languageFrançais

كرشيد: إقحام المراسيم في إسقاط قائمات التشريعية بصفة مباشرة خطأ جسيم‎‎

نشر النائب بالبرلمان الممعلقة إختصاصاته، والناشط السياسي  مبروك كورشيد تدوينة على حسابه بفيسبوك بخصوص بحث رئيس الجمهورية عن حلول قانونية لإسقاط قوائم إنتخابية لقيامها بتجاوزات خلال الإنتخابات التشريعية لسنة 2019، وفقا لتقير محكمة المحاسبات.
 

واعتبر أنّ بحث رئيس الجمهورية إمكانية التدخل بالمراسيم لحل هذا الإشكال يمثّل دعسا على القوانين، وخطأ جسيما . وقال في هذا السياق: "اعتقد ان مقصود رئيس الجمهورية هو هذا من خلال قوله بامكانية  التدخل بالمراسيم فى تصريحه امام العميد الصادق بلعيد والأستاذ امين محفوظ  فان كان غير ذلك وقصد الى اصدار مراسيم بالإلغاء المباشر لبعض القوائم ولعضوية بعض النواب فان الأمر تعد على اختصاص القضاء وحقوق المتقاضين اذ لا يجوز الطعن فى المراسيم .لا من حيث القانون ولا من حيث الاجراءات فى ضل غياب محكمة دستورية ."

 

وفي ما يلي تدوينة كورشيد:

 

''بعد خطاب رئيس الجمهورية : هل يجوز اسقاط قوائم انتخابية بالمراسيم ؟ هل دخلنا مرحلة الدعس والعفس على القوانين ؟ 


اثار رئيس الجمهورية امس عند لقائه استاذين جامعين يدرسان القانون الدستوري مسالة التمويل الاجنبي للمرشحين للبرلمان ،مكررا ان محكمة المحاسبات انتهت الي ثبوت التمويل الاجنبي لبعض القوائم والاحزاب الفائزة فى انتخابات التشريعية 2019 ،بتقرير محكمة المحاسبات المنشور بالرائد الرسمى التونسي  ولكن القضاء لم يرتب النتائج على ذلك الامر الذي يمثل جريمة انتخابية  الى الان وهو ما استوجبه القانون الانتخابي وخاصة احكام الفصل 163منه، الذى يفرض اسقاط القائمة برمتها وحرمانها من الترشح فى الانتخابات القادمة.


