريل، مؤكدًا أنّ الغناء لهذا التراث يتطلب إحساسًا عميقًا ومسؤولية فنية، لا مجرد تقليد للأصوات حسب قوله. أما الفنانة الشابّة زينب الوسلاتي، فاعتبرت المشاركة تحديًا كبيرًا وفرصة نادرة لأداء أغنيات لفنانين طالما أحبّت الاستماع إليهم، مؤكدة أن العمل على "سيمفونيكا" لم يكن مجرد إحياء للموروث الفرنسي، بل خلق طاقة خاصة على الركح شدّت الجمهور للتفاعل.
ولادة فكرة وتحديات التنفيذ
وصرّح جهاد جبارة بأنّ فكرة "سيمفونيكا" ولدت من عشقه للأغنية الفرنسية منذ طفولته، قبل أن تتطور تدريجيًا لتصبح مشروعًا متكاملًا. أصرّ على اختيار فنانين قادرين على الغناء لعمالقة الطرب الفرنسي، رغم صعوبة الأداء الكامل بالفرنسية بالنسبة للجمهور المحلي. ويؤكد أنّ الفريق سيواصل تطوير المشروع على مستوى الأصوات والريبرتوار، حتّى يظل وفيا لجوهر الأغنية الكلاسيكية ويقدّمها بروح متجددة.
رحلة في الذاكرة الجماعية
من "La vie en rose" و"Non, je ne regrette rien" لإديث بياف، إلى "La Bohème" و"Hier encore" لشارل أزنافور، و"Paroles, paroles" و"Besame mucho" لداليدا، وصولًا إلى "Ne me quitte pas" لجاك بريل، شكّل البرنامج رحلة موسيقية في ذاكرة محبي الأغنية الفرنسية. وتفاعل الجمهور، الذي ملأ فضاء المسرح، بالتصفيق والانسجام، في أمسية أثبتت أنّ الموسيقى لغة عالمية تتجاوز الحدود واللغات.
"سيمفونيكا" كان حوارا ثقافيّا نابضا بين تونس وفرنسا، ورسالة حب للأغنية التي بقيت حيّة في الذاكرة رغم تغيّر الذائقة الموسيقية.
ليندا بلحاج