languageFrançais

أنس السوسي: جسد جديد.. حياة جديدة

"كنت طفلة لم تتجاوز 14 عاما، وكان الناس يُنادونني بـ''السيدة''.. وكنتُ كلما أكلتُ في مجموعة إلا وسمعت تعاليق من قبيل ''ما زلت ما شبعتش؟'' وكان أصحابها يقولونها كما لو أنها دُعابة.. كنتُ متقبلة جسدي إلى حد كبير، لكن في أعماقي كانت ثمة رغبة في تغييره..''

أنس السوسي حلّت ضيفة في برنامج ''واحد من الناس''، وشاركتنا قصتها مع الوزن الزائد الذي لطالما عانت منه منذ طفولتها، وتجربتها في العيش في الولايات المتحدة لمدة 15 عامًا وأسباب عودتها اليوم إلى تونس. حدثتنا عن رحلتها نحو التحوّل الجسدي، والانتقال من حياة كانت تعاني فيها من زيادة الوزن ولكنها كانت مريحة في بعض الأحيان، إلى قرار الخضوع لجراحة إنقاص الوزن. وتوضّح أنس أن هذا القرار، على الرغم من أنه جاء بالصدفة، كان مدفوعًا بمخاوف صحية ورغبة عميقة في تغيير نظرتها لنفسها وحياتها. 

"ذهبت إلى الولايات المتحدة مراهقة طموحة، لأواصل دراستي وتعليمي الجامعي، والدي يقطن هناك منذ سنوات عديدة. لطالما عانيت من الوزن الزائد منذ طفولتي، وتعرضت إلى تعاليق جارحة يقولها الجميع كما لو أنها طرفة أو مداعبة.. لكني لم أكن منزعجة كثيرا من جسدي. قلقي الحقيقي حدث حين وصلت إلى ميزان لم أصله طوال حياتي، خصوصا بعد ولادة طفليّ التوأم، وحين عانيت إشكاليات صحية''. 

كنت شابة طموحة متميزة في دراستي ولكن..

وتقول أنس عن هذه الفترة ''أعتبرها أصعب فترة مرت بها في حياتي، كنت في ما مضى شابة طموحة ومتميزة في دراستي، وكنت أحلم بمستقبل مهني... وجدتني أما لطفلين بلا عمل ولا طموح وأهداف.. وبوزن زائد يُهدد صحتي.. كان لا بد لي من أن أتخذ قرار التغيير، وأول تغيير بدأته كان في جسدي''.

وتكشف أنس أيضًا تأثير الجراحة على حياتها، والتحديات الجسدية والنفسية قبل العملية وبعدها، فتقول ''جربت كل أنواع ''الريجيم'' المعروفة وغير المعروفة، مارست الرياضة أيضا، بلا فائدة.. إلى أن سمعتُ وأنا في عيادة طبيبي لأجل تدخل طبي آخر عن عملية إنقاص الوزن، فاتخذت القرار بإجرائها فورا''. حاولت عائلتها ثنيها عن هذا القرار لما لمثل هذه التدخلات الجراحية من مخاطر ممكنة ومن آثار صعبة على الجسد، لكن أنس تشبثت بقرارها. 

وتقول ''في الولايات المتحدة يتم التحضير بشكل كبير لمثل هذا التدخل الجراحي، حصص إجبارية مع الطبيب النفسي، وتحضير ذهني وجسدي كبير.. لأني اليوم سأتناول المكملات الغذائية والفيتامينات لبقية حياتي.. بعد الجراحة صرتُ مجبرة على تناول ما يُعادل ''فنجان قهوة'' من الأكل..شرب الماء مزال يؤلمني..هذه العملية ليست بسيطة ولا يجب أن تكون خيار كل من يعاني من وزن زائد''. 

وعن حياتها بعد إنقاص ما يقارب 60 كيلوغراما من وزنها، تقول أنس ''كنت أظن أن مشاكلي جميعها ستُحلّ، أنا اليوم سعيدة بشكلي الجديد.. لكن مشاكلي ما تزال على حالها''. كما تصف حالة ''الاغتراب'' الذي ما تزال تعتريها في جسدها الجديد، ''كنت أمر أمام المرآة فلا أعرف نفسي.. وأعود لأتأكد من أنها أنا..''. 

هذا التحوّل منح هذه الأم الشابة  القوة والثقة لإجراء تغييرات كبيرة أخرى في حياتها، بما في ذلك عودتها إلى تونس. ''منذ سنوات عديدة أحلم بالعودة للاستقرار في تونس، لكن ظروفا صحية وخارجة عن نطاقي منعتني سابقا.. اليوم وبعد أن نجحت في إنقاص الوزن وتجاوز هذا الإشكال صرتُ مؤمنة أن بإمكاني تحقيق أي شيء وتغيير كل ما يجب أن أغيّره..عدتُ ومعي طفلاي لأعيش في بلدي، أملك أفكارا ومشاريع عديدة أنوي تحقيقها..''.

وفي رسالتها لكل من يعانون الوزن الزائد، أو من يريدون تحقيق تغيير جذري في حياتهم، تقول أنس ''أظن أن المُحاولة ضرورية.. كل من يملك هدفا أو قرارا مؤجلا أو لم يتجرأ بعد على تنفيذه عليه أن يحاول.. حتى وإن فشل في تحقيقه تكفيه شرف المحاولة''.

أمل الهذيلي