اذ نصت أحكام الفصل المذكور "مع  مراعاة مقتضيات الفصل 80 ،إذا ثبت لمحكمة المحاسبات أن المترشح أو القائمة قد تحصلت على تمويل أجنبي لحملتها الانتخابية فإنّها تحكم بإلزامها بدفع خطية مالية تتراوح بين عشرة أضعاف وخمسين ضعفاً لمقدار قيمة التمويل الأجنبي. 
ويفقد أعضاء القائمة المتمتعة بالتمويل الأجنبي عضويتهم 
بمجلس نواب الشعب ويعاقب المترشح لرئاسة الجمهورية المتمتّع بالتمويل الأجنبي بالسجن لمدة خمس سنوات. "
ان تطبيق هذا النص ،الذي يجب ان نقر مرة اخري انه  سيئ الصياغة  من حيث اختصاص الجهة القضائية بالتعهد وكذلك تسقيف النظر فى الطعون ان كان نتيجتها الإسقاط من العضوية يجعل من المنطقى والطبيعى ان لا يكون العقاب خارج الاجال المعقولة له . وهو الامر الذي ما فتئ يكرره رئيس الجمهورية ويعتبر ان البطئ متعمد لتفويت الاجال بما يجعلها غير ذي  موضوع .
نعود الى أحكام هذا النص الغريب الصياغة كما قلت وكيفة معالجة نواقصه وما يثيره تبعا لذلك  من ملحوظات:  
 اولا: فى خصوص مسالة الاختصاص بالتعهد بإسقاط القائمة والحكم عليها بالحرمان من الترشح فى الانتخابات القادمة، فان المشرع لم يقل من هى الجهة القضائية المختصة بالنظر او عن أي جهة يصدر القرار بالاسقاط من عضوية البرلمان واين يقع الطعن في ذلك القرار   .
ويثار فى هذا السياق وبصفة  اولية فى خصوص القوائم الحزبية  ان كان المقصود من أحكام الفصل 163المذكور ان الجزاء بالاقساط يكون  مسلطا على الحزب بالدائرة الانتخابية او بكل الدوائر أو ان المنع سيتم على الافراد المترشحين او على ترشح الحزب فى حد ذاته.
فان  الراي الاغلب هو ان يكون المنع مسلطا على الحزب بكل مواقع ترشحه وليس فقط على بعض أفراده ان  تعلق الأمر بتمويل للحزب فى حد ذاته اما اذا تعلق الأمر بتمويل احد القوائم الحزبية او الفردية تكون العقوبة محدودة فى تلك القائمة وان كانت مرتبطة ومنصهرة ضمن حزب .  اعمالا لقاعدة شخصية الجريمة والعقاب .
اذا لم يحدد  المشرع اي  جهة قضائية مختصة صراحة فى القول بإسقاط القائمة .غير ان الاختصاص العام فى اسقاط القوائم الانتخابية يعود إلى المحكمة الادارية وليس الى محكمة المحاسبات او الى محاكم الحق العام بعد صدور قرار القضائي  بثبوت التمويل الاجنبي .
القرار الاداري القاضي باسقاط القائمة بثبوت التمويل الاجنبي يكون مبنيا على تقرير محكمة المحاسبات  بعد صدور تقريرها  فى ظرف الستة اشهر كما يوجب القانون ،وذلك هو الأرجح  فى ضل غياب نص صريح يسند الاختصاص للهيئة أسوة بأنها  الجهة المصدرة للقرار النهائي بقبول وثبات الترشح ثم بتزكيتها نتيجة الانتخابات وإصدار القائمة النهائية للفائزين وأشهارها طبق القانون .
كان يفترض ان يتولى المشرع تحديد اجل قدره فى أقصى الاحوال شهرا من تاريخ إشهار تقرير دائرة المحاسبات لقرارها فى ثبوت وجود التمويل الاجنبي لتتولى الهيئة من جديد إعداد قائمة جديدة للفائزين وإيقاف من وجب اسقاط عن مباشرة العمل النيابي  وتعويضه بغيره فى القائمة .وينفذ هذا القرار فور صدوره ولا يوقف  تنفيذه  الا بقرار صريح من الرئيس الأول للمحكمة الادارية فى اجل قصير لا يتعدى الاجل الممنوح لاداء اليمين للنائب المعوض .
   اذا الامر معقد من الجهة الاجرائية و الفصل 163 اعطى أحكام مطلقة وبدون اجل للبت فى هذا المانع القانوني من ممارسة العمل النيابى. 
اليوم بات الأمر بيد رئيس الجمهورية بمقتضي أحكام الأمر عدد 117 المنظم للسلط العمومية فى حالة الاستثناء ، وبغض النظر على الشرعية لهذا الامر والمشروعية التى دعت اليه ،فان لرئيس الجمهورية بمقتضى المراسيم ان يقوم حاليا  بتعديل أحكام الفصل 163 من القانون الانتخابي اما بالاقحام المباشر فيه او بنص مستقل يحدد من خلاله الاختصاص فى الحكم بسقوط القائمة وطرق الطعن فيه واجال دخوله حيز التنفيذ .
اعتقد ان مقصود رئيس الجمهورية هو هذا من خلال قوله بامكانية  التدخل بالمراسيم فى تصريحه امام العميد الصادق بلعيد والأستاذ امين محفوظ  فان كان غير ذلك وقصد الى اصدار مراسيم بالإلغاء المباشر لبعض القوائم ولعضوية بعض النواب فان الأمر تعد على اختصاص القضاء وحقوق المتقاضين اذ لا يجوز الطعن فى المراسيم .لا من حيث القانون ولا من حيث الاجراءات فى ضل غياب محكمة دستورية .
اقحام المراسيم فى اسقاط القوائم التشريعية بصفة مباشرة سيكون خطأ جسيما يضاف الى اخطاء اخري كلها ستكون مادة للتأكيد على اخطاء الرئيس الكبري الماسة من الحريات العامة والخاصة .
المبروك كرشييد 
محام ونائب لم يصعد بتمويل أجنبي ''