languageFrançais

هنّ الأمن الغذائي..تحية لمن كنّ في الصفوف الأمامية عند الشدائد

لا يختلف عاقلان في أن ما تعيشه المرأة العاملة في القطاع الفلاحي من وضعية اجتماعية واقتصادية صعبة، ما يعد انتهاكا لحقوق الإنسان ولجميع القوانين والاتفاقيات، مما دفع الجمعيات والمنظمات ومكونات المجتمع المدني إلى التجند مناصرة لهذه القضية والدفاع عنها .

فالعاملات في القطاع الفلاحي من حيث عددهن يمثلن 600 ألف امرأة بكامل تراب الجمهورية ثلثهن 1/3 بولاية جندوبة بفعل جغرافية المكان وامتداد المنطقة السقوية التي تمسح 40 ألف هكتار.

تساهم النساء العاملات في القطاع الفلاحي بنسبة 16 بالمائة في الناتج الغذائي الوطني، وذلك يمثل 8 بالمائة من الناتج الوطني الإجمالي، وإن كنت اليوم من مستهلكي زيت الزيتون والطماطم والتمور والبطاطا... فينبغي لك أن تعرف أن ذلك تم جمعه بأيادي نساء مكافحات.

ومع ذلك فقد ظلت ظروف العمل دون الانتظارات وتغيب فيها أبسط حقوق الإنسان التي تشمل النقل الآمن والأجور العادلة والضمان الاجتماعي.. الحوادث التي تحدث عندما تتنقل النساء إلى عملهن ليست نادرة الحدوث وتسببت في إزهاق حياة العديد منهن أو تؤثر على صحتهن وقدرتهن على جلب الطعام إلى موائدهن وإعالة أطفالهن. يحدث ذلك رغم من القوانين القائمة لحمايتهم، والتي لا يتم تفعيلها.

نحن الأمن الغذائي.. نحن في الصفوف الأمامية عند الشدائد

المرأة العاملة في القطاع الفلاحي بتونس عامة وجندوبة على وجه الخصوص قدمت أفضل الدروس زمن الكورونا ( كوفيد 19 ) و لم تبخل عن العباد والبلاد بالجهد من أجل توفير الإنتاج الفلاحي وتأمين الأمن الغذائي غير عابئة بمخاطر تتربص بها تنضاف لمخاطر التنقل غير الآمن. ولقد غذى التزامهن تجاه أحبائهم ومجتمعاتهم احتياجات البلاد الأساسية. وأظهرن أنهن جزء كبير من القاطرة التي تقود الاقتصاد نحو بر الأمان لكن هؤلاء النساء يتطلعن إلى واقع جديد وهن الأجدر ذلك.

ووسط هذا الزخم من الاضطهاد والتطلعات لواقع جديد تعالت أصوات النساء لتعلو وسط ظلمة الواقع المرير لتقول للجميع " أنا هنا ، عملي يحفظ نظام الغذاء الوطني وجهودي تطعم الأفواه والبطون" في صوت نادت به العاملة المجاهدة الهذبة البوكحيلي حين أضافت: " ليس منا من ظلم سواعد جادت عليكم بالخير والغذاء والحنان ووقفت شامخة عند المحن"  لتروي لنا بصوت عالي يسمعه الجميع حكاية " سلفتها منسية " التي راحت ضحية شاحنة الموت.

واليوم تقول إن دموع الأمس تحولت إلى فرح قد لا يترك وجوهنا لأن قضيتنا تحظى الآن بدعم الأفراد والمنظمات والموظفين العموميين والقانونيين ومكونات المجتمع المدني والدولي.

هو صوت بآلاف الأصوات يصدح إيمانا بأهمية التغيير أو هكذا تقول العاملة عزيزة هرمي: "بسواعدنا نسقي الأراضي ونحولها إلى خضرة وإنتاج وفير كسبنا به معركة الإنتاج والإنتاجية وبنفس السواعد التي تمتزج بالفكر وتطلعنا لغد أفضل سيكون لنا ما نريد وسنضع اليد في اليد مع كل راغب في مناصرتنا من جمعيات ومكونات المجتمع المدني والمنظمات حتى ننعم بنقل آمن وأجر عادل وكرامة وظروف عيش كريم ولا يبقى التغيير مجرد حلم  " .

هذا التغيير الذي بات اليوم ضروريا، بينما احتفلنا مؤخرًا بالأيام الست عشرة للنشاط الجمعياتي، بات ملحا الانضمام إلى هؤلاء النساء في الدعوة إلى العدالة.

يجبأن ترفع الأصوات وتكون مسموعة حتى تقوم السلطات بدورها في تفعيل القوانين القائمة لمنح النقل الآمن حتى تتمكن النساء العاملات في القطاع الفلاحي من الذهاب إلى العمل والعودة إلى ديارهن ولأسرهن في ظروف امنة، وأيضا من أجل وضع قوانين وسياسات جديدة تضمن المساواة بين الرجال والنساء العاملين في هذا المجال، والأجور العادلة والضمان الاجتماعي.

يجب الاعتراف فعليا بمساهمة المرأة في مجتمعنا وتكريمها، فإن تعزيز وتنفيذ هذه التغييرات هو الشيء العادل الذي يجب القيام به.

عبد الكريم السلطاني