languageFrançais

أردني من ذوي الاحتياجات الخاصة يصبح نجما على فيسبوك بتحليله المباريات

بعد أن أمضى معظم حياته في منزله بسبب حالته الصحية، أصبح الأردني عامر أبو نواس نجما على وسائل التواصل الاجتماعي بعد أن دفعه حبه لكرة القدم إلى تقديم تحليلات للدوريات الأوروبية الكبرى.

وجذبت صفحة "المحلل بيتي" التي أنشأها على موقع فيسبوك، نحو ربع مليون متابع.

ويقول الشاب البالغ 27 عاما والذي يعاني منذ الولادة من خلل جيني وراثي يعيق نمو العظام بشكل طبيعي، لوكالة فرانس برس من منزله في محافظة الزرقاء (23 كلم شمال شرق عمان)، "صحيح أنا لم أمارس كرة القدم في حياتي ولم أحضر أي مباراة ولكن كرة القدم هي كل شيء بالنسبة لي، هي عشقي الذي عوضني عن أشياء كثيرة فقدتها في حياتي".

يجلس عامر بين جدران غرفته أمام شاشة كبيرة علقت على الحائط وينشر وهو ممدد على سرير كبير بملابسه الرياضية، عبر كاميرا هاتفه تعليقات وتحليلات متحدثا بحماس عن خطط المدربين وإصابات اللاعبين وسوق الانتقالات وكل خبايا كرة القدم العالمية.

وخلف سرير الرجل ذي الشعر الأسود، هناك رفّ يعج بأغراض خاصة به بينها جهاز "بلايستيشن" لألعاب الفيديو وكومبيوتر وسلال بلاستيكية تحوي على أشياء قد يحتاجها، فيما يتبعثر على سريره هواتفه وأجهزة تحكم وسماعاته وعصا طويلة يستعين بها لتقريب الأشياء إليه.

وأضاف عامر وهو الابن الثالث لطبيب وصيدلانية وله شقيقان مهندسان، "بسبب وضعي هذا لم أتمكن من ارتياد المدرسة وكنت منذ الصغر أقضي معظم وقتي أمام التلفاز أشاهد المباريات فوجدت نفسي أذهب إلى عالم آخر مختلف عن العالم الذي كنت فيه".

يمسك أحيانا بلوحة على شكل ملعب مصغر لكرة القدم، يشرح من خلالها خطط المدربين وأدوار اللاعبين داخل الملعب.

ويقول "هكذا أصبحت لدي خبرة كبيرة بعالم الكرة صرت أعرف كل شيء عنها حتى نصحني الكثير من أقربائي أن أستغل موهبتي وأخصص صفحة خاصة من داخل غرفتي هذه أحلل فيها المباريات".

وأطلق الشاب صفحته على فيسبوك عام 2017 وقد فوجئ بالشعبية التي حصدتها إذ وصل عدد متابعيه إلى أكثر من 243 ألفا. ويشير إلى أن "علاقتي مع المتابعين أصبحت علاقة عائلية، أصبحوا عائلتي الكبيرة وهي تكبر يوما بعد يوم".

وبدأ مؤخرا ببث فيديوهاته عبر منصة يوتيوب وتطبيقَي تيك توك وإنستغرام إضافة إلى شبكة تويتر.

ويبدي الشاب إعجابه بما آلت إليه التكنولوجيا الحديثة التي أتاحت له التواصل مع الآخرين. ويقول "من هذه الغرفة، من هذا المكان الصغير المعزول عن العالم، استطعتُ أن أتخطى هذه الجدران وأن أصل الى الناس وأتواصل معهم وأصنع المحتوى وأصل لما وصلت اليه اليوم".

ورغم ذلك، إلا أن أكثر ما يحزنه هو مناكفات بعض المتابعين في تعليقاتهم وتهجمهم على بعضهم البعض بعيدا عن الروح الرياضية.

ويؤكد عامر إن "أكثر ما جذبني في عالم كرة القدم هو الدوري الإنقليزي لأنه الدوري الأكثر قوة وتنافسية وإثارة وأعلى مستوى بين الفرق المتنافسة" من بقية الدوريات الأخرى.

وأضاف "أحاول قدر المستطاع أن أكون حياديا رغم حبي وشغفي لنادي ليفربول الإنقليزي الذي أتمنى أن أزور ملعبه أنفيلد يوما ما وألتقي مدربه يورغن كلوب ولاعبيه وأن أردد -لن تسير لوحدك أبدأ -"، في إشارة إلى شعار النادي.

ويلقى عامر خلال بثه المباشر، تعليقات عديدة مشجعة من متابعيه مثل "منور الدنيا كلها" و"ألف مرحبا حبيبنا" و"أهلا بالبطل".

يقول والده الطبيب يوسف أبو نواس لفرانس برس إن مرض ابنه "ليس له أي علاج" مضيفا أنه "يعيش في عالمه الخاص في غرفة تبلغ درجة حرارتها 27 درجة مئوية خوفا من البرد والالتهابات الرئوية، كل شيء يمكن ان يشغله بأجهزة التحكم".

ويتابع "لديه بعض الأصدقاء يزورونه بين الحين والآخر وعندما يشعر بالضيق يأخذون في نزهة على متن حافلة صغيرة".

ويقول عامر الذي لم يرتد المدرسة في حياته بسبب عدم توفر مؤسسة تعليمية تستقبل مثل حالاته إن "وضع ذوي الاحتياجات (في الأردن) كارثي، أنا أعيش في بلدي بدون أي اهتمام من أحد رغم موهبتي".

ورغم حصوله على دعوة لقطر خلال بطولة كأس العالم الأخيرة، لم يتمكن عامر من حضور أي مباراة.

ويروي "وصلتُ متأخرا بسبب إجراءات السفر الطويلة وصعوبة نقلي بالطائرة وحينها كانت قد بقيت مباراتان فقط، ولم أتمكن من حضور أي منهما بسبب نفاد التذاكر".

(أ ف ب)